دمشق – حلب – «القدس العربي» : بدأت جولة محادثات سلام جديدة بين النظام السوري والفصائل المعارضة أمس الخميس
في استانة عاصمة كازاخستان بهدف استئناف مساعي التوصل إلى حل للنزاع بعد اسبوع على فشل المفاوضات السياسية
في جنيف وسط دعوة وفد المعارضة لروسيا أمس في بيان وزع على الصحافيين إلى الضغط على النظام من اجل التوصل إلى
تسوية سياسية للنزاع. من جهته أعرب رئيس قسم الشؤون الآسيوية الإفريقية في وزارة الخارجية الكازاخية، حيدر بك توماتوف،
عن تفاؤل بلاده بالجولة الثامنة من مؤتمر أستانة، بتحقيق نتائج ملموسة.
وانتهى اليوم الأول من مباحثات السلام في العاصمة الكازاخية أستانة بلقاءات ثنائية بين الوفود الدولية المشاركة في الاجتماع،
والتي استمرت طوال اليوم، حيث عقد وفد قوى الثورة العسكري يوم أمس الخميس اجتماعاً مع فريق تقني من الأمم المتحدة،
في الجولة الثامنة من محادثات أستانة، وناقش معهم قضية إطلاق سراح المعتقلين لدى النظام السوري.
وهذه المحادثات التي تتولى رعايتها روسيا وايران، حليفتا النظام السوري، وتركيا الداعمة للمعارضة، ستجري في جلسة مغلقة
الخميس على ان يصدر بيان ختامي اليوم. وكانت وزارة خارجية كازاخستان اعلنت أن المحادثات ستركز خصوصاً على مصير
المخطوفين والمعتقلين وايصال المساعدات الإنسانية وسير عمل مناطق «خفض التوتر» .
واجتمع ممثلو النظام السوري برئاسة بشار الجعفري صباحاً مع الوفد الايراني فيما التقى الروس من جانب اخر الايرانيين ثم
الاتراك حسب ما اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا). من جهتها قالت المعارضة انها اجتمعت صباحا مع ممثلي الأمم
المتحدة.
وانتهت آخر جولة محادثات في استانا في أواخر تشرين الأول/أكتوبر بدون احراز أي تقدم ملموس، الا ان روسيا تقدمت باقتراح
بعقد اجتماع يضمّ حوالى 30 قوة سياسة سورية من جميع الأطراف، الامر الذي يعتبر صعب التحقيق. وتعرقل هذا المشروع الذي
اطلق عليه اسم «المؤتمر الوطني السوري» خصوصا بسبب مشاركة الأكراد وهو ما ترفضه انقرة. وكرر الناطق باسم الكرملين
ديمتري بيسكوف القول انه لم يتم تحديد اي موعد بعد له.
وقال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أمس، إن العمل جار على وثيقة مجموعة العمل لتبادل المعتقلين
في سوريا، وذلك بين الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران. وعن موضوع المعتقلين الذي يعتبر من أهم مواضيع المؤتمر، قال
لافرنتييف إن «العمل جار على وثيقة مجموعة العمل لتبادل المعتقلين في سوريا، والأمر يتطلب خطوات من قبل الحكومة
والمعارضة».
فشل جنيف
كما وتأتي المباحثات في استانة بعد اسبوع على فشل آخر جولة مفاوضات حول سوريا في جنيف حيث اتهم موفد الأمم المتحدة
إلى سوريا ستافان دي ميستورا النظام السوري بافشال هذه المفاوضات عبر رفضه التحاور مع المعارضة، مشيرا ًالى «اضاعة
فرصة ذهبية».
وفي موازاة جهود الأمم المتحدة لتسوية النزاع السوري تبدو روسيا طرفاً لا يمكن تجاوزه في اطار اي حل. وطلب دي ميستورا
الذي اجرى محادثات في موسكو ويشارك اليوم في استانة-8، من مجلس الامن الدولي طرح افكار لصياغة دستور وتنظيم
انتخابات في سوريا. واذا كانت دمشق مستعدة لقبول انتخابات تحت اشراف الأمم المتحدة فان المفاوضات لا تزال تتعثر حول
مصير الرئيس السوري بشار الاسد حيث يرفض النظام بحث احتمال رحيله كما تطالب المعارضة.
ولفت وفد قوى الثورة العسكري إلى أستانة، في بيان له أن الهدف من المشاركة هو إطلاق سراح المعتقلين، إضافة إلى تثبيت
وقف إطلاق النار وخاصة في مناطق خفض التصعيد، ورفع الحصار عن المدن والبلدات المحاصرة كافة ، وإيصال المساعدات إلى
المحتاجين، ولفت الوفد إلى أن قضية المعتقلين هي أولوية بالنسبة للوفد العسكري، وأكد أن التركيز سيكون بالمجمل على بحث
تلك القضية مع الجانب الروسي على اعتباره الضامن للنظام السوري خلال المباحثات.
واعتبر وفد المعارضة أن رفض النظام الإفراج عن المعتقلين مخالف لقرارات مجلس الأمن وعلى الأخص البنود الإنسانية التي
تضمنها القرار 2254، داعياً موسكو إلى ممارسة دورها كطرف مسؤول وضامن للنظام، فيما أكد أن قوات النظام والميليشيات
الأجنبية الإيرانية لم تلتزم باتفاق خفض التصعيد، مشدداً على أن الجرائم ما زالت مستمرة بحق المدنيين في كل من الغوطة
الشرقية في ريف دمشق وإدلب. وأضاف البيان، أن تصرفات وفد النظام في جولة جنيف الأخيرة تؤكد للجميع أنه لا يلتزم بالقرارات
الدولية، ويرفض تنفيذها بشكل كامل، مشدداً على أن الجانب الروسي مطالب أكثر من أي وقت مضى بالضغط على النظام لدفعه
إلى التسوية السياسية.
سجون إيرانية في سوريا
وفي هذا الإطار اوضح عضو وفد قوى الثورة السورية العسكري، العقيد فاتح حسون في تصريح لـ»القدس العربي» ان ملف
المعتقلين تصدر طاولة المباحثات في اليوم الأول من مباحثات أستانة، على اعتبار انه أول الأولويات ومحور الاجتماع الأساسي
وفق تعبيره، مضيفاً «لقد تم فتح ومناقشة ملف المعتقلين في أستانة 7 لكن وفد النظام كان دائماً يتهرب منه، ومعه إيران كذلك،
كون القوات الإيرانية وميليشياتها المحتلة لمناطق في سوريا لديها سجون ممتلئة بالأسرى والمعتقلين، ولا يقتصر ملف المعتقلين
على النظام فقط». ويسعى وفد المعارضة وقوى الثورة في أستانة حسب للمتحدث العسكري إلى مزيد من الضغط على النظام
حتى يتم اطلاق سراح المعتقلين جميعاً.
على صعيد التأثير الروسي قال الدكتور يحيى العريضي المستشار السياسي لوفد المعارضة في أستانة والمتحدث الرسمي
باسمه، لـ»القدس العربي» ان الروس لا يزالوا يتوعدون في ملف المعتقلين فيما تواجههم مجموعة من الصعوبات لفتح هذا الملف،
مؤكداً ان الفصائل العسكرية مستمرة في بحث ومناقشة وضع المعتقلين وايجاد وثائق وملفات عنه، لما يحمله الملف من اولوية
كبيرة، ولان المسألة في غاية الاهمية لكل بيت سوري.
وتواجه المناطق المحاصرة تصعيدا عسكريا جديدا، حيث بات من المعروف الصعوبات التي تواجهها وخاصة في ظل انعقاد كل
الاستحقاق لبحث سبل السلام، حيث يوّقت النظام عملياته العسكرية ضد السوريين ويصعدها لافشال المساعي الرامية للوصول
إلى الحل ينهي المأساة السورية، وفي هذا الصدد قال المستشار السياسي لوفد المعارضة في أستانة انه لا شك ان النظام
السوري يلجأ إلى التصعيد في كل جولة مباحثات لكن يجب الاخذ بعين الاعتبار ان منسوب التوتر والقتل والتصعيد خف بلا شك،
وليس على الوتيرة السابقة نفسها، وكلما كانت هناك خروقات كان هناك فشل للجهات الراعية وتحديداً روسيا صاحبة المشروع،
ونحن من حقنا كسوريين ان نسعى بأي شكل لتخفيف منسوب القتل والدم والتشريد وإيصال الاغاثات لاهلنا المحاصرين.
التمثيل الإيراني
واكد ان الاجتماع: ضم رعاة ومراقبين، حيث يوجد مبعوثون من أمريكا والأردن والأمم المتحدة يحضرون بصفة مراقب، ومن
كازاخستان بصفة راعٍ، إضافة إلى الضامن الاسياسي من جانب النظام تمثله روسيا، والضامن الاسياسي من جانب الفصائل
تمثله تركيا، فيما اضيفت إيران لان روسيا اقحمتها بهدف تخفيف عبثها، وقال «وجود إيران ليس برضانا ولا نعتبرها ضامنة بل هي
ميليشيات تقتل السوريين».
وكان رئيس المكتب الصحافي في وزارة خارجية كازاخستان أنور جايناكوف قد اعلن أن كل المشاركين في الجولة الثامنة من
مفاوضات أستانة حول سوريا وصلوا إلى عاصمة كازاخستان، وقال في حديث للصحافيين: «كل الوفود المشاركة في المفاوضات
وصلت إلى أستانة. وبدأ لقاء الخبراء اليوم. وتجري لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف بشكل مغلق».
من ناحية أخرى سيمثل الولايات المتحدة في الجولة الثامنة في أستانة الخبير أحمد شاما مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية، حيث
أعلن الخبير في حديث لوكالة «انترفاكس – كازاخستان» وذكر أنه يعمل في مكتب شؤون الشرق الأوسط التابع للخارجية
الأمريكية.
من جهة ثانية نقلت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية في روسيا الاتحادية « ماريا
زاخاروفا» قولها «نحن نأسف لأن المبعوث الاممي إلى سوريا السيد دي ميستورا لم يقيم بالشكل المناسب التصريحات
الاستفزازية للمعارضين، خلال جولة المشاورات السورية في تشرين الأول/أكتوبر، نعتقد أن تلك الجولة أفشلت عمداً بهدف عرقلة
التقدم نحو السلام، بما في ذلك تعقيد تنفيذ مبادرة عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي»، وتابعت حميميم حيث
نقلت تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «إن بعض الأطراف تحاول عرقلة عملية التسوية في سوريا، ولكن نحن
ممتنون لقبول السيد دي مستورا الدعوة للقدوم إلى موسكو لتبادل الآراء مجدداً حول عملية التسوية السورية في الوقت
الحالي» وفقاً للمصدر.
القدس العربي