الصورة التي نشرت في هذا الاسبوع لامرأة معوقة من حلب، وهي ميتة وتجلس على كرسي متحرك، بعد أن قام زوجها بنقلها من مكان إلى آخر وهو يبحث بيأس عن طبيب كي يساعدها، كانت صورة هذا الاسبوع. وقد ظهرت في خلفية الصورة هياكل البيوت المهدمة في حلب، بدون نوافذ وأبواب. وفقط أعمدة الاسمنت المكشوفة هي التي تدعم البيوت التي تبدو وكأنها تنتظر رياحا خفيفة كي تُسقطها وتُنهي حياتها.
لم يكن هناك أحد يقف أو يسير في الشوارع، وفقط الزوج الثاكل وزوجته الميتة والكرسي المتحرك، كانوا متجمدين في الشارع الميت.
إن الحرب في حلب وفرت الكثير من الصور التي تقشعر لها الأبدان، أطفال بدون أطراف، أمهات فقدن أزواجهن وأولادهن، ولد شجاع ومصاب يسأل والديه إذا كان سيبقى على قيد الحياة. ولكن يبدو أن هذه الصورة هي الملائمة أكثر كشعار لموقع «حلب اليوم»، حيث يظهر الهاشتاغ ـ هولوكوست.
حلب هي المدينة الثانية من حيث حجمها في سوريا، وفيها مبان قديمة من القرن الثاني عشر، أسواء وأحياء جميلة، أسواق أصيلة كانت تعج بالاحياء التجارية، لكنها تحولت إلى مدينة أشباح، فصل دموي آخذ بالعودة إلى احضان نظام الأسد.
اذا كان هذا هو التوجه الحالي، بعد سيطرة الأسد على 80 في المئة من المناطق التي سيطر عليها المتمردون في المدينة، فلا يوجد لديه أي سبب للموافقة على وقف اطلاق النار أو الانضمام إلى أية عملية سياسية. وقد أعلن في هذا الاسبوع للمتمردين أنه من الافضل لهم ترك الجزء الشرقي من حلب، وإلا فإنه سيتم «تدميرهم». عدد من المتمردين قاموا بالمغادرة، لكن لا يوجد لهم ولعشرات آلاف المدنيين أي ملجأ للهرب اليه. ففي البداية هربوا إلى الحي الذي يسيطر عليه الاكراد في سوريا، إلى حين قيل لهم إنه لم يبق أي مكان من اجل استيعابهم. وبعد ذلك توجهوا إلى مدينة ادلب، لكن «مجلس قيادة حلب»، وهو الجهة التي تجمع مليشيات المتمردين التي تعمل في المدينة، نشر اعلانا حذر فيه السكان من الهرب إلى ادلب. «المنطقة خطرة بسبب القصف الروسي ولم يبق أي مكان للاستيعاب في المدينة»، جاء في الاعلان. والبقاء في المناطق التي احتلها الجيش السوري ليس خيارا ممكنا.
حسب التقارير من تلك المناطق، سيطرت المافيا والمليشيات الشيعية على هذه الاحياء، وهي تعمل إلى جانب النظام مثل المليشيات الافغانية والباكستانية والمقاتلين الإيرانيين. لا يمكن السيطرة على الاعتداءات، حوالي 3 آلاف بيت سيطرت عليها المليشيات. وفي افضل الحالات يتم أخذ الاثاث من البيت وتحطيمه أو بيعه. مواقع الانترنت الفاعلة في حلب تنشر معلومات حول مواقع السيارات التي تنتظر الممتلكات المسروقة لتوجيه السكان عن كيفية الهرب دون أن يراهم أحد.
لقد بقي المتمردون دون أي غطاء دولي. وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال في هذا الاسبوع إن الولايات المتحدة لا تنوي الانضمام إلى النقاشات حول مستقبل حلب، أو العملية السياسية. لأنها تعتبر هذا بلا فائدة. «الأسد غير مستعد لأي اتفاق»، قال كيري. ورغم ذلك ما زالت هناك نقاشات في هامبورغ بين كيري وبين وزير الخارجية الروسي، سيرجيه لافروف، الذي قال أمس إن الاطراف على وشك التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن حلب، دون أن يفصل هذه التفاهمات.
سلاح الجو الأمريكي لا يعمل في حلب، وكذلك التمويل لا يصل إلى المتمردين. قبل بضعة ايام حدث لقاء مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فدريكا موغريني، ولم ينتج عنه أي بصيص أمل للمتمردين أو السكان. «يسألوننا ما الذي نفعله من اجل حلب»، قالت موغريني، «بينما يجب السؤال ما الذي يفعله الآخرون؟». واضافت «الفرق بيننا وبين دونالد ترامب هو أنه ينتهج استراتيجية واقعية وفظة، ونحن نعتمد على براغماتية المباديء. المباديء وشيء من البراغماتية… محظور علينا أن نحول المسار السياسي إلى أسير للمسار العسكري». أي أنه يجب اجراء مفاوضات في وقت القتال. موغريني لا تفصل ما هي البراغماتية المتعلقة بالمباديء، وكيف يمكن لهذه السياسة أن تنقذ سكان حلب، أو احضار الأسد إلى طاولة المفاوضات. وقد أوضحت موغريني بأن الاتحاد الاوروبي فرض أكثر من 230 عقوبة على سوريا، لكن ذلك لم يجدِ. ورغم ذلك، ما الذي يستطيع الاتحاد الاوروبي فعله؟. «تسمعوننا ونحن نطالب بوقف القصف والدفاع عن السكان»، قالت موغريني، التي هي براغماتية ملونة بالمباديء. وترامب من جهته أوضح: «علينا التوقف عن سياسة اسقاط الانظمة… يجب الاستمرار في محاربة إرهاب القاعدة في الدول الإسلامية (داعش)».
وقد قال ذلك خلال زيارته إلى فرجينيا، كجزء من حملة تقديم الشكر والجميل لناخبيه. المتمردون لا يحتاجون إلى اشارة أكثر وضوحا، بالنسبة لترامب فإن الأسد هو الشريك في الحرب ضد الإرهاب. ومن اجل اسقاطه يحتاج المتمردون إلى شريك آخر، الذي هو غير موجود الآن. والمفارقة هي أن ترامب الذي يخشى وبحق، من تحول سوريا إلى دولة عصابات إسلامية، يلعب الآن في صالح إيران وروسيا عندما يعارض اسقاط نظام الأسد. لكن سياسة اوباما ايضا لم تكن مفيدة ولم تساعد على اسقاط نظام الأسد أو تعزيز المتمردين.
قد تنشأ أمام ترامب مشكلة سياسية اخرى عندما يضطر إلى التفسير للسعودية لماذا يمنح إيران تأشيرة حرة من اجل السيطرة على سوريا، لا سيما بعد استثمار السعودية جهودا كبيرة في تأييد المتمردين، ومن اجل كبح تأثير إيران. عندما يستطيع ترامب أن يسأل السعودية ما هي الخطوات التي تقترحها، ولماذا لم تخرج هي بنفسها مع التحالف السني الذي أقامته من اجل محاربة الأسد في سوريا.
السؤال المركب الآن هو ما الذي سيحدث بعد سقوط حلب بشكل كامل في أيدي الأسد. من الناحية الاستراتيجية والتكتيكية، فإن احتلال حلب هو حيوي من اجل السيطرة على مفترقات الطرق الهامة المؤدية من حلب إلى تركيا شمال المناطق الشرقية التي لا تزال تسيطر عليها الدولة الإسلامية. والاهم من ذلك هو الرافعة المعنوية التي سيحققها الأسد أمام المتمردين الذين حولوا المعركة على حلب إلى معركة على وجودهم.
إن هزيمة المتمردين في المدينة قد تؤدي إلى تفكك مجلس قيادة حلب، الذي كان ينسق نشاطات المليشيات، وذر هذه المليشيات في الرياح بحيث تبقى جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) هي القوة الوحيدة التي يمكنها ادارة المعارك ضد الجيش السوري.
صحيح أن هزيمة حلب ستُبقي عدة جبهات عنيفة، منها الجيوب في مناطق سوريا الجنوبية، ومواقع الدولة الإسلامية في شمال شرق الدولة، ومواقع المقاومة في اللاذقية في شمال غرب المدينة. لكن قوة هؤلاء المتمردين ضعيفة جدا، ويمكنهم الآن أن يسببوا الازعاج، لكن لا يمكنهم الحسم في مناطق واسعة. ومن اجل تأكيد شرعيته، سيضطر الأسد إلى اجراء المزيد من المعارك من اجل تطهير مناطق المتمردين. وقد يجد نفسه يوزع قواته على مناطق واسعة من اجل المعارك المحلية التي قد تستمر فترة طويلة.
روسيا وإيران ايضا لديهما نفس التخوف، وهما تسعيان إلى اعادة سوريا إلى سيطرة الأسد الكاملة. ستكون هذه المرحلة التي ستضطر فيها روسيا إلى استخدام تأثيرها الكامل على الأسد وعلى المتمردين من اجل التوصل إلى تفاهمات حول طبيعة النظام وطرق التعاون بينهما. وقد اكتسبت روسيا في الاشهر الاخيرة تجربة غنية في عقد اتفاقات المصالحة المحلية في المدن السورية، وهي تعتبر القوة الوحيدة التي يمكنها حل المشكلات المحلية في الدولة.
احتلال حلب لا يوضح مستقبل الحرب ضد الدولة الإسلامية في سوريا. التحالف الغربي يعتمد على القوات الكردية السورية والقوات التركية. وبين هاتين القوتين هناك حرب دموية للسيطرة على شمال سوريا. ويبدو أن الولايات المتحدة هي التي تقف في جبهة الصراع ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، في الوقت الذي يقوم فيه الشركاء الاوروبيون بتقليص التواجد العسكري.
ولكن مقابل الوضع في العراق، لا يوجد في سوريا شريك للولايات المتحدة مثل جيش النظام الذي يتحمل العبء. إن الاعتماد على تركيا اشكالي لأن الأسد وروسيا لا يريدون رؤية القوات التركية تسيطر على مناطق في سوريا، حتى لو كان الاعتبار هو الحرب ضد الدولة الإسلامية.
في هذه الجبهة، يمكن أن ينشأ تقسيم عمل بين روسيا والولايات المتحدة، إذا وافقت روسيا على أن تتحمل مسؤولية الصراع ضد الدولة الإسلامية، هي وجيش الأسد، وابقاء جبهة العراق للولايات المتحدة. هذه الامكانية قد تكون مناسبة لـ «الواقعية الفظة» لترامب الذي يسعى إلى تقليص التدخل العسكري الأمريكي في الصراعات الاقليمية. واذا كان هذا هو التوجه بعد احتلال حلب، فمن شأنه أن يؤثر على طبيعة الحرب ضد الدولة الإسلامية وعلى جوهر تواجد روسيا في الشرق الاوسط.
تسفي برئيل
هآرتس 11/12/2016
لم يكن هناك أحد يقف أو يسير في الشوارع، وفقط الزوج الثاكل وزوجته الميتة والكرسي المتحرك، كانوا متجمدين في الشارع الميت.
إن الحرب في حلب وفرت الكثير من الصور التي تقشعر لها الأبدان، أطفال بدون أطراف، أمهات فقدن أزواجهن وأولادهن، ولد شجاع ومصاب يسأل والديه إذا كان سيبقى على قيد الحياة. ولكن يبدو أن هذه الصورة هي الملائمة أكثر كشعار لموقع «حلب اليوم»، حيث يظهر الهاشتاغ ـ هولوكوست.
حلب هي المدينة الثانية من حيث حجمها في سوريا، وفيها مبان قديمة من القرن الثاني عشر، أسواء وأحياء جميلة، أسواق أصيلة كانت تعج بالاحياء التجارية، لكنها تحولت إلى مدينة أشباح، فصل دموي آخذ بالعودة إلى احضان نظام الأسد.
اذا كان هذا هو التوجه الحالي، بعد سيطرة الأسد على 80 في المئة من المناطق التي سيطر عليها المتمردون في المدينة، فلا يوجد لديه أي سبب للموافقة على وقف اطلاق النار أو الانضمام إلى أية عملية سياسية. وقد أعلن في هذا الاسبوع للمتمردين أنه من الافضل لهم ترك الجزء الشرقي من حلب، وإلا فإنه سيتم «تدميرهم». عدد من المتمردين قاموا بالمغادرة، لكن لا يوجد لهم ولعشرات آلاف المدنيين أي ملجأ للهرب اليه. ففي البداية هربوا إلى الحي الذي يسيطر عليه الاكراد في سوريا، إلى حين قيل لهم إنه لم يبق أي مكان من اجل استيعابهم. وبعد ذلك توجهوا إلى مدينة ادلب، لكن «مجلس قيادة حلب»، وهو الجهة التي تجمع مليشيات المتمردين التي تعمل في المدينة، نشر اعلانا حذر فيه السكان من الهرب إلى ادلب. «المنطقة خطرة بسبب القصف الروسي ولم يبق أي مكان للاستيعاب في المدينة»، جاء في الاعلان. والبقاء في المناطق التي احتلها الجيش السوري ليس خيارا ممكنا.
حسب التقارير من تلك المناطق، سيطرت المافيا والمليشيات الشيعية على هذه الاحياء، وهي تعمل إلى جانب النظام مثل المليشيات الافغانية والباكستانية والمقاتلين الإيرانيين. لا يمكن السيطرة على الاعتداءات، حوالي 3 آلاف بيت سيطرت عليها المليشيات. وفي افضل الحالات يتم أخذ الاثاث من البيت وتحطيمه أو بيعه. مواقع الانترنت الفاعلة في حلب تنشر معلومات حول مواقع السيارات التي تنتظر الممتلكات المسروقة لتوجيه السكان عن كيفية الهرب دون أن يراهم أحد.
لقد بقي المتمردون دون أي غطاء دولي. وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، قال في هذا الاسبوع إن الولايات المتحدة لا تنوي الانضمام إلى النقاشات حول مستقبل حلب، أو العملية السياسية. لأنها تعتبر هذا بلا فائدة. «الأسد غير مستعد لأي اتفاق»، قال كيري. ورغم ذلك ما زالت هناك نقاشات في هامبورغ بين كيري وبين وزير الخارجية الروسي، سيرجيه لافروف، الذي قال أمس إن الاطراف على وشك التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن حلب، دون أن يفصل هذه التفاهمات.
سلاح الجو الأمريكي لا يعمل في حلب، وكذلك التمويل لا يصل إلى المتمردين. قبل بضعة ايام حدث لقاء مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، فدريكا موغريني، ولم ينتج عنه أي بصيص أمل للمتمردين أو السكان. «يسألوننا ما الذي نفعله من اجل حلب»، قالت موغريني، «بينما يجب السؤال ما الذي يفعله الآخرون؟». واضافت «الفرق بيننا وبين دونالد ترامب هو أنه ينتهج استراتيجية واقعية وفظة، ونحن نعتمد على براغماتية المباديء. المباديء وشيء من البراغماتية… محظور علينا أن نحول المسار السياسي إلى أسير للمسار العسكري». أي أنه يجب اجراء مفاوضات في وقت القتال. موغريني لا تفصل ما هي البراغماتية المتعلقة بالمباديء، وكيف يمكن لهذه السياسة أن تنقذ سكان حلب، أو احضار الأسد إلى طاولة المفاوضات. وقد أوضحت موغريني بأن الاتحاد الاوروبي فرض أكثر من 230 عقوبة على سوريا، لكن ذلك لم يجدِ. ورغم ذلك، ما الذي يستطيع الاتحاد الاوروبي فعله؟. «تسمعوننا ونحن نطالب بوقف القصف والدفاع عن السكان»، قالت موغريني، التي هي براغماتية ملونة بالمباديء. وترامب من جهته أوضح: «علينا التوقف عن سياسة اسقاط الانظمة… يجب الاستمرار في محاربة إرهاب القاعدة في الدول الإسلامية (داعش)».
وقد قال ذلك خلال زيارته إلى فرجينيا، كجزء من حملة تقديم الشكر والجميل لناخبيه. المتمردون لا يحتاجون إلى اشارة أكثر وضوحا، بالنسبة لترامب فإن الأسد هو الشريك في الحرب ضد الإرهاب. ومن اجل اسقاطه يحتاج المتمردون إلى شريك آخر، الذي هو غير موجود الآن. والمفارقة هي أن ترامب الذي يخشى وبحق، من تحول سوريا إلى دولة عصابات إسلامية، يلعب الآن في صالح إيران وروسيا عندما يعارض اسقاط نظام الأسد. لكن سياسة اوباما ايضا لم تكن مفيدة ولم تساعد على اسقاط نظام الأسد أو تعزيز المتمردين.
قد تنشأ أمام ترامب مشكلة سياسية اخرى عندما يضطر إلى التفسير للسعودية لماذا يمنح إيران تأشيرة حرة من اجل السيطرة على سوريا، لا سيما بعد استثمار السعودية جهودا كبيرة في تأييد المتمردين، ومن اجل كبح تأثير إيران. عندما يستطيع ترامب أن يسأل السعودية ما هي الخطوات التي تقترحها، ولماذا لم تخرج هي بنفسها مع التحالف السني الذي أقامته من اجل محاربة الأسد في سوريا.
السؤال المركب الآن هو ما الذي سيحدث بعد سقوط حلب بشكل كامل في أيدي الأسد. من الناحية الاستراتيجية والتكتيكية، فإن احتلال حلب هو حيوي من اجل السيطرة على مفترقات الطرق الهامة المؤدية من حلب إلى تركيا شمال المناطق الشرقية التي لا تزال تسيطر عليها الدولة الإسلامية. والاهم من ذلك هو الرافعة المعنوية التي سيحققها الأسد أمام المتمردين الذين حولوا المعركة على حلب إلى معركة على وجودهم.
إن هزيمة المتمردين في المدينة قد تؤدي إلى تفكك مجلس قيادة حلب، الذي كان ينسق نشاطات المليشيات، وذر هذه المليشيات في الرياح بحيث تبقى جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) هي القوة الوحيدة التي يمكنها ادارة المعارك ضد الجيش السوري.
صحيح أن هزيمة حلب ستُبقي عدة جبهات عنيفة، منها الجيوب في مناطق سوريا الجنوبية، ومواقع الدولة الإسلامية في شمال شرق الدولة، ومواقع المقاومة في اللاذقية في شمال غرب المدينة. لكن قوة هؤلاء المتمردين ضعيفة جدا، ويمكنهم الآن أن يسببوا الازعاج، لكن لا يمكنهم الحسم في مناطق واسعة. ومن اجل تأكيد شرعيته، سيضطر الأسد إلى اجراء المزيد من المعارك من اجل تطهير مناطق المتمردين. وقد يجد نفسه يوزع قواته على مناطق واسعة من اجل المعارك المحلية التي قد تستمر فترة طويلة.
روسيا وإيران ايضا لديهما نفس التخوف، وهما تسعيان إلى اعادة سوريا إلى سيطرة الأسد الكاملة. ستكون هذه المرحلة التي ستضطر فيها روسيا إلى استخدام تأثيرها الكامل على الأسد وعلى المتمردين من اجل التوصل إلى تفاهمات حول طبيعة النظام وطرق التعاون بينهما. وقد اكتسبت روسيا في الاشهر الاخيرة تجربة غنية في عقد اتفاقات المصالحة المحلية في المدن السورية، وهي تعتبر القوة الوحيدة التي يمكنها حل المشكلات المحلية في الدولة.
احتلال حلب لا يوضح مستقبل الحرب ضد الدولة الإسلامية في سوريا. التحالف الغربي يعتمد على القوات الكردية السورية والقوات التركية. وبين هاتين القوتين هناك حرب دموية للسيطرة على شمال سوريا. ويبدو أن الولايات المتحدة هي التي تقف في جبهة الصراع ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، في الوقت الذي يقوم فيه الشركاء الاوروبيون بتقليص التواجد العسكري.
ولكن مقابل الوضع في العراق، لا يوجد في سوريا شريك للولايات المتحدة مثل جيش النظام الذي يتحمل العبء. إن الاعتماد على تركيا اشكالي لأن الأسد وروسيا لا يريدون رؤية القوات التركية تسيطر على مناطق في سوريا، حتى لو كان الاعتبار هو الحرب ضد الدولة الإسلامية.
في هذه الجبهة، يمكن أن ينشأ تقسيم عمل بين روسيا والولايات المتحدة، إذا وافقت روسيا على أن تتحمل مسؤولية الصراع ضد الدولة الإسلامية، هي وجيش الأسد، وابقاء جبهة العراق للولايات المتحدة. هذه الامكانية قد تكون مناسبة لـ «الواقعية الفظة» لترامب الذي يسعى إلى تقليص التدخل العسكري الأمريكي في الصراعات الاقليمية. واذا كان هذا هو التوجه بعد احتلال حلب، فمن شأنه أن يؤثر على طبيعة الحرب ضد الدولة الإسلامية وعلى جوهر تواجد روسيا في الشرق الاوسط.
تسفي برئيل
هآرتس 11/12/2016