لم يمض سوى شهر على خروج “أبي عمر” (31 عاماً) من مدينة إدلب من سجن صيدنايا بعد أن أكمل أربع سنوات من حكمه الذي أقرته المحكمة الميدانية في منطقة القابون بدمشق، ليعاني لحظات الخوف من مداهمة جيش النظام لمنزله من جديد
بعد اندلاع الثورة تغيّرتْ مجريات الحياة، بعد أن بدأت المظاهرات السلمية تنتشر هنا وهناك بشكلٍ كبير، في مدينة إدلب كان الناس يخرجون للتظاهر خصوصاً مساء الخميس والجمعة. فقد كنّا نشاهد في نشرات الأخبار ما يحصل في درعا، وكيف أنَّ النظام يظلم الناس ويضطهدهم، لذا عمّت المظاهرات مناطق عدّة.
“أبي عمر” روى لنا قصة الخوف الملازم له بعد الافراج عنه في ظل تواجد حواجز النظام وأعوانه بكثرة وسط المدينة قائلاً “كنتُ أقطنُ أنا وعائلتي بمدينة إدلب والتي كانت أشبه لنا بجنةٍ على الأرض… تعجُّ بالناس والحياة. كان ذلك قبل اندلاع الثورة، حينها عملت بالبناء في تلك الفترة، إلا أن وجهت لي تهمة التدين.. ومن فرع أمن لآخر مع التحقيقات التي لا تخلو من قسوة التعذيب والإهانة لينتهي بي المطاف.. بسجن عسكري سيء السمعة”
تنهد الشاب بنفس عميق وتابع حديثه عن الماضي الأليم “كنّا أنا وزوجتي من المعارضين للنظام، لكن لأننا من إدلب لم نتجرأ على التعبير عن آرائنا ولا المشاركة في التظاهر، لأنَّ إدلب كانت من أوائل المحافظات التي تعلن الثورة، وبالتالي سيكون حسابنا عسيراً لو تفوّهنا بكلمة!.. وخاصة أن ما يسمون بالشبيحة والعوانية يملئون المكان، وبالأخص أنا ممن وقع عليه غضب النظام مسبقاً”
بدأ النظام بتكثيف حواجزه على أبواب المدينة خوفاً من ريف محرر…وأصبح يشاهد للعيان مداهمات من عناصر النظام بخلع وكسر لأبواب المنازل واعتقال الشبان الذين كانوا يشاركون بالمظاهرات السلمية
يضيف “أبي عمر” بعد أن تفوه بكلمات رفضنا تفريغها كتابياً كونها تتضمن كلمات شتم لا تصلح صحفياً قائلاً “فجأة، بدأ الباب يُقرَع بقوّة! فتحَ زوجتي الباب وإذ بجنود النظام يدخلون كي يفتشوا المنزل، فعلى حدِّ قولهم هم يبحثون عن الإرهابيين! كان كبيرهم يمسك بورقة مليئة بأسماء شبّان مطلوبين فطلبَ البطاقات الشخصية الخاصة بي وبزوجتي، وبعد أن دقَّقَ بها أعادها إلينا.. مع نظرات الحقد الموجهة نحوي مسك بيده لحيتي.. وبكلمات السخرية.. أنت تحت المراقبة وستعود لحضننا قريباً.. بعد أن انصرفوا جلست مع زوجتي أتنهد وأحمد الله أنهم لم يعتقلوني ولم يُلحقوا بنا أي أذى”
مضى النهار بشكلٍ بطيء، وما يزال صوت إطلاق النار مستمراً والاعتقالات مستمرة عداك عن رمي قنابل حارقة على بعض منازل المدنيين المشتبه بهم وبولائهم للثورة مما أدى لاحتراقها بالكامل، كانت حملة الاعتقالات عنيفة وجاءت كردة فعل نتيجة اشتباكات دارت بين المعارضة والجيش عل أطراف المدينة
قررت عائلة المفرج عنه من أقبية صيدنايا أن تترك المدينة وتستقر في الريف منطقة “معرتمصرين” رغم كثافة القصف وقوة نيران الاستهداف فيها
وعلى حد قول أبي عمر كل ذلك أرحم من العودة لظلمة السجن، وسط صمت مجتمع دولي وقسوة جلادين لا يعرفون سوى تنفيذ الأوامر،
ويصرح “صحيح أننا نُعاني من خوفٍ كبير بسبب طيران همجي، لكنهُ بالنسبة لي أهوَن بكثير من اقتحام الجيش والمرور على حواجزه…ومن ذاق الاعتقال بات يعرف من هم أذناب الأسد
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد