قالت سياسية كردية بارزة إن الجماعات الكردية السورية وحلفاءها سيوافقون على دستور يضع نظام حكم جديداً في شمال سوريا الشهر المقبل، في تحد لتوغل تركي يهدف لتقليص نفوذ الأكراد في المنطقة.
وسيطبق النظام الجديد في أجزاء من الشمال، حيث فرضت الجماعات الكردية بالفعل مناطق حكم ذاتي منذ بداية الصراع في سوريا عام 2011 ، مما أثار قلق تركيا التي تخشى من تنامي نفوذ الأكراد على حدودها.
وقالت هداية يوسف التي ترأس المجلس التأسيسي للنظام الفيدرالي في مقابلة «نحن قررنا بأن نعقد اجتماع المجلس التأسيسي لمشروع النظام الفيدرالي في بداية (أكتوبر) تشرين الأول وسوف نقوم بإعلان نظامنا في الشمال السوري.»
وأضافت «ونحن لن نتراجع عن هذا المشروع بل سنعمل على تطبيقه على أرض الواقع.»
ومضت تقول «ولن نفسح المجال لتركيا لأن تقوم بإعاقة هذا المشروع.»
إلى ذلك رفضت هيئات ومنظمات وأحزاب تركمانية سورية تجاهلهم في رؤية الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، للحل السياسي في البلاد، والتي كشفت عنها، الأربعاء، خلال مؤتمر في العاصمة البريطانية لندن.
وتضمنت رؤية الهيئة العليا للمفاوضات بنداً اعتبر «القضية الكردية قضية وطنية سورية، والعمل على ضمان حقوقهم القومية واللغوية والثقافية دستورياً»، من دون الإشارة إلى باقي المكونات ومنها التركمان، الأمر الذي أثار حفيظتهم.
وفي بيان عام صدر عنها أمس، أفادت هيئات تركمانية سورية بأن»الهيئة العليا وضعت بين يدي الشعب السوري رؤيتها لمستقبل البلاد من خلال عملية تفاوضية تفضي إلى إقرار مبادئ أساسية لمرحلة انتقالية تبدأ مع رحيل بشار الأسد وزمرته، وتتولى السلطة هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات».
وأضاف البيان»بما أن هذه الوثيقة بمثابة رؤية شاملة للتمثيل العادل لسائر أبناء الوطن، وبما أن المكون التركماني جزء أصيل من مكونات الشعب السوري، ونظرًا لإنكار وجوده المتعمد في رؤية الحل السياسي، وتجاهل حقوقه السياسية والثقافية والاقتصادية والإدارية في الوطن السوري، فإننا نرفض ذلك».
ومضى البيان موضحاً بالقول «نرفض بيان الهيئة العليا للمفاوضات، واعتبار كل ما ورد فيه يمثل الهيئة العليا فقط، ولا تلزم المكون التركماني جملة وتفصيلاً».
جاء ذلك فيما ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن الجيش التركي سيوسع عملياته العسكرية بشكل أكبر داخل الأراضي السورية، وذلك بالتزامن مع تزايد الأنباء عن مباحثات تركية أمريكية لمهاجمة مدينة الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم «الدولة» في سوريا، في حين أعلنت السعودية تأييدها الكامل لعملية «درع الفرات» التركية في سوريا.
وقال أردوغان في خطاب في القصر الرئاسي في العاصمة أنقرة، الخميس: «سرعة ونجاح عملية درع الفرات في سوريا، غيّرت نظرة الرأي العام العالمي تجاه المنطقة، ولا يمكن بعد الآن تفعيل أي سيناريو في المنطقة دون موافقة تركيا»، على حد تعبيره.
وأضاف أردوغان أمام المئات من المسؤولين المحليين: «لم يبق حاليا وجود لتنظيم داعش في مدينة جرابلس وبلدة الراعي، وهم سيهربون ونحن سنطاردهم، سنستمر في عملياتنا ضدّهم، إلى أين؟ لا داعي للكشف عن ذلك، لنا خططنا الخاصة وتهدف إلى ضمان أمن الحدود التركية»، في توصيف اعتبرته وسائل الإعلام التركية على أنه إشارة لتوجه تركي لتوسيع العملية العسكرية المتواصلة في سوريا.
وحول الانتقادات الموجهة للعملية التركية وعدم الحصول على إذن من النظام السوري والتي جاء آخرها من روسيا، قال أردوغان: «نحن لا نأخذ إذناً من قاتل سفك دم شعبه»، في إشارة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد.
والأربعاء، أعلن أردوغان أن تركيا والولايات المتحدة مستعدتان للعمل معا في سوريا لطرد تنظيم الدولة من معقله في الرقة، مؤكداً أنه اتفق مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، على هامش قمة مجموعة العشرين في الصين، على «القيام بما هو ضروري» لطرد التنظيم من الرقة، من دون مزيد من التفاصيل.
وعن إمكانية الدخول في عملية عسكرية في مدينة الرقة، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن «الرقة تعد المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا، وأنّ داعش سيحافظ على وجوده في سوريا والعراق ما لم يتم طرده من الرقة واستعادة المحافظة منه»، مضيفاً: «إن كنا نرغب فعلاً بتطهير سوريا والعراق من عناصر داعش، فإنّ حملتين عسكريتين على الرقة السورية والموصل العراقية تستحوذان على أهمية بالغة، وقلنا من البداية بأنه من غير الممكن القضاء على داعش أو وقف زحفه بالغارات الجوية دون دعم القوات البرية المحلية، ويجب التحضير والتخطيط جيداً للحملة على الرقة وتأهيل وتسليح القوات المحلية ومشاركة جميع الدول في دعم هذه الحملة».
من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده تدعم «العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا لمواجهة الجماعات الإرهابية»، كما تدعم «الشرعية في تركيا، وتساند كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية للدفاع عن نفسها وتجاوز هذه المرحلة».
وأوضح الوزير السعودي في مؤتمر صحافي مشترك عقده عقب مباحثات مع وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في أنقرة أنه بحث مع نظيره التركي الأزمات في سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن مواجهة الإرهاب وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيراً إلى «تطابق كامل في الرؤية بين البلدين، تجاه مختلف القضايا في المنطقة».
إسماعيل جمال _القدس العربي