قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده ستعمل مع 128 دولة صوتت بالأمم المتحدة لصالح مشروع قرار يرفض تغيير وضع القدس، ومع الدول التي امتنعت عن التصويت، في حال لم يتراجع نظيره الأمريكي دونالد ترامب عن قراره.
جاء ذلك في حوار أجراه موقع ” AllAfrica” الإخباري، مع الرئيس التركي قبيل جولته الإفريقية التي تبدأ غداً وتشمل السودان وتشاد تونس في الفترة بين 24 – 27 ديسمبر/ كانون أول الجاري.
وأضاف أردوغان “رأيت أن حصْر السيد ترامب الموضوع بالقدس خطأ، كان عليه ألا يقع في هذه اللعبة وهذا الفخ. لأنه كما تعلمون هناك قرار مجلس الأمن رقم 478 الصادر في 1980 موقّع عليه من قبل الولايات المتحدة أيضا”.
وتابع مشدداً “انتهاك واشنطن لهذا القرار رغم توقيعها عليه كان خطأً كبيرًا”.
وشدد على أن الخطوة التي كان ينبغي اتخاذها، هي الرجوع إلى الاتفاقية التي تطالب بالعودة إلى حدود عام 1967، والتي تنص على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ولفت أردوغان إلى أن 9 دول فقط وقفت إلى جانب ترامب، وأنه رغم الضغوطات (مارستها واشنطن ضد الدول) فقد صوتت 128 دولة إلى جانب مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرافض لتغيير وضعية القدس، و35 دولة امتنعت.
وأكد أنه لولا الضغوط الأمريكية لكانت بقية الدول أيضا ستصوّت إلى جانب 128 دولة لصالح القرار الأممي.
ولفت إلى أنه عند النظر إلى الدول التي وقفت بجانب ترامب، فإن وضعها معروف لدى الجميع، وعلى الرئيس الأمريكي مراجعة هذا الأمر مرة أخرى.
وأشار أردوغان أن الخطوة التي ينبغي اتخاذها عقب التطورات الأخيرة، هي الوقوف مع السلام وحل الدولتين، وليس مع الاضطراب في الشرق الأوسط، وإلا فإن “الإنسانية ستحمل المسؤولية لترامب وإسرائيل”.
واعتبر أن الإنسانية ترفض الحروب وتعبت منها كثيرا، وخاصة في الشرق الأوسط وتحديدا سوريا والعراق، حيث يقتل ملايين الناس.
ولفت أردوغان إلى أنه قبل مجيء حكومات حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، كان لتركيا 12 سفارة فقط لدى القارة الإفريقية، لكنها (حكومات الحزب) رفعت العدد إلى 39 سفارة، وهي بصدد فتح سفارات لدى جميع الدول الإفريقية.
كما ذكّر بأن الخطوط الجوية التركية تسيّر رحلات إلى 55 منطقة في 33 دولة إفريقية، كما أن وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” تقدم خدمات إجتماعية في القارة.
وأشار إلى وجود العديد من الطلبة الأفارقة الذين يتلقون تعليمهم في تركيا، معتبرا إياهم حلقة الوصل بين تركيا ودول القارة السمراء.
وعن سؤال حول المخاوف من انتقال 6 آلاف شاب إفريقي إلى القارة السمراء وتشكيلهم خطرا عليها عقب دحر تنظيم “داعش” الإرهابي وخاصة في تشاد وتونس، قال الرئيس التركي إن تشاد قدمت كفاحا طويلا ضد تنظيم “بوكو حرام” وإن هناك تخوّف على مستقبل نحو 600 ألف لاجئ موجودين فيها.
وأكد استعداد بلاده للتعاون مع تونس التي يراد إحداث اضطرابات فيها، في جميع المجالات وخاصة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية منها، مشددا على أن بلاده تقف إلى جانب وحدة تونس وتتضامن معها.
وأفاد أردوغان بأن زيارته إلى تشاد وتونس والسودان لها أهمية كبيرة، معربا عن ارتياحه من رفع العقوبات الأمريكية عن الخرطوم.
من جهة أخرى، جدّد أردوغان تحذيره لشعوب الدول الإفريقية من إرسال أطفالهم إلى مدارس منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية التي كانت منتشرة بكثافة في دول القارة، قبل محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو 2016.
وأشار الرئيس التركي أن المنظمة الإرهابية تستخدم التدريس وحتى الدين، كقناع لتحقيق أهدافها في مناطق مختلفة من العالم، داعيًا إلى عدم الانخداع بمثل هذه المحاولات الخطيرة.
وأكّد أن عناصر المنظمة حاولوا قتله مع أسرته، ليلة الانقلاب الفاشل، مضيفًا “إلا أن الله حفظنا، ونجونا من قنابلهم بفارق بضع دقائق فقط، ولكن للأسف استشهد اثنان من حمايتي على يد أولئك الظالمين”.
وأعرب عن انتقاده للولايات المتحدة الأمريكية حيال تقاعسها في تسليم زعيم المنظمة “فتح الله غولن” المقيم في ولاي بنسلفانيا التي هرب إليها من تركيا عام 1999.
وبيّن أن حكومته أسست وقف “المعارف” بهدف الحيلولة دون وقوع الشعب الإفريقي في مكائد المنظمة الإرهابية، ومن أجل تقديم التعليم النوعي لأطفال القارة دون أغراض تجارية.
ولفت إلى أن الوقف بدأ يتسلّم إدارة المدارس التي كانت تابعة للمنظمة في السودان، بالتعاون مع حكومة البلاد، وسيعمل خلال المرحلة القادمة بتقديم التعليم اللازم على أكمل وجه، وكذلك في تشاد وتونس وغيرها.
وفيما يتعلق بأزمة المهاجرين الأفارقة وأنباء بيع شباب القارة في “أسواق النخاسة”، أكّد أردوغان أن الإسلام يمنع هذا الأمر، وأن تركيا تحرص على مساعدة اللاجئين بكافة إمكاناتها.
وحذّر الرئيس التركي شباب القارة من مخاطر الهجرة، قائلًا “إنني أخاطب بشكل خاص المسؤوليين في ليبيا، إياكم والانخداع بهذه المؤامرة، ولا تتورطوا في أسواق العبيد، وأنقذوا كل من وقع فيها”.
وأضاف “أدعوا جميع أشقائي هناك بأن يكونوا مثل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فلتنقذوا من وقعوا في قبضة تلك الأسواق، وأنا واثق من أن مستقبل ليبيا سيكون مشرقًا إذا نجحت في تحقيق هذا الأمر”.
وشدّد على أن ليبيا ليست دولة فقيرة على الإطلاق، ولكن الدول المهيمنة تسببت بسقوطها، وأن جميع الأموال الليبية موجودة اليوم في مصارف تلك الدول بدلًا من البنك المركزي لهذا البلد.
ودعا أردوغان المسؤوليين الليبيين إلى ترك الخلافات والفرقة على وجه السرعة، من أجل الانخراط في عملية ديمقراطية وتنموية واحترام إرادة الشعب الليبي في اختيار حكومته.
وحول رأيه في دور النساء في تنمية إفريقيا، قال أردوغان إنه ينبغي منحهن فرصًا لأداء أدوار فعالة، وخاصة في المجال السياسي والتعليمي والاقتصادي.
وتطرق أردوغان إلى القطاع الصحي في تركيا، مؤكداً أن بلاده ستنافس دول العالم في القطاع الصحي خلال السنوات 5 – 10 المقبلة، وأضاف “وربما سندخل ضمن الصفوف الأولى، أنا أؤمن بذلك”.
وتابع “لأننا نمتلك كوادر طبية ذكية وموهوبة، ونشارك تجاربنا في هذا المجال مع كل الدول الإفريقية، وليست لدينا أي حرج من تبادل خبراتنا”.
وتطرق إلى التقارير الغربية حول حرية الصحافة في تركيا، قائلا “جميع التقارير التي أعدها الغرب في هذا الصدد هي تقارير متحيزة وليست موضوعية”.
وأضاف في هذا السياق “لا يمكن أن يكون للإعلاميين حرية مطلقة، وهؤلاء حريتهم تنتهي في مكان ما. أين هذا المكان؟، هو بداية حرية شخص آخر، ولا يمكن لهؤلاء أن يقدموا الدعم للإرهاب، وإلا سوف يدفعون ثمن ذلك”.
وفي رده على جهات (لم يسمها) تزعم أنه “ديكتاتوري”، أضاف أردوغان “يقولون لي أنت ديكتاتوري، أنا تم اختياري عبر صناديق الاقتراع، وحصدت 52% من الأصوات في انتخابات سجلت نسبة مشاركة كبيرة، ولم أتولّ الحكم عبر انقلاب عسكري”.
الاناضول