أحلام وطموحات جعلتها الحرب السورية في مهب الريح، فالشباب السوريون يحلمون ويحلمون وتنتهي كل آمالهم وطموحاتهم بشهادة معلقة على الحائط ليست سوى زينة يذهب بريقها مع مرور الأيام، لم يعد مهماً مستوى التحصيل العلمي هنا في سوريا وخارجها سواء أكان الشاب ممن يحملون شهادة جامعية أم لا.
كانت البطالة إحدى أهم المشكلات الاجتماعية في سورية، فكان معدل البطالة غير واضح لاختلاف الإحصائيات، وحسب هيئة مكافحة البطالة التابعة للنظام فإن البطالة بلغت 15% للذكور وحوالي 22% للإناث لتحتل المرتبة الثالثة بين قائمة الدول العربية في عام 2002، لتزيد النسبة في بداية الأزمة من 36% إلى 40% وليصل عدد العاطلين عن العمل من الشباب حوالي 70% في الآونة الأخيرة.
رمى مصطفى تعب خمس سنوات من الدراسة، ووضع وثائق تخرجه والمصدقة على رف الخزانة، لتأكل غبار السنوات الثلاث منذ تخرجه من كلية الهندسة المدنية تلك الأوراق، فمن حينها لا يدري ماذا يعمل ويتخبط بأمره تارة يقرر السفر والعمل في الخارج تارة، ويقرر فتح مكتب هندسة في مدينته ادلب، ويقلب الأفكار برأسه ويقول:”شو أنا مجنون بدي افتح مكتب حدا بيفتح مكتب هندسة مدنية بهالبلد “، وبين أخذ ورد قرر مصطفى السفر لتركيا على أمل أن يجد فرصة عمل فيها.
فقد أثرت الأزمة على حركة العمران والبناء، فلم يعد أحد يفكر بالبناء، إذ بلغ عدد البيوت المدمرة في عام 2012حوالي 390 ألف منزل وما يعادل 700الف عائلة مهجرة، في حين أن منظمة الإسكوا قدرت عدد المنازل المدمرة مليون ونصف حتى نهاية عام 2015 .
ويكمل مصطفى مسيرته بالبحث عن مصدر رزق مستقر يؤسس من خلاله عائلة، ليفتح مطعماً للفلافل في الريحانية بعد أن عجز عن إيجاد عمل يلائم اختصاصه، وقدم السيفي الخاص به لكافة الشركات والمنظمات، إلا أنه أخفق فيه وخسر رأس المال الذي دفعه، واضطر لبيع حاسوبه الشخصي ليفي ديونه التي ترتبت عليه.
معاناة مر بها في سنة تخرجه، ليحصل على الشهادة على أمل أن يكون له مستقبل مضمون فوجد نفسه أخيرا أمام معمل أحذية يعمل به من التاسعة صباحا حتى السابعة مساء، وشهادته الجامعية بعد أن نفض غبار الحرب والبطالة من عليها عاد لينفض غبار الإحباط لعمله بأعمال تناقض اختصاصه فحاله كحال الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل والذين لا أمل لهم في وطن بات فيه المتعلم والمثقف كالجاهل الذي لايفقه شيئا.
آية رضَوان –المركز الصحفي السوري