افتتحت قطر رسميا أمس الثلاثاء ميناء حمد الذي تكلف 7.4 مليار دولار وقال مسؤولون ان الميناء سيصبح مركزا إقليميا للنقل وسيساهم في حماية اقتصاد البلاد من عقوبات فرضتها دول عربية مجاورة.
وميناء حمد، الذي يقع على بعد 40 كيلومترا جنوبي العاصمة الدوحة، هو أحد أكبر الموانئ في الشرق الأوسط.
ومنذ قطعت السعودية ومصر والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة العلاقات مع قطر في يونيو حزيران، يستقبل الميناء كميات كبيرة من الأغذية ومواد البناء لمشروعات إنشاءات من بينها استادات لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 التي ستستضيفها قطر.
وأثارت مقاطعة قطر مخاوف من أن تلك المشروعات قد تتأجل إذا تعطلت الإمدادات من الشرق الأقصى وجنوب آسيا.
لكن مسؤولين قالوا أمس الثلاثاء ان ميناء حمد سيمكن قطر من تفادي العقوبات من خلال استيراد السلع مباشرة من دول مثل الصين وسلطنة عُمان، بدلا من مرورها عبر ميناء رئيسي لإعادة التصدير في دبي.
ودشّن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في حفل افتتاح رسمي شهد حضوراً لافتا لكبار المسؤولين في الدولة، وعددا من المسؤولين الأجانب.
كما حضر الافتتاح حبيب المالكي رئيس مجلس النواب في المملكة المغربية، والدكتور أحمد بن محمد بن سالم الفطيسي وزير النقل والاتصالات في سلطنة عمان، وقرازيانو ديليريو وزير البنية التحتية والنقل الإيطالي، والمهندس عباس اخوندي وزير الطرق وبناء المدن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى جانب إليزابيث بورن وزيرة المواصلات في الجمهورية الفرنسية، ومولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي في المملكة المغربية، ورامين قولوزاده وزير المواصلات والاتصالات في جمهورية أذربيجان، وايميل كاراكينولوف وزير الاقتصاد في جمهورية بلغاريا، والشيخ يوسف العبدالله الصباح مدير عام مؤسسة الموانئ في دولة الكويت، إلى جانب جمع من السفراء المعتمدين لدى الدولة.
وقال جاسم بن سيف السليطي، وزير المواصلات والاتصالات القطري، ان ميناء حمد يستحوذ حاليا على 27% من التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، معتبرا أن هذه النسبة تعد إنجازا كبيرا لميناء حمد نظرا لكون عمره لم يكمل سنة واحدة، ورغم ذلك حقق عوائد ونسبة استحواذ عالية من التجارة الإقليمية في المنطقة.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي على هامش الافتتاح الرسمي، أن الميناء يستهدف الاستحواذ على نحو 35 في المئة من التجارة الإقليمية مع اكتمال جميع مراحله، لافتاً إلى أن استحواذه على نسبة 27 في المئة خلال العام الأول، يؤكد أن الميناء يسير في الاتجاه الصحيح نحو استقبال مزيد من الشحنات التجارية به، ومعتبرا أن افتتاح هذا المشروع هو إضافة جديدة لدولة قطر ودعما للاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أنه ترسو في الميناء حاليا واحدة من أكبر السفن التجارية في العالم والآتية من الصين وتحمل على متنها نحو 1500 حاوية، وسيتم تنزيل نحو 750 حاوية منها في قطر، والباقي سيتم إعادة تصديره إلى دول مجاورة، مؤكدا أن ميناء حمد يستقبل الآن تقريبا جميع الاحتياجات الأساسية لدولة قطر من السلع والبضائع.
وأوضح وزير المواصلات والاتصالات القطري أنه إلى جانب ما يتمتع به الميناء من إمكانيات فإنه أيضا مزود بتقنيات عالية من أجل تخليص المعاملات المتعلقة بالبضائع تعتبر من الأفضل عالميا، وهو ما يعد ميزة إضافية تدعم مكانته في التجارة الدولية، إلى جانب أجهزة الفحص الدقيق للبضائع المزود بها الميناء والتي يمكن بواسطتها فحص البضائع دون جهد بشري، وهو ما يجعل الميناء في مصاف الموانئ العالمية من حيث عدد ونوعية الأجهزة الملحقة به لضمان خدمة سريعة وفعالة للحاويات والبضائع التي تحملها.
وتوقع الوزير جاسم بن سيف السليطي أن تقوم شركة «مواني قطر» بتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون التجاري مع العديد من الشركاء في دول العالم مستقبلا. وقال انه تم أمس توقيع اتفاقية تعاون بين الميناء مع أحد الشركاء في سلطنة عمان.
ولفت إلى أنه من إنجازات ميناء حمد أنه أتاح الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة في هذا المشروع الضخم، حيث استحوذ على نسبة 60% من قيمة المناقصات التي تم طرحها لتنفيذ هذا المشروع التنموي الكبير، أي ما يفوق 10 مليارات ريال قطري، مضيفا أنه سيكون لهذا القطاع نصيبٌ كبير في أعمال إنشاء المرحلة الثانية للميناء، البالغ قيمة مشاريعها ما يقارب 5 مليارات ريال.
ونوه بأن مشاركة القطاع الخاص لم تقتصر فقط على عمليات الإنشاءات، بل أيضا امتدت لعمليات التشغيل الفعلي للميناء، حيث تتولى شركة «كيوتيرمينالز» إدارة الميناء، وهي شركة مملوكة بنسبة 51 في المئة لـ»موانئ قطر»، فيما تمتلك شركة «ملاحة»، وهي شركة مساهمة مدرجة في بورصة قطر، باقي النسبة في الشركة.
وأوضح أن إجمالي تكلفة مشروع ميناء حمد بمراحله المختلفة تصل إلى 27.5 مليار ريال، متوقعا اكتمال مراحل الميناء في عام 2021، ومشيرا إلى أن هناك مجموعة من الإنشاءات التي سيتم إنجازها في المراحل المقبلة. وأضاف أن الميناء قام بترسية معظم عقود المرحلة الثانية، وأن نحو 80 في المئة من المشروع ككل قد اكتمل.
وأشار إلى أن من أبرز المشاريع التي ستتواجد في الميناء مشروع بناء مبان ومخازن للأمن الغذائي، حيث سيتم تطوير وتشييد مرافق المشروع على مساحة تبلغ 53 هكتاراً تقريباً (ما يعادل 530 ألف متر مربع)، وستتألف من مرافق تصنيع وتحويل وتكرير متخصصة للأرز والسكر الخام والزيوت الصالحة للأكل، وستكون هذه المنتجات متاحة للاستخدام المحلي والإقليمي والدولي.
وأفاد بأن المشروع سيضم صوامع للتخزين وما يرافقها من بنية تحتية ومعدات النقل الخاصة بها، إضافة إلى إنشاء الهياكل الأساسية المجهزة بمعدات عمليات المناولة والتجهيز والتعبئة وإعادة التحميل والنقل المرتبطة بالمشروع.
كما سيحتوي المشروع على منشأة لإعادة تكرير النفايات الناتجة عن تجهيز السلع الأساسية وتحويلها إلى أعلاف حيوانية، مضيفا أن المشروع الذي تم إرساؤه لمجموعة من الشركات الوطنية إلى جانب شركات عالمية سيتم تنفيذه خلال عامين من الآن وسيكون واحدا من أكبر المشاريع من نوعه في العالم.
وأكد أن هذا المشروع سيكون نقلة نوعية سواء لدولة قطر أو الاقتصاد الوطني، حيث لا تتدخل أي أيد بشرية سواء في عمليات التخزين أو إعادة التصدير، مما يسمح للمستخدم النهائي بالحصول على نوعية غذاء ممتازة ومضمونة وتحت رقابة جميع الأجهزة المعنية في الدولة.
أكد الكابتن عبدالله الخنجي، الرئيس التنفيذي للشركة القطرية لإدارة الموانئ «موانئ قطر»، في تصريح على هامش حفل الافتتاح الرسمي لميناء حمد، أن الميناء يعد إضافة للاقتصاد القطري لمساهمته في تحسين القدرة التنافسية للدولة وتحقيق التنوع الاقتصادي، بما يخدم أهداف و»رؤية قطر الوطنية «2030، إلى جانب دوره في وضع قطر على خريطة صناعة النقل البحري عبر استقبال أكبر وأضخم السفن في العالم، وتقديم تسهيلات في الإجراءات والقوانين والمنطقة الاقتصادية الحرة بحيث تكون هناك منظومة متكاملة من الخدمات تشكل عامل جذب للسفن العملاقة.
وشدد على أن أولويات «موانئ قطر»، تتمثل في تأمين احتياجات الدولة من البضائع، وذلك عن طريق وصولها إلى الدوحة بصورة مباشرة ودون اللجوء إلى الموانئ البديلة، بالإضافة إلى استقطاب البضائع التي يتم إعادة تصديرها بواسطة استهداف الأسواق في الدول المجاورة التي لديها حاجة لهذا الأمر، لافتا إلى أن هناك دولا طلبت أن يتم استقبال بضائعها عبر ميناء حمد.
وقال ميسر جميل القطامي، المدير التنفيذي لمشروع الميناء الجديد، أنه يمثل نقلة نوعية للاقتصاد القطري وذلك عبر ما سيقدمه من تنوع ودعم لاحتياجات الدولة وتحقيق زيادة في حجم التبادل التجاري بين قطر والعالم، فضلا عن امتلاكه لمميزات عدة، في مقدمتها الموقع الجغرافي الاستراتيجي، وإمكانية التوسع في جميع النواحي بالمستقبل، إلى جانب ربط الميناء الجديد بشبكة طرق حديثة يتم العمل عليها في الوقت الحالي ومن المقرر الانتهاء منها قريبا.
وأضاف أن الميناء استوعب الزيادة الكبيرة في الطلب على المواد والمنتجات بسهولة، وذلك لأن المحطة الأولى من الميناء سعتها 2 مليون حاوية سنويا، مما يجعل من الميناء قادرا على الوفاء باستقبال احتياجات الدولة كافة، وذلك بما يملكه من إمكانيات فنية وتكنولوجية.
وحول التطورات بعد افتتاح ميناء حمد بشكل رسمي، أفاد بأن هناك دراسات ومناقشات مع خطوط ملاحية جديدة لإضافتها إلى الخطوط الحالية، وفي المستقبل سيكون هناك توسعات وخطط جديدة، في مقدمتها مشروع مخازن الأمن الغذائي.
وأفاد الرائد المهندس علي حسن الراشد، رئيس الأنظمة الأمنية في ميناء حمد، أن الأنظمة الأمنية في الميناء تنقسم إلى قسمين، الأول يتم فيه العمل على تأمين الميناء بنظام ذكي، والثاني يتم فيه تأمين البضائع والحاويات الآتية للميناء.
وأكد أن ميناء حمد يعتبر من أفضل الموانئ على مستوى العالم من حيث السرعة في تفتيش الحاويات خلال يوم واحد لتصل قدرته الاستيعابية إلى 24 ألف حاوية، لافتا إلى أن التفتيش الأمني الدقيق يستغرق 3 ثوان فقط للحاوية الواحدة، ويستطيع الكشف عن أي نوع من أنواع الممنوعات، إضافة إلى أن هناك نظاما يقرأ لوحة الشاحنات التي تحمل البضائع ويتم من خلاله التعرف على كافة البيانات وهذا نوع من التسهيلات والمرونة والاعتماد على الأنظمة الذكية المتطورة.
إسماعيل طلاي
القدس العربي