لندن ـ «القدس العربي»: بعد إطلاق المدمرة البحرية الأمريكية الشهر الماضي عدداً من صواريخ كروز على قاعدة الشعيرات الجوية وسط سوريا خافت الولايات المتحدة من قطع روسيا الإتصالات الجوية معها والتي اتفق عليها البلدان لمنع أي تصادم في الأجواء السورية. وبعد ستة أسابيع لا يزال الجيش الأمريكي والروسي يستخدمان «الخط الساخن» نفسه لمنع حدوث مواجهة جوية بينهما.
وفي الحقيقة تقول صحيفة «نيويورك تايمز»: زادت عملية استخدام الخط. وفي تصريحات للجنرال جيفري آل هارينغتون لعدد من الصحافيين في وزارة الدفاع (البنتاغون) قال: «من ناحية كمية المكالمات الهاتفية، زادت».
ولا يعني من تصريحات المسؤول الأمريكي أن الطرفين يقتربان من اتفاق حول حل النزاع الآن أو في المستقبل. وخلافاً لهذا فهما يحاولان منع اندلاع نزاع غير مباشر في أجواء سوريا خاصة وانها مزدحمة بكل الطائرات والجنسيات: سورية، امريكية، روسية، تركية وإسرائيلية. وبدأ الضباط الأمريكيون والروس يتصلون مع بعضهم في أعقاب التدخل الروسي في سوريا خريف عام 2015.
ولم تكن الإتصالات للتنسيق ولكن من أجل منع تصادم في الجو بين طيران البلدين وبحث قضايا أخرى حيث استخدموا خطاً ساخناً يربط قاعدة «العديد» الجوية في قطر والقاعدة الجوية الروسية في اللاذقية. وتدير القيادة الأمريكية الوسطى في الشرق الأوسط من «العديد» الحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة».
واستخدمت الولايات المتحدة «الخط الساخن» لتحذير روسيا قبل وقت قصير من الغارات الصاروخية في 7 نيسان/إبريل على القاعدة الجوية السورية التي جاءت لمعاقبة نظام بشار الأسد لاستخدامه السلاح الكيميائي ضد المدنيين في بلدة خان شيخون في ريف إدلب.
ورد المسؤولون الروس على استهداف حليفهم السوري بتعليق التعاون مع الولايات المتحدة. إلا أن المسؤولين الروس استنتجوا أن الضربة الصاروخية لمرة واحدة وليست بداية لتدخل أمريكي يهدف للإطاحة بنظام الأسد. واستمر الجيش الأمريكي بالتواصل مع الجانب الروسي حتى تكون قادرة على ضرب مناطق تنظيم «الدولة» بدون أن تتعرض لرد من الطيران الروسي أو السوري.
وقال هارينغتون إن الجيش الأمريكي زاد من الإتصالات مع الجانب الروسي لمنع أي تصادم في الأجواء السورية المكتظة. ولا يقتصر التواصل على المستوى القيادي المتوسط بل على المستوى البارز. واتخذ الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة خطوات لتوسيع التواصل مع الروس. وكلف الجنرال كينث ماكنزي، مسؤول التخطيط في هيئة الأركان للتواصل مع نظيره الروسي.
وتم استخدام الخط الساخن في الأسبوع الماضي عندما ضرب الطيران الأمريكي ميليشيات شيعية مؤيدة للأسد كانت تقترب من قاعدة التنف التي تدرب فيها القوات الأمريكية والبريطانية الخاصة المعارضة السورية. وتم ضرب عناصر هذه الميليشيات عندما بدأوا بإنشاء نقطة قريبة من القاعدة. وعندما لم تردعهم الطلقات التحذيرية شن الطيران غارة عليهم. ويتحدث الآن المسؤولون الأمريكيون مع الروس لمنع الميليشيات من التقدم مرة ثانية. ويخشى أن تؤدي الغارات الجوية على العناصر الموالية لسوريا وإيران لمواجهة مع الولايات المتحدة.
ملامح مواجهة
وفي مقال كتبه دان دي لوتشي وبول ماكليري في مجلة «فورين بوليسي» أشارا فيه إلى إمكانية مواجهة مفتوحة بعد الغارة الأخيرة. بشكل يغير من قواعد التعايش التي التزم بها الطرفان الأمريكي والإيراني في كل من العراق وسوريا والتركيز على العدو المشترك، أي تنظيم «الدولة».
وبخلاف الوضع في العراق، ففي سوريا يخوض الطرفان حرباً مختلفة. فهنا تريد أمريكا هزيمة الجهاديين، أما إيران فتحاول الحفاظ على نظام الأسد. وفي ظل الهزائم التي يتعرض لها تنظيم «الدولة» في سوريا يحاول كل طرف، بمن فيهم حلفاء إيران موضعة نفسه على الحدود السورية ـ العراقية. وتقول المجلة إن الغارة الجوية في 18 أيار/مايو الحالي تعتبر أول مرة تستهدف فيها طائرات أمريكية حلفاء لإيران.
وقلل فيه العسكريون الأمريكيون من أهمية الحادث قائلين إنه محاولة لحماية القوات الأمريكية الخاصة العاملة في جنوب ـ شرق البلاد.
ونقل عن عسكري بارز قوله «لا يعتبر هذا تغيراً في الاستراتيجية». وهذه تقوم على مكافحة تنظيم «الدولة» وحرمانه من المناطق الآمنة في سوريا. وباستثناء الضربة الصاروخية الأخيرة فقد تجنبت إدارة ترامب ومن قبلها إدارة الرئيس باراك أوباما المواجهة مع النظام السوري أو رعاته الإيرانيين والروس.
فبعد طرد الجهاديين من مناطق تأثيرهم في الشمال السوري، تحاول الإدارة الأمريكية وعبر تسليح الأكراد السوريين طردهم من معقلهم القوي في الرقة المحاصرة من قوات سوريا الديمقراطية ومن ثم الدفع باتجاه ملاحقتهم في دير الزور، شرق سوريا ومنطقة وادي الفرات حيث لا يزال تنظيم «الدولة» قوياً.
قلق
وتشعر إيران بالقلق من التطورات الأخيرة والحضور المتزايد للقوات الأمريكية الخاصة وتقدم الميليشيات الكردية بشكل بات يهدد مشروعها لبناء ممر طويل يبدأ من أراضيها ويمر عبر العراق ومن ثم سوريا إلى لبنان. وزعمت الصحافة الإيرانية أن وجود القوات الأمريكية الخاصة على الحدود جاء لمنع وصول الإمدادات الإيرانية لحلفائها. وردت طهران على التطورات بنشر آلاف من عناصر الميليشيات العراقية والأفغان و3.000 من مقاتلي حزب الله على الجهة الجنوبية ـ الشرقية من سوريا.
وحسب وكالة أنباء «فارس» التابعة للحرس الثوري فقد تم إرسال حزب الله إلى منطقة التنف لفتح المجال أمام الجيش السوري وإحباط الخطط الأمريكية وفرض الأمن على طريق تدمر- بغداد.
ويمكن أن تمنع هذه القوات تقدم القوى المدعومة من أمريكا التقدم شمال قاعدة التنف. وتزامنت التطورات في هذه المنطقة مع الخطاب شديد اللهجة الذي ألقاه الرئيس ترامب في العاصمة السعودية، الرياض وهاجم فيه إيران واعتبرها مصدر تهديد للسلام الإقليمي.
استراتيجية
وبعيداً عن هذه اللهجة المتشددة لا تزال الإدارة تراجع استراتيجيتها من إيران ولم تحدد بعد أهدافها على الحدود السورية ـ العراقية.
وحسب روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في دمشق والزميل الباحث في معهد الشرق الأوسط «ليس من الواضح فيما إن كان لدى الإدارة التفاصيل حول كيفية إدارة وجودها في شرقي سوريا» و»إن لم تكن الإدارة حذرة فستواجه منزلقاً وهناك احتمال لنشوب نزاع». وأعطى ترامب العسكريين الصلاحية لنشر حوالي 1.000 جندي من القوات الخاصة بين المقاتلين الأكراد في شمال ـ شرق البلاد وعلى الحدود الجنوبية الشرقية من سوريا حيث التنف.
ويقول مسؤول عسكري إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يراقب تحركات الميليشيات الشيعية وهي تتحرك في اتجاه دير الزور في الشرق. ولا يزال النظام رغم خسارته معظم المنطقة يحتفظ بقاعدة عسكرية معزولة يتم تزويدها بالطيران. وفيها ألف جندي مما يعني أن لديه قوة قتالية جيدة في المنطقة. ويقدر العسكريون الأمريكيون أن طرد التنظيم من الرقة يعني لجوء مقاتليه لوادي الفرات حيث يقوم الطيران الأمريكي بغارات على المنطقة منذ أشهر. ويراقب الأمريكيون الميليشيات الشيعية قرب التنف والتي يعتقد أنها متجهة شرقاً نحو دير الزور.
ويخشى في ضوء التقدم لهذه الميليشيات ونشاط الطيران الأمريكي والروسي في الأجواء أن يؤدي لمواجهة غير مقصودة. ففي إيلول/سبتمبر شن الطيران الأمريكي غارة على مواقع للجيش السوري بطريق الخطأ قتل فيها 60 جندياً بشكل أغضب الروس وكانت وراء انهيار وقف إطلاق النار في حلب. وبوجود القوات الخاصة والمستشارين الأمريكيين الذين يتحركون مع وحدات المقاتلين فهناك مجال لأن تقوم الميليشيات الشيعية بالإنتقام كما فعلت أثناء الغزو الأمريكي.
ففي تلك الفترة قدمت طهران لهذه الأسلحة المتقدمة التي أدت لمقتل مئات الجنود الأمريكيين. وزادت الميليشيات المدعومة من إيران حملتها الدعائية ضد الولايات المتحدة التي اتهمت بدعم تنظيم «الدولة» وطالبت حكومة بغداد بطرد القوات الأمريكية من العراق.
العودة إلى سنجار
وصورة التناحر على المناطق واضحة في سنجار التي خرج منها تتظيم «الدولة» عام 2015. ففي مقال كتبه فلورين نيهوف في موقع «دايلي بيست» أشار فيه إلى أن الميليشيات الشيعية هي آخر قوة تصل إلى سنجار التي أصبحت أكثر منطقة متنازع عليها في كل العراق.
وأصبحت البلدة الواقعة قرب الحدود السورية منطقة مهمة في التنازع الإقليمي، وتحاول فيها قوى مدعومة من تركيا وإيران بناء نفوذ لها. ومع قرب نهاية تنظيم «الدولة» تتصاعد التوترات بين القوى المتعددة وبشكل مفتوح. ففي 25 نيسان/إبريل قام الطيران التركي بضرب مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني الإنفصالي، «بي كا كا» الذي عزز من مواقعه في جبل سنجار الذي عاشت فيه أقلية أزيدية كبيرة. ويواجه «بي كا كا» معركة مع قوات البيشمركه التابعة لحكومة إقليم كردستان التي أوجدت حضوراً لها في المنطقة وتطالب «بي كا كا» الخروج من المنطقة.
ويحاول «بي كا كا» استخدام المناطق العراقية كعمق استراتيجي يشن منها هجمات ضد تركيا. ومع أن كلاً من الحزبين يرغب في دولة كردية في الشرق الأوسط إلا أن أساليبهما مختلفة وكذا الولاءات. ولهذا فهما في حالة صدامية منذ وصول تنظيم «الدولة» إلى المنطقة في صيف 2014. ويعتبر «بي كا كا» بالنسبة لإيران وميليشيات الحشد التي تمولها في العراق أداة جيدة لتحقيق طموحاتها الإقليمية وبناء ممر لها مع سوريا. وحسب مسؤولين أكراد فقد أصبحت سنجار جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية طهران لإنشاء الطريق البري عبر العراق إلى سوريا.
ويقول ناصر باشا خلف، أحد مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني: «فتح بي كا كا الباب أمام الميليشيات الأخرى كي تأتي إلى العراق ومن ثم إلى سوريا».
ويقول نيهوف إن المبادرة الإيرانية تقع على كاهل الميليشيات المدعومة من طهران التي تسيطر على مساحات تمتد من الحدود الإيرانية وجنوب المناطق الكردية إلى تلعفر المحاصرة وحتى الحدود مع سوريا.
وجاءت سيطرتها على تل كساب وتل بنات قرب سنجار لتتمكن من التواصل مع وكلاء إيران بشكل يمكن إكمال الممر الإيراني مع سوريا. وتوفر المناطق الخاضعة لأكراد سوريا صلة الوصل بين إيران والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام. ويعقد من الجهود الإيرانية كون فرع «بي كا كا» السوري حليفاً قوياً للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم «الدولة». ولكن القوى المتعددة ونظام الأسد تحالفت فيما بينها في جبل سنجار.
ومع ذلك فقد تعرقل تركيا المشروع الإيراني لموقفها المعارض لبي كا كا ودعمها لجهود الإطاحة بنظام الأسد منذ اندلاع الحرب عام 2011. وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل في العراق حالة شاركت قوات الحشد الشعبي في الموصل أو دخلت تلعفر ذات النسبة التركمانية إلا أن التكهنات بتوغل تركي زادت بعد الغارات الجوية الأخيرة ضد «بي كا كا».
ويقول نيهوف إن الأزيديين الذين عانوا خلال الثلاث سنوات الماضية سيكونون الطرف الخاسر. ويقول دخيل إسماعيل من ميليشيا أزيدية مسلحة «التوتر القائم بين البيشمركه وبي كا كا هو السبب الرئيسي لعدم عودة الأزيديين لبيوتهم. وهم يتوقعون قتالًا». وكان بي كا كا قد استفاد من وصول تنظيم «الدولة» إلى جبل سنجار حيث أقام منطقة نفوذ له وأسهم بإجلاء الأزيديين إلى مناطق الأكراد في سوريا.
وبعد خروج الجهاديين من سنجار في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 رفض حزب العمال التخلي عن منطقة نفوذه في الجبل. ويقول ديشوار فاخر، قائد وحدة أزيدية مسلحة «بعد تحرير سنجار ساءت العلاقة» بين البيشمركه و«بي كا كا».
واستطاع هذا تجنيد عدد من الأزيديين الذين فقدوا الأمل في البيشمركه ورفضوا سيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني على مناطقهم. وفي الوقت نفسه وقف عدد من الأزيديين مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويقول خلف حاجي خلف مربي النحل «يريد بي كا كا السيطرة على سنجار وكذا الحزب الديمقراطي الكردستاني ولو تواجها فسيكون الأزيديون الضحايا الذين انضموا للطرفين».
واندلعت المواجهات بينهما في بلدة خنصور، أما في سنجار فيراقبان بعضهما البعض وسط الدمار ويتجنبان المواجهة في ظل استمرار سيطرة التنظيم على مناطق ريفية جنوب البلدة. ويتهم البعض حكومة إقليم كردستان بالتراجع عن وعودها ومنعهم من العودة إلى بيوتهم حيث قيل لهم إنهم ينتظرون إذناً من القوات الأمريكية والسماح للمهجرين بالعودة إلى بيوتهم. وهناك الألوف منهم يعيشون في مخيمات في مناطق كردستان ولن يجدوا شيئا للعودة إليه بسبب القصف الجوي المكثف على الجهاديين والذي ترك معظم سنجار أنقاضاً.
على الحدود
بعيداً عن سنجار وعلى الحدود السورية ـ الأردنية كتب أرون مجيد، الصحافي المقيم في العاصمة عمان عن مخيم الركبان الذي يقع على الحدود شمال ـ شرق بين الأردن وسوريا. وقال إن عبد السلام حميد (52 عاماً) فر من حمص ليتجنب الحرب الأهلية ويوفر لعائلته مكاناً آمناً ليجد نفسه عالقاً مع 80.000 لاجئ في مخيم لم تصل إليه إلا شحنة مساعدات واحدة للأمم المتحدة منذ بداية العام الحالي ولا يوجد فيه عيادة طبية واحدة. ووصف الوضع في الركبان بالكارثي. وتقول إحصائيات الأمم المتحدة إن نسبة 80% من العالقين في المخيم هم من النساء والأطفال.
وتقدم حميد، وهو أب لثمانية أطفال بطلب علاج ابنه الذي يعاني من مشاكل في قلبه إلا أن السلطات الأردنية رفضت طلبه. ويشعر بالقلق على مصير أولاده التعليمي، فبدون مدرسة لتعليمهم لا يستطيعون كتابة أسمائهم «وكأننا نعيش في العصر الحجري».
واستقبل الأردن حوالي 659.000 لاجئ سوري منذ اندلاع الحرب الأهلية. وكان قد فتح أبوابه للهاربين من الحرب إلا أنه غير سياسته وبدأ يمنع اللاجئين من دخول أراضيه وتركهم عالقين في المنطقة الدولية الخالية بين البلدين والتي يطلق عليها «الساتر».
ومقارنة مع مخيم الزعتري أو الأزرق لا تتوفر قوى عسكرية أو امنية لحماية الركبان. السبب مرتبط في جزء منه من استمرار المواجهات بين الفصائل المتعددة في داخله بين تنظيم «الدولة» و»الجيش السوري الحر».
بالإضافة لانفجار القنابل كان آخرها في 16 أيار/مايو. وقد تكون الهجمات أعلى في ضوء القيود التي يمارسها الأردنيون على الدخول والخروج للمخيم من جانبهم وصعوبة الدخول إليه من الجانب السوري. وكان مقاتلو تنظيم «الدولة» قد نفذوا هجوماً انتحارياً في حزيران/يونيو 2016 قتلوا فيه 7 جنود أردنيين.
وكان الملك عبدالله الثاني قد وعد بدخول 20.000 لاجئ من المخيم عام 2016 إلا أن التفجير الإنتحاري غير موقف الحكومة التي اعتبرت كامل المخيم منطقة عسكرية وقطعت عنه المساعدات حتى آب/أغسطس 2016. بشكل قاده إلى حالات فقر التغذية وأمراض رئة وإسهال خاصة بين الأطفال. ورغم سماح عمان بدخول مساعدات إنسانية محدودة إلا أن الوضع لا يزال هشاً.
وحسب عامل إغاثي دولي قال إن عدداً من الأطفال ماتوا بسبب نقص العناية الطبية حيث تبدو القبور المؤقتة واضحة من الجو. ورغم الكارثة الإنسانية إلا أن الأردن لن يسمح بدخول السوريين إلى أراضيه. خاصة أن الموقف الحكومي يرى في استمرار تدفقهم خطراً على أمنه.
وقبل الهجوم على الجنود قال الملك عبدالله في تصريحات لبي بي سي البريطانية إن الأردن قد وصل «درجة الغليان» محذراً من انهيار السد «عاجلاً أم أجلاً». وينتقد الكثير من الأردنيين ما يرونه النفاق الغربي الذي يدعو لحقوق الإنسان. ولا يقوم بالعمل على حل الأزمة. فمنذ بداية الحرب عام 2011 لم تستوعب الأمم المتحدة سوى 18.000 لاجئ وهو عدد أقل مما تحمله الأردن الذي لا يملك المقدرات الكافية. ويقول شون يوم، المحلل السياسي بجامعة تيمبل إن الأردن ليست لديه استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع الأزمة.
وقال إن الحكومة ستواصل التمسك بموقفها الحالي حتى يستقر الوضع في سوريا. ويواجه الأردن معضلة تتعلق بالركبان، فلو سمح لسكانه بدخول البلاد فإنه قد تؤدي لخلق موجة لجوء جديدة وتدفق السوريين على الحدود لتأمين مكان لهم. وفي الوقت نفسه فاستمرار مخيم الركبان وسكانه الـ80.000 يشكل قنبلة موقوتة وخطراً أمنياً وتحوله لمنطقة جذب للجهاديين.
ويخشى الأردن من تعرض جنوده لهجمات جديدة في وقت تؤكد فيه الحكومة الأردنية بناء تنظيم «الدولة» مواقع له داخل المخيم. وأكد الجنرال سامي الكفاوين في شهر شباط/فبراير وجود تنظيم «الدولة» في داخل الساتر. ولكن آدم غوغل، الباحث المقيم في عمان لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» انتقد الخطاب الذي يربط80.000 لاجئ بتنظيم «الدولة» ويمكن استخدامه لإخفاء معاناة الناس الحقيقية فيه وهم الذين «فروا من الاضطهاد ويبحثون عن المساعدة الإنسانية».