والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين
لا تخفى على أحد الفوائد الجمة للزيتون وزيته على الصحة البشرية؛ فهو من أهم المواد الصحية الرئيسة لأنه يتمتع بارتفاع نسبة الفيتامينات وخاصة (أ /د /ك/ هـ) أيضا هو مضاد للأكسدة في الجسم، ويمثل الحل الأمثل لعلاج كافة مشاكل الجهاز الهضمي تقريبا..
ولطالما كانت سوريا تحتل مراتب متقدمة في انتاج زيت الزيتون، ففي السنوات العشر الأخيرة حافظت على المرتبة الرابعة عالميا كمعدل وسطي، وتنتج سنويا 8% من الإنتاج العالمي وتتوافر في سوريا أجود أنواع زيت الزيتون، وتحتضن محافظتا حلب وإدلب معظم الإنتاج السوري من الزيتون الذي يعد مصدرا للغذاء الأساسي لسكان هذه المناطق من جهة ومصدرا للرزق والتجارة من جهة أخرى.
في الآونة الأخيرة شاعت ظاهرة في المناطق المحررة تخص أشجار الزيتون، حيث تأثرت أشجار الزيتون ككل شيء في سوريا برحى الحرب الدائرة في البلاد فضعف إنتاجه، وانهكت أشجاره، لعوامل عدة كقلة التهطال المطري وتوالي سنوات الجفاف والغازات السامة المنبعثة في الجو؛ نتيجة للغارات المتكررة من القنابل والصواريخ التي تستهدف المنطقة برمتها كل تلك المشكلات أثرت في أشجار الزيتون وأصابتها بأمراض عدة، إضافة لضعف الاهتمام والعناية من قبل الفلاحين لانشغالهم بظروف الحرب وويلاتها، وارتفاع ثمن تلك العناية (فلاحة، تقليم “شحالة”، تسميد، أدوية زراعية وغيرها) هذا الأمر أدى بأشجار الزيتون إلى أن يتوقف عن العطاء أو يقترب من ذلك، فانخفض الإنتاج هذا العام بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي الذي كان بدوره منخفضا عمّا قبله، وهكذا..
وإذا عدنا للظاهرة فهي اقتلاع أشجار الزيتون واستبدالها بأشجار التين، والدافع هو ارتفاع أسعار التين المجفف بشكل كبير في السنوات الأخيرة خاصة من عمر الثورة ، ووصلت مستويات قياسية 1600ل. س للكيلو غرام الواحد، ولا تحتاج شجرة التين، إلى عناية كبيرة مقارنة بشجر الزيتون، الأمر الذي زاد من طمع أهالي المناطق المحررة المشهورة بالصنفين كليهما، فبدؤوا باستبدال أشجار الزيتون بأشجار التين، يقول “أبو رائد ” والله قلعنا أشجار الزيتون لأنه ما ع بشيل همه.. وهيك منكون ضربنا عصفورين بحجر واحد، كسبنا نصب تين، أبو المرابح العالية، وخلصنا من هم المازوت والحطب وبرد هاي الشتوية).
الظاهرة جعلت حقول المناطق المحررة تبدو على شكل حفر ممتالية خالية من أشجارها المباركة التي كانت تزدان بها فلسنا اختصاصيين لكي ندرك أو نتحدث بالخلل البيئي المترتب عن هذه الظاهرة ولكن حكما هو أمر مضرّ، له سيئات سيشعر بها من أقدم على هذه الخطوات في السنين القليلة القادمة، خاصة عندما سيصبح الزيتون وزيته الذي يترأس كل فطور بجوار مدافئ الشتاء نادرَ الوجود وباهظ َ الثمن لا يقوى على شرائه الغني فكيف الفقير الذي لطالما كان زاده وزوادته؟!
للأسف ظاهرة الاقتلاع وأيا كانت دوافعها غلاء محروقات استعماله للتدفئة قلة الإنتاج لا يمكن تبريرها أو تأييدها من قبل عاقل ولسوف تظهر نتائجها في زمن ليس ببعيد، الحرب في سوريا لن تعيش عمر شجرة الزيتون التي زرعها جدي لأقتلعها أنا، ومآلها أن تنتهي حتى وإن دامت ربع قرن لكن شجرة الزيتون ستدوم قرنا كاملا بعطائها نفسه، وهي في جذورها ثابتة، والسؤال:
النظام وأتباعه يحاولون الضغط علينا بكل وسائلهم لاقتلاعنا من جذورنا فهل نساعدهم نحن في اقتلاع شجر الزيتون الذي هو جزء من وجودنا في هذه المنطقة؟َ!
شاديا الراعي
المركز الصحفي السوري