باريس – لم يخف وفد المعارضة السورية، المتواجد هذه الأيام في جنيف، لإجراء محادثات بالأمم المتحدة بخصوص قضية المعتقلين، التي همشت خلال أشهر من محادثات السلام التي لم تخرج بنتائج، دعمه الكبير للمرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية هيلاري كلينتون، باعتبار أنها أكثر اطلاعا من منافسها الجمهوري دونالد ترامب على الوضع في سوريا.
وقال العضوان في وفد المعارضة السورية خالد خوجة وهند قبوات، إنهما يأملان في أن تفوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأميركية الأسبوع المقبل لأنها تفهم الصراع بصورة أفضل من ترامب، ويثقان في كلينتون وزيرة الخارجية السابقة لتحقيق الأولوية القصوى لدى المعارضة وهي حماية المدنيين السوريين الذين يئسوا من حل قريب لأزمتهم. وقالت قبوات إن كلينتون “تعرف أن هناك معارضة معتدلة”.
وإلى أن يتحدد اسم من سيخلف باراك أوباما، ثم تتوضح معالم سياسته في ما يخص أزمات المنطقة وعلى رأسها الملف السوري، يتردد في الأوساط الدولية والإعلامية أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية الفاعلة تسعى لوضع حلول بديلة، بما فيها الحلول العسكرية، لمواجهة التشدد الروسي الرافض لفكرة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، والرافض لهيئة حكم انتقالية من المعارضة والنظام لا يكون للأسد دور فيها.
وطرحت للتداول زيادة العقوبات الأوروبية ضد روسيا، كما طرحت أفكار لرفع مستوى تسليح المعارضة السورية وتزويدها بمضادات للطيران لشل حركة الطيران الروسي، وكشفت وسائل إعلام أميركية أن فكرة اغتيال الأسد ليست مستبعدة، وغيرها من الأفكار والأطروحات التي توحي بأن الغرب عموما بدأ يفكر بخطوات جدّية توقف التصلب الروسي، لكن، حتى الآن لم تنتج عن كل هذه الأفكار أي خطوة عملية ذات معنى، ويبدو أنها ستذهب أدراج الريح.
هند قبوات: كلينتون لديها خبرة جيدة وتعرف الفرق بين أطياف المعارضة المختلفة في سوريا
ولا يبدو أن لدى روسيا أي نيّة لخسارة رهانها في سوريا. ولا يتردد المسؤولون الروس بالقول إن سوريا هي غروزني جديدة، بمعنى أنه لا مشكلة لدى روسيا أن تهدم مدينة كاملة تخص شعبا آخر، ما دام في الإمكان بناء مدينة أخرى على أنقاضها موالية لروسيا، مستغلين صمت الولايات المتحدة وعدم رغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما في القيام بأي فعل، وعزوف المجتمع الدولي عن اتخاذ أي مبادرة على الأرض توقف الاندفاعة الروسية.
أمام هذا الواقع، يطرح باحثون معارضون سوريون عدة سيناريوهات مازالت مُتاحة يمكن أن يكون لها حظ في النجاح والتطبيق، ويمكن أن تحمل في طياتها عوامل تعطيل مساعي هذه الدول المتدخلة والمتحكمة بالملف السوري.
أولى هذه السيناريوهات، الدعوة إلى مؤتمر وطني تشارك فيه كافة التيارات السياسية ومكونات الشعب السوري، والفصائل العسكرية التي تؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية، ومؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها، لتتفق على وثيقة سياسية تحقق أهداف الثورة، وتشكيل قيادة شعبية جديدة غير مرتبطة بأي دولة، تربط النضال السياسي بالعمل العسكري وبالنشاط الجماهيري، في الداخل والخارج، وتتعامل مع الدول بشكل ندّي.
يقترح ثاني هذه السيناريوهات، المطالبة بوصاية أممية تحت الفصل السابع، وهو ليس خيارا سيئا، خاصة وأن سوريا محكومة فعليا بوصاية روسية وإيرانية ومؤخرا تركية. وسوريا في حالة حرب ومن الواضح أنه لم يعد بالإمكان وقفها بطريق التفاوض السياسي، ولا توقفها إلاّ وصاية أممية يوافق عليها ثلثا أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهي ليست انتدابا كما كانت فرنسا، وليست حربا كما حصل في ليبيا، وليست احتلالا كما حصل في العراق، وحتى نسبة كبيرة من الموالين للنظام قد يدعمونها لرغبتهم بالخلاص أيضا، لكن مشكلة هذا الخيار أنه يستند لموافقة أميركية، لأن غالبية الدول لن تؤيد هكذا قرار إلا إن حصلت على ضوء أخضر أميركي.
يتمثل ثالث السيناريوهات، وهو ما تحاول بعض الدول دعمه الآن وعلى رأسها فرنسا، بإعادة النظر بحق الفيتو، وتقييد استخدامه عبر آليات وحالات محددة، تمنع تعطيل مجلس الأمن، لكنّه بدوره قد يصطدم برفض الدول المهيمنة على الأمم المتحدة. ويبدو السيناريو الرابع الأقرب إلى الواقع، رغم أنه أصعب السيناريوهات، وهو أن يصبر السوريون وينتظروا أن تزداد تناقضات مصالح الدول المتورطة بالشأن السوري وتتضارب لدرجة لا يمكن ترقيعها، أي أن يستفيدوا من الخلافات للتوصل إلى حل، أو فرض حل، وهذا يستدعي أن تركز المعارضة السورية جهودها الحالية على العمل السياسي وتلعب على زيادة التناقضات بين هذه الدول.
العرب