سطّر أطفال حلب بصمودهم أمام قوة الحديد والنار ومختلف أنواع الأسلحة، الكيماوية والغازات السامة والصواريخ المتفجرة تحديات تشهد لهم مع أهلهم الشرفاء بعزيمة الصمود وحب التمسك بأرض الوطن وأرض الأجداد وعدم تسليمها للطامعين والخروج منها بالباصات الخضراء التي أعدت مسبقاً لترحيلهم بعد سياسة الضغط بقوة الطيران وتضييق الخناق بحصار شديد من قبل نظام يضحي بآخر مدني في حلب لينتزع منه الأرض رغماً ويسيطر على تراب مجبول بدماء أهلها الأبرياء.
أكثر من ثلاثمئة شهيد وألف جريح خلال ستة أيام من قصف النظام في حلب ستة أطفال من عائلة واحدة قضوا حتفهم خنقاً بغاز الكلور نتيجة قصفه على الأحياء المدنية لتزداد المحرقة اشتعالاً ويصبح الأطفال فيها شاهدا على همجية القصف ومع رفض النظام لمقترح إدارة ذاتية شرقي المدينة تتشابك الآلام وتطول.
مع تقديم مبعوث الأمم المتحدة “ديمستورا” اقتراحاً بتشكيل إدارة ذاتية في شرقي حلب الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة، مشيراً إلى أن الوقت ينفد بالنسبة للوضع في حلب جاء بالطبع رفض نظام بشار على لسان وزير خارجيته “وليد المعلم” وبشدة ووصفها أنها تنال من (السيادة الوطنية).. طبعا مفهوم السيادة الوطنية موضوع بين قوسين لأن المصطلح لم يعد يتصل بالنظام السوري إلا من خلال التسمية!
بيد أن السؤال المطروح منذ فترة على الساحة والمتعلق بجدلية مكافئة الأمم المتحدة للمعارضة بالترويج لإدارة ذاتية شرقي حلب من جهة وجدلية مكافأة المنظمة الدولية للنظام بتقديم جرعات متجددة لخروج المعارضين من المناطق التي يتمركزون بها يظل مطروحاً دون إجابة..
في هذه الأثناء ومع انسداد الآفاق الخاصة بحلول سياسية للأزمة الحالية في حلب يزداد الوضع سوءاً وألماً من مختلف جوانبه ويظل عنوانه البارز “القصف المستمر لطائرات النظام وحلفائه الروس” تحت ذريعة تخليص أهل حلب ممن يسميهم النظام بالإرهابين وكأن ذلك لا يحدث إلا بإبادتهم وتدمير البنى الأساسية في مناطقهم.
بأي ذنب يتم قتلنا؟! هو السؤال الأصعب الذي لم يجد له أطفال حلب وإدلب وحمص بل أطفال سوريا أجمع جواباَ شافياً.. أي إرهاب يسكن داخل الأجساد النحيلة التي تشكو ضعفاً فطريا وخوفاً لمجرد سماعها لهدير الطائرات المدوية في السماء قبل أن تروي حمولتها لتحصد المزيد من أرواحهم البريئة؟! لكن مع كل تلك التصعيدات صمد الأطفال مضحين بأجسادهم أمام جبروت روسيا التي تقدم أحدث ما توصلت إليه من أسلحة محرمة لتجعل من أجسادهم حقل التجارب وتغرق سوريا وحلب على وجه الخصوص بالدماء التي طال سفكها تزامنا مع عجز إقليمي، وصمت دولي.
مع رفض الخروج تصاعدت وتيرة أسطورة الصمود التي لن يتخلى عنها الأهل في حلب كما حدثنا عنها أبو فيصل (55 عاماَ) لدى سماعنا لحديثه المرتفع في شارع حيّه المنكوب قائلاً “لن نترك حلب حتى لو دفنا تحت منازلنا.. لن نركب الباصات الخضر.. ولن ندع الشيعة تأخذ أرضنا غصباً”.. سقطت دموع الحزن من عينيه وعاد ليدعو الله بتعجيل الفرج ونصرة الحق”
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد