تبدأ هذه الأجندة بفك العقوبات الدولية على إيران وعودتها إلى النظام العالمي، مطلع العام المقبل، والتحالف الإسلامي والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، وصولاً إلى الأزمة السورية والتدخل الروسي لصالح النظام والتوتر بين بغداد (المتحالفة مع إيران) وأنقرة حول التواجد العسكري التركي في شمال العراق.
كما تشمل حرب التحالف العربي لصالح دعم الشرعية في اليمن، أو على المستوى الاقتصادي لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، في ظل انخفاض أسعار النفط والخطط السعودية لإحداث تغييرات جذرية في بنية الاقتصاد السعودي ولتقليل خسائر تركيا من العقوبات الاقتصادية الروسية ضدها.
وتعد زيارة أردوغان إلى الرياض، تمتيناً للمصالحة وتأكيداً للحلف الذي يجمع الجانبين، وهي تمثل اللقاء الثالث بين القيادتين، بعد اللقاء الذي جمعهما على هامش قمة دول العشرين في مدينة أنطاليا التركية، الشهر الماضي، وأيضاً الزيارة التي قام بها أردوغان إلى المملكة في مارس/ آذار الماضي، بعد فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، إثر تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز حكم المملكة.
على الرغم من التطابق بين الجانبين في معظم القضايا المشتركة باستثناء الشأن المصري، يبدو أن مواجهة التدخل الروسي المتحالف مع إيران في المنطقة، مدفوعاً بتغيير الاستراتيجية الأميركية بانسحابها من خطوط المواجهة المباشرة، هو أكثر ما يؤرق الجانبين، بل والقضية الأساس على الأجندة، المواجهة التي تمتد من سورية والعراق واليمن مروراً بالأراضي التركية بعد دفع موسكو للكردستاني للتصعيد ضد تركيا ووصولاً إلى أسواق الطاقة العالمية.
فعلى الجانب التركي تعاني العلاقات مع موسكو توتراً غير مسبوق إثر إسقاط سلاح الجو التركي، الشهر الماضي، طائرة روسية على الحدود السورية، تلا التدخل الروسي في سورية لصالح النظام بحجة الحرب على “داعش”، بينما لم تكن الغارات الروسية سوى امتداد لغارات النظام في استهداف المدنيين والمعارضة السورية المدعومة من أنقرة والخليج. أما من الناحية السعودية فإن العلاقات مع روسيا تعاني بدورها توتراً كبيراً بسبب تحالف الأخيرة مع إيران، وحرب البترودولار التي أدت إلى انهيار غير مسبوق في أسعار النفط، الأمر الذي شكل ضربة كبيرة للاقتصاد الروسي الذي يرزح أساساً تحت وطأة العقوبات الغربية عليه، إثر التدخل الروسي في أوكرانيا.
على المستوى الاقتصادي، بدا بشكل واضح أن اقتصاديْ البلدين قادران على التعاون بشكل أفضل لتغطية تكاليف هذه المواجهة مع روسيا، سواء على الجانب التركي، حيث أن قطاع السياحة التركية مهدد بخسائر كبيرة بسبب تحذير الحكومة الروسية مواطنيها من السفر إلى المنتجعات التركية على المتوسط في مدينة أنطاليا وأيضاً فرض عدد من العقوبات الاقتصادية على السلع التركية، الأمر الذي من الممكن تجاوزه عبر فتح أسواق المملكة أمام المنتجات التركية، وأيضاً تشجيع السياحة السعودية في تركيا.
أما على الجانب السعودي الذي بدأت تأثيرات الحرب في اليمن، وأيضاً الانخفاض غير المسبوق لأسعار النفط تظهر بشكل واضح في الميزانية السعودية، إذ أعلنت المملكة، يوم الاثنين، عن تسجيل عجز قياسي في ميزانية 2015، بلغ 367 مليار ريال، متوقعة تسجيل عجز وقدره 78 مليار دولار في ميزانية 2016، بسبب المحافظة على مستوى مرتفع من الإنفاق، حيث بلغ حجم الإنفاق في الموزانة 224 مليار دولار مقابل إيرادات 137 مليار دولار، وهي الأدنى من عام 2009، وذلك وسط خطط سعودية لإعادة هيكلة الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط، وأيضاً تخفيف الدعم المقدم من الحكومة للطاقة، الأمر الذي تبدو فيه الخبرات والاستثمارات التركية مهمة للغاية وقادرة على المساعدة في هذا الأمر.
العربي الجديد