يمر شهر رمضان لهذا العام على السوريين في ظروف تكاد تكون الأقسى في تاريخهم، بعد أن غابت الجمعات الرمضانية للعائلات وتشتت الأسرة الواحدة في عدد من الدول، بسبب الحرب وساءت الأوضاع الاقتصادية في عموم البلاد بعد عشرة سنوات من حرب نظام الأسد على شعبه وفي ظل عقوبات دولية طالت البلاد لاستخدام نظامها القوة المفرطة والأسلحة المحرمة دولياً في قمع ثورة بدأت سلمية.
في هذا اليوم الرمضاني الذي يكاد يكون كيوم عادي بعد أن غيبت الظروف الاقتصادية الطعام عن غالبية السفر في البيوت السورية، تقول أم عبد الله، نازحة من ريف حماة إلى مخيمات ريف إدلب الشمالي: كنا نجتمع في أول يوم من رمضان في بيت أهل زوجي، كحال غالبية العائلات في بلدتنا، فقد كان اليوم الأول من رمضان أشبه بيوم عيد فتسمع ضجيج الأطفال يملأ منزل الجد وترى الطناجر ” القدور” موضوعة على المواقد يطهى بها ما لذ وطاب من الطعام.
تتابع أم عبدالله حديثها وتقول مع اقتراب أذان المغرب يدخل الجد إلى البيت ويحمل من الحلويات ما تشتهيه النفس، وفي هذه الأثناء تكون الجدة قد جهزت شراب السوس والتمر الهندي، وما أن تسمع صوت المؤذن يصدح بأذان المغرب فتكاد لا تجد لنفسك مكان على مائدة الطعام.
وتتابع حديثها قائلة: أما اليوم وبعد أن شردنا نظام الأسد، فقد غابت اللمة الجميلة وضعفت القدرة على شراء، فقد أصبحت المقبلات هي الطبق الرئيسي على موائد النازحين، فاللحم لا يستطيع إلا القليل من الناس شرائه بعد أن وصل سعر كيلو الخروف إلى أكثر من 45 ليرة تركية، كما غابت الحلويات تماماً لارتفاع أسعارها أيضاً.
وتضيف أم عبد الله بعد أن كنا نعمل في الزراعة ونملك دخلاً يوفر لنا حياة كريمة، أصبحنا اليوم نازحين ننتظر من يقدم لنا يد العون بعد أن غابت فرص العمل وانخفضت أجور العمال وأصبحت لا تكفي ثمناً للخبز وبعض الخضار.
بعد أن سمعنا شهادة أم عبدالله عن الوضع في المخيمات التي تعتبر أفضل حالاً من مناطق سيطرة النظام التي تعصف بها الأزمات؛ فلا محروقات في محطات الوقود ولا طحين في الأفران فيما فقد غاز الطهو في المطابخ، وسط انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي والارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية بشكل عام، يقول سالم موظف في أحد مؤسسات النظام براتب شهري لا يتجاوز الـ 60 ألف ليرة سورية -ما يعادل 20 دولار تقريباً – ويسكن في مدينة حماة الخاضعة لسيطرة النظام: “ذهبت اليوم لأشتري بعض المواد من أجل تحضير طبق الإفطار في أول يوم رمضاني أردت أن أشتري بعضاً من لحم الخروف، كما جرت العادة في أول يوم رمضاني، لكن كان سعر الكيلو بلغ 24000 ليرة سورية فاكتفيت ببعض الخضروات”.
كما تغيب الحلويات عن الموائد في مناطق سيطرة النظام أيضاً، بعد أن ارتفعت أسعارها إلى بما يفوق طاقة المواطنين، فقد وصل سعر الكيلو الواحد من الحلويات ذات الجودة المتوسطة إلى 25000 ألف ليرة سورية، ما يجعل التفكير بشرائه شيئاً صعباً.
تغيرت كل عادات المجتمع السوري واختفت كثير من العادات الرمضانية وأصبح أكثر من 90 % من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر فيما هجر أكثر من نصف السوريين منازلهم بفعل الحرب التي شنها النظام على شعبه، وما زال الشعب السوري يقاسي مرارة النزوح واللجوء والحرب بعد أن عجز المجتمع الدولي عن حل مشكلتهم وإزاحة النظام عن حكم سوريا، عقب عشرة سنواتٍ عجافٍ، آملين في أن يأتي عامٌ يغاث فيه الناس.
- المركز الصحفي السوري
عين على الواقع