يبدو هذا كبداية نكتة سيئة: طيار قتالي، جلاد وسياسي مبتسم مع صورة متصالحة يتراكضون بين استديوهات التلفزيون في طهران. في نظرة من الجانب، يمكن القول ان الانتخابات للرئاسة التي ستجرى في إيران يوم الجمعة القريب القادم لا يوجد وزن أو اهمية كبيرة لها. فالرئيس، كائنا من كان، لا يؤثر حقا في شؤون الخارجية والامن ويداه مقيدتان حتى في الشؤون الاقتصادية. فالحاكم، علي خامينئي، حتى لو كان مريضا، مجلس حُماة الدستور في المؤسسة الدينية والحرس الثوري – هم من يتخذون القرارات.
إذن ماذا يتبقى للرئيس، ولماذا سجل 1.376 شخصا للمنافسة؟
في حالة حسن روحاني، الرئيس الحالي، فقد ارسل مع وزير الخارجية جواد ظريف لتحقيق الاتفاق النووي، فروحاني يعرف كيف يبتسم في الاماكن الصحيحة، حقق صفقة مع الامريكيين، بل وازالة، وان كانت طفيفة، للعقوبات الاقتصادية. عندما يحافظ الحاكم وأجهزته على مسافة عن العالم الكبير، بل وعن السكان المحليين ايضا، فإن الرئيس هو حديدة الربط في الجرار.
حتى لو كانت صلاحياته ضعيفة عن قصد، فإن هوية المنتصر ستشغل بال البيت الابيض. في عصر اوباما تحفزت المحافل التجارية لسباق منفلت العقال في استثمارات كبرى في البنى التحتية واعادة بناء الجمهورية الاسلامية. ومنذئذ دخل الثمار الاقتصادي للاتفاق النووي الى الثلاجة، ولكن روحاني نجح في خلق نمو كبير يقترب من 7 في المئة في السنة.
اما المشكلة التي لا ينجح في ايجاد حل لها ومن شأنها ان تضعف وضعه في صناديق الاقتراع فهي البطالة، ولا سيما بطالة الشباب المتعلمين. وهاكم معطى يتحدث من القاء نفسه: إيران معروفة كدولة شابة ومتعلمة، ولكن واحدا من كل اثنين من خريجي الجامعات لن ينجح في ايجاد عمل، بعد أن فشل الرئيس في ان يفتح لهم، رغم وعده، مشاريع جديدة وخلق أماكن عمل. وها هي نتيجة مرافقة: في 2015 اعدم 1.027 شخصا، معظمهم وجدوا مذنبين بتجارة وتعاطي المخدرات. من الصعب أن نتجاهل الوتيرة المجنونة – ولكن في كل يوم تترنح ثلاث جثث لمواطنين إيرانيين على حل المشنقة.
من جهة عشرات ملايين الشباب (ثلثي السكان الإيرانيين) معرضون للعالم «الكافر» حتى وان كانوا اغلقوا لهم الفيس بوك والشبكات الاجتماعية. ومن جهة اخرى فإن الايادي الفظة لاجهزة الامن تعرف كيف تعالج من يحاول التمرد، أما اولئك الذين لا حظ لهم فقد زجوا في السجون او الاقامة الجبرية.
بعد مراجعة القوائم وتطهيرها، بقي ستة مرشحين، منهم ثلاثة واقعيين فقط. روحاني مقابل «الجلاد»، مفاجأة الانتخابات، ابراهيم رئيسي، الذي في منصبه كقاضٍ ومدعٍ عام ارسل الى الموت عشرات الالاف. رئيسي، ابن الـ 56، يعتبر كمن يعدونه لخلافة خامينئي، الذي انزله بدهاء الى الانتخابات الرئاسية.
اذا ما انتصر، فستكون هذه اشارة الى البيت الابيض عن تفضيل المحافظ المتشدد الذي يضمن ابقاء كل الخطط النووية. اذا خسر، فسيخسر رئيسي ايضا خلافة الحاكم. وبين روحاني ورئيسي ادخل حاكم طهران، محمد قاليباف. هذه هي المرة الثالثة التي يتنافس فيها.
وهو يجلب معه خلفية عسكرية كطيار قتالي وقائد سلاح الجو في الحرس الثوري.
بسبب الاتفاق النووي العالق، رغم أن ترامب لن يلمسه، يخمن الناس انه لن تطول الطوابير امام صناديق الاقتراع. وكلما زاد عدد الناخبين، هكذا يزيد احتمال روحاني في أن يحقق لنفسه ولاية ثانية. 103 دول في ارجاء العالم ستفتح يوم الجمعة صناديق للمهاجرين من إيران. كندا فقط رفضت، رغم نصف مليون مهاجر إيراني سبق أن استوعبتهم، وذلك بسبب قطع العلاقات مع طهران. كلمة اخيرة عن النساء: 137 امرأة سجلت ورفضت.
تبرز بينهن عزام تلجني ابنة الـ 72، عضو برلمان سابقة وابنة آية الله محترم. منذ 200 سنة وهي تصر على التسجبل للمنافسة وترفض. مشوق ان نتبين كيف تنفس النساء المتدينات في إيران احباطاتهن في نشاط سياسي مثير للانطباع.
يديعوت 14/5/2017