تعد سوريا من الدول الغنية بالزراعة، وبالتنوع في المحاصيل الزراعية، وانتشرت في سوريا كثرة زراعة الخضروات، لتأمين الاكتفاء الذاتي، وعدم الحاجة للسوق الخارجية، فكانت الخضروات تملأ الأسواق السورية وبأسعار زهيدة، لكن هذا الواقع بدأ بالتراجع مع قيام الحرب السورية، فانخفضت الزراعة بشكل شبه كامل، بسبب عمليات النزوح والتهجير، وخاصة في الريف الشمالي لحماة، الذي يعد الخزان الحيوي لخضروات الشمال، والمعارك التي تدور بين الحينة والأخرى، فبدأت الأسواق تخلوا من الخضار.
“محمد” مزارع من قرية تل ملح بريف حماة الشمالي ونزح إلى ريف إدلب يقول: “لم نعد نستطيع زراعة أراضينا بعد أن دخلها الجيش وخربها نتيجة حفر الخنادق والمتاريس التي أنشأها، ناهيك عن عمليات القنص والمعارك التي تندلع بين الحين والأخرى، الأمر الذي أثر سلباً على أسعار الخضار في الشمال المحرر”.
مع الهدوء النسبي الذي شهده ريف حماة لما يقارب العام، عادت زراعة الخضروات من جديد، الأمر الذي أعاد بعض الحياة إلى أسواق الشمال، لكن جشع قوات النظام لم ينهي أزمة الخضار، بسبب عمليات النهب والسرقة للشاحنات المحملة بالخضار، على الطريق المؤدي إلى المناطق المحررة.
أحمد يملك شاحنة لنقل الخضار من سهل الغاب بريف حماة إلى ريف إدلب يقول: “نحاول نقل الخضار إلى ريف إدلب ومناطق الشمال المحرر، لكن حواجز النظام تقوم بمصادرة الخضروات وخاصة الفواكه، وندفع 3000 ليرة سورية للحاجز لكي يسمح لنا بالعبور، هذا غير صناديق الخضار التي يأخذها من السيارة عند تفتيشها”.
ينتشر على الطريق الواصل بين إدلب وحماة المعروف بطريق السقيلبية أكثر من 30 حاجزاً لقوات النظام، مهمتهم ليس الدفاع عن مناطق النظام، إنما نهب الشعب الذي يدخل ويخرج من وإلى حماة.
ولكن هذه العوائق ليست الوحيدة في وجه أسواق الشمال السوري، حيث يعد طمع التجار الذين يتاجرون بدماء السوريين العامل الأكبر والأهم، حيث يقوم التجار بالتلاعب بأسعار الخضار دون أي رقيب أو حسيب، ويستخدمون ذريعة انهيار العملة السورية في وجه الدولار الأمريكي، لتحكم بسعر الخضار كما تشتهي أنفسهم، وليفسحوا المجال لتصديرها إلى دول الجوار، لعدم قدرة المواطن على شرائها، بسبب الأسعار الخيالية نوعاً ما التي يطلقها التجار.
محمود أحد التجار في ريف إدلب” نحن نأمن الخضار في الأسواق لكن ارتفاع أسعر المحروقات يرفع من سعرها، بسبب أجور النقل”، الأمر الذي نفاه صالح أحد سكان ريف إدلب” إن سعر مادة المازوت يبلغ 150 ليرة سورية، لكن تجار الأزمة يتاجرون بدمائنا لمصالحهم الشخصية”.
وإن أشد ما يواجه اسواق الشمال، القصف المتكرر للأسواق ومكان تجمع المواطنين، عن طريق الطائرات الحربية وبراميل الموت، مما اضطر معظم المواطنين لترك الأسواق وعم الذهاب إليها، خوفاً من أي استهداف لها، بسبب المجازر المتكررة التي حدثت في العديد من الأسواق، وقيام الشرطة الحرة بإلغاء العديد من الأسواق وخاصة في المناطق المستهدفة.
وأفاد إبراهيم أحد أفراد الشرطة الحرة في ريف إدلب” نحن لا نريد زيادة المعاناة على المواطن، ولكن استهداف الأسواق يدفعنا إلى عدم التضحية بدماء السوريين”.
فالخيرات السورية اليوم تبكي على أبناء شعبها، التي تعودت على إقبالهم الشديد عليها، وعدم تركها لتجار يتلاعبون بها كما تشتهي أنفسهم، هؤلاء التجار الذين يعدون الخطر الأكبر على المواطن السوري، وهم الذين يفاقمون من معاناته.
المركز الصحفي السوري ـ أحمد الإدلبي