تدورُ حولهُ التساؤلات، وتنتشر من هناك القصص والروايات عن تجاوزات لم تعد تحتمل وضاقت بها الأهالي وبعض فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا ذرعاً لتبدأ المساءلة والمحاكمات التي يراها البعض تنذر بحرب بين الفصائل في مناطق غصن الزيتون، وخاصةً أن الجالسَ على كرسي المحاكمة هو قائد فرقة السلطان سليمان شاه “محمد الجاسم أبو عمشة”.
من هو محمد الجاسم؟
ينحدر محمد الجاسم والمكنى أبو عمشة نسبةً لوالدته من بلدة “عمرين” في ريف حماة الشمالي وهو من أصول تركمانية، يبلغ أبو عمشة من العمر 37 عاماً وكان يعمل قبل اندلاع الثورة السورية سائقاً لجرار زراعي وإبان اندلاع الثورة السورية أسس أبو عمشة فصيل “خط النار” والذي انضوى تحت صفوف الجيش السوري الحر وشارك في عدة معارك ضد جيش النظام، وذلك بحسب موقع سوريا على طول.
ولم يلمع نجم أبو عمشة في محافظة إدلب بالشكل الذي هو عليه اليوم، وكان خروجه وفصيله من محافظة إدلب إلى تركيا ثم مناطق غصن الزيتون بعد المضايقات والحرب التي شنتها مايعرف سابقاً “جبهة النصرة” واليوم بهيئة تحرير الشام ضد فصائل الجيش الحر من جبهة ثوار سوريا وغيرها لينتقل الفصيل إلى تركيا عام 2015 ويخضع هناك لتدريبات وإعادة هيكلة وتنظيم ويعاد تشكيله بداية عام 2016 تحت مسمى لواء السلطان سليمان شاه، بعد تلقيه الدعم الكافي من غرفة عمليات “موم” ودخوله منطقة عفرين والمشاركة في السيطرة عليها.
الشيخ حديد تحت قيادة أبوعمشة وانتهاكاته فيها
تعتبر ناحية الشيخ حديد إحدى نواحي الريف الغربي لعفرين على مقربة من الحدود السورية التركية، وتبلغ مساحتها 93.52 كيلو متر مربع، وعدد سكانها بحسب إحصائية عام 2004 بلغ 13 ألفا و 871 نسمة، وتشتهر الناحية بأشجار الزيتون التي تغطي غالبية أراضيها الزراعية، واليوم ازدادت أعداد السكان في المحافظة بعد هجرة السوريين بشكل كبير إلى المنطقة بعد السيطرة التركية عليها في آذار/مارس 2018.
حاول أبو عمشة خلال السنوات القليلة الفائتة إقامة عدة مشاريع في الشيخ حديد منها بناء محلات تجارية جديدة وافتتاح دوار الشيخ حديد والمول والمقهى، وفي شباط/فبراير 2021 حضر رئيس الائتلاف الوطني “نصر الحريري” ووزير الدفاع في الحكومة المؤقتة آنذاك “سليم ادريس” احتفالية وضع حجر الأساس لبناء مستشفى الشيخ حديد الوطني.
بدأ الحديث عن انتهاكات أبو عمشة منذ 22 آب/أغسطس 2018 بعد ظهور زوجة أحد عناصر لواء السلطان مراد وتدعى “اسراء خليل” في تسجيل مصور متداول عبر منصات التواصل الاجتماعي اتهمت فيه محمد الجاسم باغتصابها لمرات عديدة تحت قوة السلاح والتهديد متسبباً بفقدانها جنينها، بالإضافة لاتهام الفصيل وعلى رأسه أو عمشة بعمليات خطف و تجارة بالمخدرات ونهب المحاصيل الزراعية.
ومؤخراً خرج أحد الأشخاص في سلسلة مقاطع مصورة ونسب نفسه على أنه صهر أبو عمشة، وتحدث في تلك السلسلة المتداولة عن فضائح تتعلق بعمليات خطف وابتزاز وبيع للسلاح إلى جانب تجارة المخدرات التي اتهم أبو عمشة وفصيله بالقيام بها، عدا عن عمليات ابتزاز وبيع للأراضي فصَّلها المدعو “محمد العمار” في سلسلة الفيديوهات تلك.
كما شارك لواء السلطان سليمان شاه إلى جانب تركيا بالحرب في أذربيجان وليبيا عبر إرسال آلاف العناصر إلى كلتا البلدين الأمر الذي جعل محمد الجاسم حديث وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعي ويكسب شهرة على نطاق واسع، وبعد أشهر من تلك العمليات اشتكى بعض العناصر من اللواء نفسه عبر فيديوهات متداولة حينها أن محمد الجاسم قام بسرقة رواتبهم ومخصصاتهم الشهرية ولم يلق المصابون منهم تعويضات مادية بعد تعرضهم للإصابة.
التحقيق في الانتهاكات وقرار عزل أبو عمشة
بعد أشهر من الجدل والتوترات العسكرية بين اللواء الذي يقوده محمد الجاسم و ما يعرف بلجنة رد المظالم و غرفة عزم اللواتي قررتا فتح تحقيقات ومحاكمات بحق قيادة اللواء أعلنت يوم أمس الأربعاء 16 شباط/فبراير لجنة شرعية مؤلفة من ثلاثة علماء وهم “عبدالعليم العبدالله” و “موفق العمر” و “أحمد علوان” عزل القائد محمد الجاسم من منصبه وعدم تسليمه أي منصب من مناصب الثورة لاحقا، بالإضافة لعزل أخويه وليد و مالك، وأحمد خوجة و عامر المحمد و حسان الصطوف بعد ثبات تورطهم في الدعاوى المقدمة ضد أبو عمشة.
وجاءت تلك القرارات بعد بدء اللجنة الثلاثية بالتحقيق بالاتهامات الموجهة لقيادة اللواء بعد توافق عدة أطياف على تشكيل تلك اللجنة منها حركة عزم والمجلس الاسلامي السوري، وفي بداية شهر شباط/فبراير الجاري سلم محمد الجاسم نفسه للجنة الشرعية للتحقيق معه، في حين حمل البيان الذي صدر أمس عن اللجنة الشرعية أن الشهود تمنعوا عن الشهادة خوفاً من قادة الفصيل بعد ممارسة التهديد والوعيد ضدهم.
ولم يصدر أي ردود فعل أو بيان من قبل محمد الجاسم بعد قرار عزله من مهامه، في حين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بردود الفعل بين مؤيد لقرار اللجنة ومباركاً فيها، وبين من اعتبرها خطوةً غير صحيحة ولا تصب في مصلحة المنطقة.
تقرير خبري/ براء خطاب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع