يتصل اللاجئون السوريون بأبي عمار ليساعدهم على اجتياز البحر إلى أوروبا. يتابع أبو عمار معهم تطورات رحلتهم ويرشدهم للاتجاه الصحيح، الذي ينبغي عليهم سلوكه باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي GPS، إلى جانب التواصل مع خفر السواحل لإنقاذ القوارب التي تحتاج إلى نجدة.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، فقد أصيب محمد أبو عمار بقذيفة في الأيام الأولى للحرب في سوريا. وروى أبو عمار ما حدث قائلاً: “أصبت بقذيفة في يوم طبيعي كنت متجهاً فيه إلى عملي. كانت الحرب قد بدأت، لكن المنطقة التي كنت أسكنها لم تكن قد دخلتها الاشتباكات بعد. دخلت شظية صغيرة في النخاع الشوكي بالفقرة العاشرة فأصبت بتشنج في النخاع الشوكي، نتج عنه شلل في الجزء السفلي من جسمي”.
قال أبو عمار، الذي ترك سوريا عام 2013 في رحلة بالبحر، حتى وصل إلى ألمانيا، واصفاً تجربته: “من الصعب على الإنسان أن يترك بلده، لكن الحرب في سوريا أصبحت طاحنة ولم يعد الأمان موجوداً”.
وأضاف أبو عمار، متحدثاً عن أثر تلك الرحلة على أطفاله: “لما وصلنا إلى اليونان، كان ولدي عمار، الذي كان حينها في الخامسة من عمره فقط، يبكي ويقول: بابا، هل نحن في أمان الآن؟ لم يعد هناك المزيد من البحر؟”.
قرَّر أبو عمار مساعدة اللاجئين الذين يمرون بنفس تجربته، عن طريق مساعدتهم على العبور إلى أوروبا وحدهم دون مهربين تجنباً لتعرضهم للنصب.
اتصل بعض اللاجئين بأبي عمار يخبرونه أن محرك قاربهم قد انطفأ، ويسألونه عن كيفية التصرف. سألهم أبو عمار عن نوع المحرك. حين أخبروه قال: “هناك احتمالان: أن يكون هناك بعض القاذورات الملتصقة بالمروحة، وهي الاحتمالية الأكبر. أو أن يكون المحرك قد سخن، وفي هذه الحالة أطفئوه خمس دقائق ثم أعيدوا تشغيله”.
في حالة أخرى اتصل لاجئ مذعور بأبي عمار يسأله عن الاتجاه الذي ينبغي لقاربهم سلوكه. أخبره أبو عمار أن يتجه يميناً من نقطة الانطلاق، وطلب منه تهدئة باقي الركاب. لم ينته توتر الموقف إلا بعد أن تلقى أبو عمار مكالمة من القارب تخبره بوصولهم سالمين، فتنفس الصعداء أخيراً.
وقال أبو عمار متحدثاً عن المصاعب التي يواجهها: “أحياناً، وبشكل لا إرادي، ما يشبه الانهيار العصبي. في إحدى المرات سمعت مكالمة يصرخ فيها الناس: (أنقذوا فلاناً أنقذوه!) ثم سمعت بعدها من يقول: (اتركوه. اتركوه. لقد مات!) هذا موقف رهيب!” وأضاف أبو عمار: “لا أدري فيم يفكر بعض الناس! أحياناً نحذرهم أن البحر هائج، ومع ذلك يذهبون، وكأن أوروبا سوف تهرب منهم!”.
وأضاف: “لم أغير رقمي حتى الآن. حتى رقمي على واتساب كما هو. إذا جاءتني مكالمة استغاثة لا أتردد في المساعدة، ولكن أحياناً لا أستطيع”.
رقم أبي عمار واحد من أكثر الأرقام تداولاً بين اللاجئين السوريين، إذ هناك 80 ألف شخص في شبكته. حتى الآن أرشد أبو عمار أكثر من 900 قارب في طريقها إلى البحر، وأنقذ بذلك ما لا يحصى من الأرواح.
هافنغتون بوست