لا أحد يتحرك في شوارع المدن السورية التي تسيطر عليها الحكومة إلا مَن استطاع سبيلاً في تأمين الوقود لسيارته آو آليته سواء كانت تعمل على مادة البنزين أو على الديزل، الحياة شبه معطلة في المدن الرئيسية الكبرى، دمشق، حلب، حمص، اللاذقية، طرطوس، آلاف السيارات والحافلات ووسائط النقل العام والخاص تقف في طابور يصل طوله إلى كيلومترات عدة أحياناً أمام محطة الوقود التي يوجد في خزاناتها بعضٌ منه.
البعض من سائق السيارات العمومية باتوا ليلتهم داخل سياراتهم وهم ضمن طابور الانتظار، لعلهم يستطيعون الوصول إلى حرَم محطة الوقود. يقول صاحب سيارة عمومية لـ «القدس العربي» إنه نام ليلة الخميس في سيارته وهو يحاول الوصول إلى إحدى محطات البنزين في حي المزة بدمشق، وأضاف أنه لو غادر المكان فإنه سيعود من جديد للانتظار طويلاً، وتابع بالقول: مصدر رزقي ورزق عائلتي المكونة من خمسة أفراد هو العمل على سيارتي العمومية، منذ ثلاثة أيام وأنا متعطل، هذا يعني أننا لن نستطيع شراء طعامنا ما لم أعمل.
السوريون يتذمرون وبشدة من عدم خروج أي مسؤول حكومي للحديث عن السبب الحقيقي لهذه الأزمة الخانقة التي يعيشونها منذ أكثر من أسبوع، واكتفى وزير النفط السوري علي غانم في رده على برلمانيين خلال جلسة استماع له أمام البرلمان السوري بالقول إن: أسباب حصول الاختناقات في توزيع المشتقات النفطية، مشيرا إلى أن سبب هذه الاختناقات هو تأخر عمليات التوريد وإشكالياتها وانقطاع الإمداد بالنفط وغير ذلك من الأمور الفنية». وأضاف أن» خطة التوريدات ستتحسن بدءا من الأسبوع المقبل وستنعكس على توزيع كل المشتقات النفطية «،لافتاً إلى أن» هذه الأيام التي نعيشها هي من أصعب الأيام خلال مرحلة الأزمة بما يخص موضوع المشتقات النفطية».
لكن كلام وزير النفط السوري لا يأخذه السوريون على محمل الجد لا لجهة الأسباب التي تحدث عنها ولا لجهة الوعود بحل أزمة الوقود المستفحلة.
مادة المازوت التي يعتمد السوريون عليها بالدرجة الأولى للتدفئة مفقودة بالمعنى الحرفي للكلمة، الأزمة تعصف بهم كما يعصف الشتاء ببرده وقساوته بهم أيضاً، آلاف المنازل لا يوجد فيها ليتر واحد من مادة المازوت، وحدها أغطية النوم تلف العائلات بصغيرها وكبيرها درءاً للبرد الذي يشتد ليلاً. كل ذلك مع فقدان لمادة أكثر حيوية وأهمية وهي الغاز المنزلي ويترافق هذا الأمر مع انقطاع في التيار الكهربائي، صارت الأزمة رباعية الأضلاع: فقدان للبنزين، وفقدان للمازوت، وفقدان للغاز المنزلي، وغياب للكهرباء.
القدس العربي