قدم الكاتب الأمريكي المعروف “مارك دوبويتر” الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات نصيحة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للتصدي للخطط الإيرانية في العالم عموماً, وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص, حيث رأى الكاتب الأميركي انها الطريقة الأمثل للتعامل مع إيران, واقتبس الأسلوب من تاريخ الرئاسة الأمريكية إبان الحرب الباردة مع الإتحاد السوفييتي, حيث رأى أن أفضل أسلوب لكبح جماح إيران التي باتت الولايات المتحدة الأمريكية تعتبرها مصدر قلق كبير, ولاعب سيء على الساحة الدولية, هو ذاته الأسلوب الذي اتبعه الرئيس الأمريكي الأسبق “رونالد ريغن” مع الإتحاد السوفييتي.
فبحسب الكاتب أن ترامب سبق وأطلق رسالة واضحة زادت من أسهمه في قاعدته السياسية في الداخل, وقد تبنت هذه الرسالة حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الرئيسيون في منطقة الشرق الأوسط, وتعبر تلك الرسالة عن وجهة نظر ترامب أن إيران هي دولة إمبريالية وقمعية متوحشة, وإذا تهاون المجتمع الدولي في كبح جماح أطماعها, فهي حكماً في طريقها لامتلاك أسلحة نووية, ومن أجل الحيلولة دون مثل هذا التهديد, ينبغي على ترامب أن يطبق صفحة من كتاب الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان, الذي استخدمه في صراعه مع الإتحاد السوفييتي الذي انهار فيما بعد.
في مطلع الثمانينات من القرن العشرين, نقل طور ريغان استراتيجياته بالتعامل مع الإتحاد السوفييتي حيث تحول من استراتيجية الاحتواء التي ظل يتبناها أسلافه إلى طريقة مختلفة تتمحور حول إمكانية حد وتقليص التوسع المخيف لدولة السوفييت, وكانت النقطة الأساسية التي انطلقت منها خطة ريغان الجديدة هي الاعتراف بأن الاتحاد السوفييتي عبارة عن نظام عدواني ثوري, متآكل ومتصدع في بنيته الداخلية وهذا ما سيسهل من هزيمته.
وتم تحديد سياسة ريغان عام 1983 في ما يعرف بـ”الخطوط الإرشادية لقرار الأمن القومي 75″، وهي استراتيجية شاملة تدعو إلى استخدام جميع أدوات القوة الأميركية، العلنية منها والسرية. وتضمنت الخطة تطويراً دفاعياً هائلاً للإمكانات، وحرباً اقتصادية، ودعم قوات عميلة معادية للسوفييت، ومنشقين عن موسكو، وهجوماً شاملاً ضد شرعية النظام الأيديولوجية.
لذلك يتوجب على ترامب والذي هو شخص “محنك” أن يحتذي بالطبعة السابقة لكتاب ريغان عن طريق إصداره لطبعة جديدة من “الخطوط الإرشادية لقرار الأمن القومي 75”, وينظم أنشطة معادية للنظام الإيراني, لأنه من الضرورة والحكمة اليوم أن تقف الإدارة الأمريكية موقف أخلاقي لتدرس كل جانب من جوانب الخطر الإيراني ككل بالتشارك مع ملف البرنامج النووي, لأن موقف الرئيس السابق باراك أوباما ومقاربته للمسألة لم تكن بحجم التهديد الحقيقي, حيث ركز فقط على قضية نزع السلاح, مما أصاب السياسة الأمريكية بالشلل على صعيد العالم.
وبموجب اتفاق أوباما النووي، الذي تعتريه العيوب تماماً من كل جانب، فإن طهران لا تحتاج إلى الغش والخداع للوصول إلى قدرات الحد الأدنى من تطوير الأسلحة النووية، فبمجرد انتظارنا للقيود الرئيسة لتفعل فعلها، يستطيع النظام الإيراني أن يطور برنامج تخصيب على مستوى صناعي خلال العقد المقبل، ويستطيع أن ينجح في إحداث اختراق، ويسلك طريقاً سرياً سهلاً لتصنيع رأس حربية نووية، وصواريخ باليستية بعيدة المدى، وأسلحة تقليدية، ويزيد من هيمنته الإقليمية، وتطوير اقتصاد أكثر قوة، وعلى نحو متزايد يستطيع أن يقاوم الحصار الغربي المفروض على البلاد. ويمكن أن نطلق على هذا السيناريو “الدولة الإيرانية الفتاكة”.
واختتم الكاتب نصيحته بالتشخيص التالي:
يجب على واشنطن أن تعمل على هدم الشبكات الإرهابية للنظام الإيراني وأن تؤثر على عملياتها، بما في ذلك تواجد مثل هذه الشبكات في أوروبا والولايات المتحدة، وهذا يعني العمل بشكل وثيق مع الحكومات السنية المتحالفة معنا، لمواجهة التخريب الإيراني لمجتمعاتها. ويبدو أن الهجوم الأميركي قد بدأ بالفعل: مدير وكالة المخابرات المركزية سي آي إيه، “مايك بومبيو”، يضع الوكالة على أهبة الاستعداد ضد أي هجوم مفترض أو متوقع لهذه الشبكات العالمية من خلال وضع برنامج عمل أكثر سرية.
أي عمل تنفذه واشنطن لمواجهة طهران يجب أن يهدف لإضعاف الموارد المالية للنظام الإيراني، ويجب أن تستهدف التدابير الصارمة حراس النظام، وهم قوات الحرس الثوري الإيراني، تلك القوة المهيمنة على الاقتصاد الإيراني. ويبدو أن إجازة العقوبات الجديدة, التي تصنف الحرس الثوري كياناً إرهابياً، والتي وافق عليها مجلس الشيوخ أخيراً بـ98 صوتاً، والعقوبات المفروضة على إيران، والتي تتجاوز أكثر من 40 عقوبة هذا العام – جميعها تمثل بداية طيبة، ولكن لايزال أمامنا الكثير من الامور التي نحتاج للسيطرة عليها مثل نقل الحرس الثوري الإيراني إلى “حزب الله” اللبناني قدرات إنتاج صواريخ ذات حجم صناعي على الأراضي اللبنانية، ما قد يشعل فتيل الحرب المقبلة بين إسرائيل و”حزب الله”. وقد يكون السبيل الوحيد للحيلولة دون عمليات نقل القدرات هذه، وبالتالي وقف الحرب هي عقوبات اقتصادية هائلة على إيران.
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي.