كما الموت.. لا يعرفون زماناً ولا مكاناً.. ينتشرون في الشوراع والأزقة كغمام أسود، يبثون الرعب في قلوب أرهقها الخوف من المجهول، هكذا هو حال السوريين اليوم لا أمان حتى في بيوتهم، حتى أصبح الموت رحمة من سجون الأسد وعصابته.
سناء إمراة من الجولان المباع تسكن في حي الزاهرة في دمشق وأم لأربعه أطفال زوجها ووالدها معتقلين في سجون الظلام منذ أكثر من سنة، ولا تعرف عنهم شيئاً حتى الآن، لتلحق بهم إلى السجن وتهمتها أنها زوجة أحدهم وإبنةٌ للآخر؛ روت سناء قصة اعتقالها وكيف داهم عناصر الأسد منزلها حيث تقول: “لم يكتفي الشبيحة باعتقال زوجي وأبي بل داهموا بيتي وقاموا باعتقالي أنا وأخوات زوجي الثلاثة، أخذونا إلى فرع المنطقة بدمشق وعند وصلونا للفرع فرقونا ومنذ وصولنا إلى هناك لم أسمع عنهنّ شيئاً”.
فرع المنطقه المعروف بأنه أحد أكثر فروع الأمن إجراماً، كان المستقر للمرأة التي لم تزر يوماً حتى مخفراً للشرطة، تقول سناء إن القتلة هناك لم يُحققوا معها أبداً ولم يسألوها عن أي شيء أو عن أي أحد، عاشت فترة اعتقالها هناك ولم تعرف خلالها إلا التعذيب ،تقول سناء: “بقيتُ في فرع المنطقة شهر وعشرون يوماً، تعرضتُ خلال هذه الفترة لشتى أنواع التعذيب، من الضرب بالكرباج إلى الإيهام بالموت عن طريق الغرق، بالإضافة إلى سكب الماء البارد طبعاً مع جلسات مطولة من التعذيب بالكهرباء والركل بأقدام العناصر، ناهيك عن الكلام القذر الذي نسمعه صباح مساء من عناصر الاسد الذين امتهنوا التعذيب”.
استمرت سناء بالحديث أكثر من ثلاث ساعات؛ تخللها عشرات الوقفات من نوبات البكاء والصراخ عند السؤال عن تفاصيل تعذبيها في ذلك الفرع، كانت تبكي طوال حديثها عن فترة إعتقالها، توصل سناء الحديث عن تلك الفترة: “عندما كنتُ في الزنزانة كان معي نسوة من درعا وريف الشام والست زينب، ومن بين النسوة إمراة من حمص لا أستطيع نسيان تفاصليها، كان عمرها ما يقارب الثلاثين عاماً، وكانت حامل بالشهر الخامس، عُذبت تلك المرأة وضربت من قبل عناصر الفرع حتى نزفت وسقط جنينها.. وبعد فترة قاموا بنقلها إلى جهة لم نعلمها.. ربما ماتت، أما الفتاة الدرعاويه والتي كانت أجمل السجينات، فقد كان جمالها وبالاً عليها، اغتصبوها كثيراً، بعد كل جلسة تعذيب أو تحقيق كانت تُغتصب، وعند عودتها إلى الزنزانة كانت تدعي الله أن تموت، وبالفعل بعد شهر من وجودي هناك توفيت في الزنزانه”.
خرجت سناء من ذلك الفرع بعد شهر وعشرون يوماً، ونقلت إلى سجن عدرا المركزي الذي سجنت فيه شهراً آخر،ثم خرجت هي وعدد من المعتقلات والمعتقلين بعد عرضهم على المحكمه، حاولت والدتها ان تقنعها بالسفر الى الاردن لكنها رفضت منتظرةً زوجها وأبيها.
تعيش سناء حاليا في إحدى ضواحي دمشق برفقة والدتها وأبنائها، والكثير من القصص والأحداث التي استطاعت سناء رواتيها أو توثيقها، ويبقى والكثير في جعبتها ترفض البوح به ربما لبشاعته.
سناء واحدة من مئات المعتقلات ربما كان حظها جميلا، أنها خرجت من تلك السجون وعادت لها الحياه مرة اخرى
بقلم: الاء جولان