أنقرة – فتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على بلاده عش الدبابير بسبب تدخله في سوريا، وبات يواجه تحديات أمنية كبيرة، خاصة بعد أن انقلب عليه داعش وجعل إحدى أولوياته استهداف القوات التركية.
ونشر تنظيم داعش في سوريا تسجيل فيديو يظهر إحراق جنديين تركيين وهما على قيد الحياة.
وتظهر الصور في الفيديو الذي تبلغ مدته 19 دقيقة ونشرته “ولاية حلب” في شمال سوريا، رجلين يرتديان بزة عسكرية داخل قفص مقيدي اليدين ومربوطين بحبل، قبل أن يتم إحراقهما حيين.
وفي التسجيل يهاجم عنصر من داعش باللغة التركية أردوغان، ويدعو إلى إحراق تركيا وتدميرها.
وقبل إحراقهما، عرف الجنديان عن نفسيهما بالتركية. وقال أحدهما إنه يدعى فتحي شاهين ومن مواليد قونية “وسط تركيا”، والثاني سفتر تاش “21 عاما” خدم في كيليس “جنوب شرق”.
وتشبه هذه اللقطات تسجيل فيديو آخر نشره التنظيم العام الماضي لإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أسره التنظيم بعد سقوط طائرته بسوريا في ديسمبر 2014.
وكان الجيش التركي أكد الشهر الماضي أنه فقد الاتصال باثنين من جنوده في سوريا بعيد إعلان وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم الجهادي المسؤولية عن اختطافهما.
وجاء نشر تسجيل الفيديو الجديد غداة مقتل 16 جنديا تركيا خلال معارك قرب مدينة الباب أحد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا، التي تبعد 25 كيلومترا عن الحدود التركية.
ويستبعد مراقبون أن ينجح الجيش التركي والفصائل السورية الداعمة له في السيطرة سريعا على الباب في ضوء صمود عناصر داعش، الأمر الذي سيعني المزيد من استنزاف الجنود الأتراك، وسقوط المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين، وهو ما قد يعرض أنقرة لحملة انتقادات واسعة من قبل المجتمع الدولي.
وقال متابعون للشأن التركي إن تدخل أردوغان في سوريا ودعمه لجماعات متشددة وتسهيل دخول المقاتلين والأسلحة لفائدتها، عناصر ارتدت كلها ضده، وبدا الرئيس التركي وقد وقع في الفخ، ليخرج أنقرة من معادلة صفر أعداء إلى صفر أصدقاء.
وتواجه تركيا قائمة من الأعداء بدءا من حزب العمال الكردستاني الذي ساعده التدخل التركي على التحالف مع أكراد سوريا، وصارت الضربات الكردية مضاعفة ضد القوات التركية، ولم تفض الحملات العسكرية والاعتقالات على الشبهة إلى تفكيك أجهزة الحزب بل توسعت دائرة أنصاره وداعميه في الداخل والخارج.
وخلال أكثر من ثلاثين عاما من أنشطته العسكرية، لم يشهد حزب العمال الكردستاني قوة كالتي يتمتع بها اليوم، خاصة في ضوء تراجع الجيش التركي وفقده لحوالي ثلث منتسبيه بفعل الحرب التي يخوضها أردوغان ضد خصمه فتح الله غولن زعيم جماعة “الخدمة”.
وتخلص الرئيس التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو الماضي، من أبرز القيادات العليا والوسطى لفروع الجيش المختلفة “بري، وبحري، وجوي”، ما أفقد القوات التركية كفاءتها.
وبدا الأمر أكثر وضوحا في معركة مدينة الباب السورية ضد داعش التي عرفت أسوأ خسارة تكبدتها القوات التركية في يوم واحد منذ تدخلها في سوريا في أغسطس 2016.
ومن الواضح أن القوات التركية عجزت عن التقدم إلى وسط مدينة الباب، وقد يكون هذا العجز وفقدان السيطرة على الأرض قد دفعاها إلى استعمال سياسة الأرض المحروقة، ما أدى إلى سقوط العشرات من المدنيين تحت وقع القصف العشوائي للطيران التركي، ليستنسخ أردوغان أسلوب نظيره السوري بشار الأسد، وهو ما كان يهاجمه لأجله خلال السنوات الخمس الماضية.
وزادت صورة تركيا سوءا بعد اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف بواسطة شرطي عمل ضمن فريق الحماية الخاص بأردوغان، وهو ما يؤكد أن البلاد لم تعد آمنة، في ضوء عجزها عن حماية الدبلوماسيين، وخاصة دبلوماسيي روسيا التي يسعى الرئيس التركي إلى التحالف معها للتخفيف من حدة أزماته، وتطويق خسائر تدخله في سوريا.
العرب اللندنية