يبدو أن محاولة الانقلاب على السلطة في تركيا قد انعكست على مستقبل الاستثمارات السورية فيها بعض الشيء، لكن الواضح أن لما جرى مظهرين أحدهما إيجابي، والآخر سلبي.
المظهر الإيجابي يتمثل في جو الطمأنينة الذي عززه فشل محاولة الانقلاب لدى المستثمرين السوريين في تركيا، لطالما أن الخطر قد زال على ممتلكاتهم – ولو مبدئياً- كما يتضح.
وفي هذا الاتجاه أيضاً يرى الباحث السوري غريب ميرزا، أن ما يشعر المستثمر السوري بالراحة بالإضافة إلى فشل الانقلاب، «الطريقة التي أفشل بها»، ويوضح «كان للحركة المدنية المتمثلة بالمظاهرات الكلمة العليا في إفشال الانقلاب، وهذا يعني أن الحركة العسكرية (عدوة الاقتصاد) شبه محجمة».
ومع عدم استبعاده لأن يسهم ما جرى بتقليص حجم الاستثمارات السورية «رأسياً»، يشير ميرزا خلال تصريحات خاصة بـ»القدس العربي»، إلى أن المستثمر السوري لا يملك الخيار، ويبين «هناك خوف مواز لدى المستثمر السوري، من التوجه إلى أوروبا بعد تعاظم قوة اليمين المتطرف هناك، ويأتي تعيين بوريس جونسون (ترامب بريطانيا) كوزير للخارجية البريطانية، ليعزز من هذه المخاوف».
يضاف إلى ما سبق بحسب رأي الباحث السوري نفسه، أن ثمة احتمالا كبيرا لأن يسهم ما جرى في زيادة تساهل القوانين التركية مع المستثمرين الأجانب والسوريين على وجه الخصوص لجذب استثمارات أكبر، سعياً من حكومة البلاد إلى تعويض الخسارات الكبيرة التي لحقت بقطاعها السياحي.
بدوره لا يقلل المحلل السياسي والمهتم بالشأن الاقتصادي السوري عبو الحسو من حجم المخاوف التي رافقت الساعات الأولى من الانقلاب، لكنه وفي الوقت ذاته يعتبر أن هذه المخاوف تحولت تدريجياً مع فشل المحاولة إلى عامل ثقة إضافي بقوة السلطة التي تحكم البلاد، ويشير في حديثه لـ»القدس العربي» إلى تحسن سعر صرف الليرة التركية بعد ساعات من استتاب الأمن.
وبعيداً عن الآثار الإيجابية المتوقعة على مستقبل الاستثمارات السورية في تركيا، والتي قد تكشف عنها الأيام القليلة المقبلة، وبالتركيز على الآثار السلبية، فيرى مراقبون أن خبر محاولة الانقلاب الأخيرة نزل بمثابة الصدمة على رؤوس السوريين المتواجدين في تركيا بشكل عام، وعلى المستثمرين منهم بشكل خاص، ليبادر الكثير منهم إلى سحب أرصدته من البنوك بمجرد سماعه الخبر.
وجاء التحول الأهم في أن كم الخطر الذي صاحب عملية الانقلاب غير واردة بحسبان المستثمرين السوريين في تركيا بتاتاً، الأمر الذي أشاع جواً من الترقب والإحباط.
وفي هذا السياق وصف الصحافي الاقتصادي السوري عدنان عبد الرزاق الأفق الاقتصادي التركي بـ»الغائم والملبد بالخسائر الاقتصادية»، مضيفاً عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»، «البلد على كف عفريت».
ويتفق المحلل المالي محمود ناصر مع ما ذهب إليه عبد الرزاق، ويضيف لـ»القدس العربي» بالقول «بالنظر إلى حجم المحاولة الانقلابية، فإن مؤشرات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة تبدو مرتفعة».
وجدير بالذكر أنه وبحسب إحصائية أوردها موقع «ترك برس» الإلكتروني، في آذار/مارس الماضي، فقد أدخل المستثمرون السوريون حوالي 10 مليارات دولار إلى تركيا خلال ستة أعوام، ووصل عدد الشركات السورية المرخصة في تركيا إلى حوالي أربعة آلاف شركة، برأس مال يقدر بـ220 مليون دولار أمريكي.
القدس العربي_ مصطفى محمد