قصف ممنهج و إبادة جماعية تتعرض لها المدن السورية كافة، و سقوط للشهداء و المصابين الذين يبقون تحت الأنقاض ليلقوا حتفهم، كل ذلك دفع بالشعب السوري في المناطق المحررة إلى تشكيل فرق الدفاع المدني بعد الحاجة الماسة لانقاذ المدنيين.
“حسين” شاب سوري من بلدة سرمين في ريف ادلب، استهدفت طائرات النظام الحربية منزله في البلدة بصاروخ فراغي أدى إلى هدم بيته بالكامل و استشهاد عائلته يقول: ” كنا نائمين في منزلنا الواقع وسط مدينة سرمين لنسمع صوت هدير الطائرة في الأجواء، بعد ذلك لم أر شيئاً أمامي، أزحت الصخور بصعوبة عن الغطاء الذي كان فوقي لأبحث عن أفراد عائلتي لأجدهم عالقين تحت سقف المنزل، بذلت قصارى جهدي إلا أني لم أستطع إزاحة السقف لتلفظ عائلتي أنفاسها الأخيرة أمام أعيني “.
علم “حسين” و غيره من الشباب الذين ذاقوا مرارة القصف و التدمير، أنهم هم من يستطيعون إنقاذ ما تبقى من المواطنين، فبدؤوا بتشكيل فرق بسيطة ضمت أهالي البلد، ليكونوا مستعدين دائماً في حال وقوع أي ظرف طارئ.
كان الشعب السوري لا يدرك أهمية هذا الجهاز، إلا أنه و بعد القصف الممنهج الذي بدأ من قبل قوات النظام على مناطق المدنيين، لم يعد بالإمكان تجاهل الحاجة الإنسانية الماسة لتشكيل فريق دفاع مدني ليساهم في رفع الأنقاض و انتشال الجثث، فعمد أبناء مدن الحراك الثوري إلى التطوع و تشكيل تلك الفرق للمساهمة في إنقاذ المواطنين .
عمل رجال الدفاع المدني بمعدات بسيطة جداً، فبدأوا يلاقون صعوبات عديدة في رفع الأنقاض و انتشال الجثث، إلا أنه و بعد تشكيل الجهاز بزمن بسيط تم تزويد الفرق بمعدات ثقيلة من بعض الجهات الداعمة المحلية والدولية ساهمت قدر الإمكان بمساعدة رجال الدفاع المدني في عملهم.
أوضح منير قائد إحدى فرق الدفاع المدني في مدينة ادلب أنه لا يمكن لأي دفاع مدني في العالم أن ينكر السلاح القاتل و الفتاك الذي يستخدم في قصف المدن، خاصة بعد استخدام البراميل و الحاويات المتفجرة و الألغام البحرية و صواريخ أرض – أرض، و التي تحدث دماراً هائلاً في أماكن سقوطها.
أشار أيضاً إلى أن أهم الصعوبات التي تعترض عمل الدفاع المدني هي نقص المعدات الحديثة التي تساهم بشكل كبير في عمل الدفاع المدني .
لم تسلم فرق الدفاع المدني من غدر طائرات النظام، حيث قام الطيران الحربي باستهداف مقراتهم مرات عديدة موقعين العديد من الضحايا في صفوفهم غير مهتمين بالعمل الإنساني الذي يقدمه أولئك الرجال لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المواطنين، فكل ما يهمه هو أن المدن المستهدفة هي حاضنة شعبية للمسلحين و كل من فيها هو إرهابي كما يحلو له القول.
شارك الطيران الروسي الذي يقوم بضرب المدن السورية إلى جانب طائرات النظام أيضاً في استهداف فرق الدفاع المدني، فقام بقصف مواقع عديدة على الأراضي السورية تابعة للدفاع المدني، كما كان يقصف المنطقة مرة ثانية بعد توجّه فرق الدفاع المدني لإجلاء الضحايا و المصابين نتيجة الضربة الأولى، فسقط العديد من الشهداء في صفوف فرق الدفاع المدني.
يقول ماجد عضو فريق الدفاع المدني في مدينة سراقب في محافظة ادلب ” هدفنا الأساسي هو إنقاذ أرواح المدنيين، فقمنا بتجهيز صفارات الإنذار في أماكن مخصصة داخلى المدن و البلدات و جمعنا ما استطعنا من معدات يمكن أن تساعدنا في حفظ الأمان للمواطنين و إسعافهم و إخلائهم فور وقوع الغارات ” .
رجالٌ يضعون أرواحهم على أكفهم و شبابٌ لا يهتمون للموت و لا لطائرات الأسد، أولئك هم الأبطال المجهولون أصحاب القبعات البيضاء الذين يقدمون كل ما يملكون من قدرة بهدف إنقاذ حياة المواطنين و تأمينهم في منازلهم .
المركز الصحفي السوري – محمد تاج