أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده مصممة على المشاركة ضمن قوات التحالف الدولي في معركة تحرير مدينة الموصل (شمال العراق) من تنظيم الدولة، مشيرا إلى وجود خطط بديلة في حال رفض التحالف تلك المشاركة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان، خلال مراسم افتتاح مشاريع بولاية قونية وسط البلاد، الجمعة، ردّا على تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، التي عبّر فيها عن رفضه للوجود التركي على أراضي بلاده.
وقال أردوغان: “نحن مصممون على المشاركة في قوات التحالف من أجل الحفاظ على وحدة العراق، وفي حال رفض التحالف سنُفعّل الخطة (ب) وإذا لم تنجح هذه أيضًا سننتقل إلى الخطة (ج)، فتركيا ليست دولة قبلية وليعلم الجميع ذلك”.
وأضاف: “هناك من يطلب منا الانسحاب من معسكر بعشيقة (شمال الموصل) الذي ذهبنا إليه بدعوة منكم (الحكومة المركزية ببغداد) معذرة: فهناك أشقاؤنا التركمان والعرب والأكراد يقولون لنا تعالوا وساعدونا والسيد العبادي طلب منّا ذلك بنفسه خلال زيارته لنا”.
وبدأت تركيا تدريب متطوعين من سكان الموصل في معسكر بعشيقة الذي يبعد 12 كيلومترا شمال المدينة، بطلب من السلطات العراقية نهاية 2014، وتلقى الآلاف من الأهالي تدريبات عسكرية على يد 600 عسكري تركي حتى اليوم.
ومنذ أيار/ مايو الماضي، تدفع الحكومة العراقية بحشود عسكرية قرب الموصل، التي يسيطر عليها “داعش” منذ حزيران/ يونيو 2014، ضمن خطط لاستعادة السيطرة عليها من التنظيم المسلح، وتقول الحكومة إنها ستستعيد المدينة قبل حلول نهاية العام الحالي.
ومؤخرا، جدّد البرلمان التركي تفويضه للحكومة بإرسال قوات مسلحة خارج البلاد، للقيام بعمليات عسكرية في سوريا والعراق عند الضرورة، من أجل التصدي لأية تهديدات محتملة قد تتعرض لها الدولة من أي تنظيمات مسلحة، وهو ما رفضته بغداد.
من جهة أخرى، أشار الرئيس التركي إلى أن بعض الجهات (لم يسمّها) تعمل على استخدام المنظمات المسلحة كأدوات لاستهداف بلاده.
وشدّد على أنه يجب على تلك الجهات أن تعلم بأن هذه المنظمات “ستؤذيهم أيضا عاجلا أو آجلا، هذا ليس تهديدا وإنما مجرد تنبيه”.
وتابع: “نحن نُحذّر أولئك الذين يحاولون إعادة هيكلة منطقتنا من جديد، عبر المنظمات المسلحة، وعلى كل من يحتضن منظمة فتح الله غولن أن يعلم بأن هذه المنظمة ستضع سُمّها عندهم عاجلا أم آجلا، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يحتضن منظمة بي كا كا فهي أيضا ستفجّر عندهم”.
درع الفرات
وتطرّق أردوغان إلى عملية “درع الفرات” التي أطلقتها قوات بلاده نهاية آب/ أغسطس الماضي لدعم “الجيش السوري الحر” ضد المنظمات الإرهابية، مبيناً أن تركيا تواجه صعوبة في فهم تعاون قوات التحالف الدولي مع تنظيم “ي ب ك” ذراع منظمة “بي كا كا” المسلحة شمالي سوريا.
وأوضح أن “التحالف الدولي يتشكل من 63 دولة مختلفة، ومعظمها صديقة لنا، فضلاً عن شركائنا الاستراتيجيين في الناتو، لذلك نواجه صعوبة في فهم تعاونهم مع المنظمات الإرهابية وتدريب مسلحيها”، في إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لميليشيا “ي ب ك” بدعوى محاربة تنظيم “داعش”.
وأكّد أردوغان أن هناك تصريحات أُدلي بها خلال الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة بخصوص الاستمرار في تزويد تنظيم “ب ي د” وذراعه المسلح “ي ب ك” بالأسلحة، مضيفا: “يا للعار (…) إذا كانت تركيا حليفتكم في الناتو فيجب عليكم أن تتعاونوا معها للحرب ضد الإرهاب”.
وخلال مناظرتها الثانية مع منافسها الجمهوري دونالد ترامب، لفتت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون، الأسبوع الجاري، إلى عزمها مواصلة تقديم دعم السلاح والمعدات القتالية واللوجستية لعناصر “ب ي د” في حال فازت في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين ثاني/نوفمبر 2016.
ودعما لقوات “الجيش السوري الحر”، أطلقت وحدات من القوات الخاصة في الجيش التركي، بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف الدولي، فجر 24 أغسطس الماضي، حملة عسكرية في مدينة جرابلس (شمال سوريا)، تحت اسم “درع الفرات”، تهدف إلى تطهير المدينة والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء.
ونجحت العملية، خلال ساعات، في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، كما تم لاحقاً تحرير كل الشريط الحدودي ما بين مدينتي جرابلس وإعزاز السوريتين، وبذلك لم يبقَ أي مناطق متاخمة للحدود التركية تحت سيطرة “داعش”.
تعذيب “الانقلابيين”
وردّا على ادعاءات تعذيب الانقلابيين في السجون التركية، أكّد أردوغان أن “تلك الادعاءات كاذبة، وأن المسجونين على خلفية المحاولة الانقلابية الفاشلة يتمتعون بالظروف نفسها التي يتمع بها بقية السجناء الموجودين في السجون بتهم مختلفة”.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول، منتصف تموز/يوليو الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة “فتح الله غولن”، وحاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة اسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة، ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة.
العربي 21