وكانت مصادر في الهيئة العليا قد أشارت إلى أن الوثيقة الجديدة المزمع الإعلان عنها في لندن تلخص ما قدّمته المعارضة من وثائق سابقة بشأن الحل السياسي، وتتضمن بشكل خاص رؤية المعارضة للعلاقة بين المؤسسات والسلطة، والتي كانت عنصراً مهماً في مفاوضات جنيف الأخيرة. وأوضحت أن “الخطة تشمل تشكيل هيئة حكم انتقالي لها سلطات تنفيذية، وتتضمن مدة الفترة الانتقالية، وآلية لضمان التمثيل العادل للأقليات، وخططاً لإعادة تشكيل وإصلاح المؤسسات الحكومية”. غير أن القضماني استبعد عودة قريبة لمفاوضات جنيف، قائلاً إن “الواقع العسكري وتعقيداته على الأرض لا يسمحان ببداية المفاوضات”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة بوصفها اللاعب الدولي الأقوى ما زالت لا تسمح باختلال ميزان القوى لصالح أي من الطرفين، النظام والمعارضة، وما زالت تنفذ خطتها لفرض الأمر الواقع وتقسيم المنطقة.
مقابل ذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده والولايات المتحدة يمكن أن تتوصلا “قريباً” إلى اتفاق تعاون حول سورية. وقال بوتين في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” وبحسب تصريحات نشرها الكرملين: “نتقدّم شيئاً فشيئاً في الاتجاه الصحيح ولا أستبعد أن نتفق قريباً على أمر ما ونعلنه للمجموعة الدولية”. وأضاف بوتين: “لا يزال من المبكر الحديث عن ذلك لكنني أعتقد أننا نتحرك ونمضي في الاتجاه المرغوب به”، مشيداً “بصبر” و”مثابرة” وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأضاف أن “المحادثات صعبة جداً”، مشيراً إلى أن “إحدى المشاكل الرئيسية هي أننا نصرّ، وشركاؤنا الأميركيون لا يعترضون على هذا الأمر، على أن يتم فصل القسم المسمى معتدلاً من المعارضة عن المجموعات الجهادية الأخرى والمنظمات الإرهابية مثل جبهة النصرة”.
وجرت مشاورات في الفترة الأخيرة بين واشنطن وموسكو بشأن إمكانية استئناف المفاوضات السورية، لكن لم تسفر عن نتائج واضحة، فيما تجري مفاوضات مشابهة في الأمم المتحدة بين أعضاء مجلس الأمن وأعضاء المجموعة الدولية لدعم سورية من أجل استئناف المفاوضات بعد أن أُعلن في يونيو/حزيران الماضي أن المفاوضات بين النظام والمعارضة ستستأنف في شهر يوليو/تموز، ثم حدد المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا نهاية الشهر الماضي كموعد نهائي لاستئناف المفاوضات.
ويربط مراقبون نجاح هذه التحركات السياسية بالتطورات المتسارعة على الأرض، وبالتحالفات بين الأطراف الإقليمية والدولية والمحلية. وكان لافتاً كلام رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بأن بلاده تسعى لتطبيع العلاقات مع سورية. وأكد يلدريم أنَّ حكومته تتّبع سياسة “الإكثار من الأصدقاء وتقليل الأعداء” في سياستها الخارجية، في مسعى منها لتحسين العلاقات مع كثير من الدول بعد تطبيعها مع روسيا وإسرائيل، ومنها دول كسورية والعراق. وقال خلال الاجتماع التقييمي للحكومة التركية الخامسة والستين: “طبَّعنا علاقاتنا مع روسيا وإسرائيل، وإن شاء الله تركيا دخلت في حملة جديدة من أجل تطبيع علاقاتها مع دول أخرى من بينها مصر وسورية”، من دون أن يقدّم المزيد من التفاصيل.
يأتي ذلك فيما تواصل تركيا عمليتها في الشمال السوري بهدف إبعاد المليشيات الكردية ومقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) عن حدودها، فيما تعترض واشنطن على استهداف القوات التركية لـ”قوات سورية الديمقراطية” الموجودة إلى الغرب من نهر الفرات. وفي هذا الإطار، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انسحاب مليشيات “وحدات الحماية الكردية” إلى شرق نهر الفرات، مشدداً على أن بلاده لن تسمح بإقامة “ممر للإرهاب” على حدودها الجنوبية. وكان مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قد قال الإثنين الماضي، إن جميع عناصر تلك المليشيات انسحبوا إلى شرق الفرات تنفيذاً لمطلب الحكومة التركية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماظ في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن تخبّط الولايات المتحدة في سورية من خلال دعمها لأطراف متناقضة بدأ يعيق جهود تركيا لمكافحة الإرهاب على حدودها الجنوبية. ورأى أن تركيا ستمضي إلى النهاية في هذه الجهود، لكنها قد تركز في هذه المرحلة على محاربة تنظيم “داعش” مع إعطاء مزيد من الوقت للأميركيين لإقناع حلفائهم الأكراد بالانسحاب إلى شرق نهر الفرات، بما في ذلك مدينة منبج.
العربي الجديد