اعتادت “أم مازن” (47 عاماً) على مشقة الطريق لمنح أطفالها وأطفال ابنتها الكبرى “ليلى” اللقاح في موعده المحدد خوفاً من مشقة معاناة مستقبلية أكبر (شلل الأطفال) في مناطق تخضع لسيطرة النظام التي مازال اللقاح فيها مباح ومحرم على من خرج عن السيطرة.
مناطق سيطرة المعارضة تخلو من هذه المراكز، بحيثُ يضطر الأهالي لانتظار حملات التلقيح غير المنتظمة التي تقوم بها مديرية الصحة من وقتٍ لآخر والتي غالباً، لم تكن تُغطّي جميع الأطفال بشكلٍ كامل، أو يضطر الأهالي لشراء اللقاحات لأطفالهم من بعض الأطباء الذين يُحضرونها من مناطق سيطرة النظام ويقومون ببيعها.
غير أن الجهود المبذولة منذ أكثر من ثلاث سنوات من قبل مديرية صحة إدلب مع منظمة الصحة العالمية واليونسيف و (فرق لقاح سوريا) من افتتاح مراكز ثابتة للقاح تضم كافة أنواع اللقاحات الخاصة التي يحتاجها الأطفال من اللحظات الأولى (الولادة) وحتى سن الخامسة من عمر الطفل.
غيرت تلك الجهود من معاناة العديد من الأهالي المحرومين بسبب ظروفهم الصعبة والخوف من الوقوع في فخ الاعتقال الذي كثر مؤخراً دون تميز بين امرأة أو رجل على حواجز النظام
أم صالح (27 عاماً) من مدينة “كفر تخاريم” تكشف بكلامها الصريح عن معاناتها فيما سبق وأهمية مراكز اللقاح قائلةً “بعد توقُّف عمليات التلقيح في مناطق إدلب كنتُ أضطر للذهاب إلى مناطق النظام البعيدة لاستكمال اللقاحات لأطفالي، وكنتُ أجد صعوبةً كبيرة، فانتشار المراكز الثابتة أمر بالغ الأهمية أما اليوم مع تواجد مراكز في إدلب للقاح .. وكأن الهموم زالت مع زوال خطر شبح شلل الأطفال والأمراض الأخرى كالتهاب الكبد والحصبة”.
كانت العشوائية في حملات التلقيح حلاً مؤقتاً بعد منع النظام لإدخال اللقاح، عداك عن الأخطاء التي تولّد في كثير من الأحيان، حتى أنّ بعض الناس لم تعد تثق بهذه الحملات، مما جعل أطفال الشمال دون لقاح وعرضة للأمراض، لكن مع المراكز الثابتة باتت ضرورية جداً لأنها موثوقة بإشراف أطباء وممرضين مختصين، كما تضمن حصول جميع الأطفال على لقاحاتهم.
الطبيب “أكرم” من مدينة إدلب والذي يعمل في نقطة طبية يخبر المركز الصحفي السوري لدى سؤاله عن أخطر الأمراض التي تواجه الأطفال مع غياب اللقاح قائلاً “منعَ النظام إدخال لقاحات الأطفال إلى المناطق المحرَّرة كنوع من العقاب الجماعي للمدنيين، مما عرَّض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض، ولعلّ أخطر الأمراض التي بدأت بوادرها بالظهور هو مرض شلل الأطفال الذي يُعتبر مرضاً فيروسياً شديد العدوى، كفيل بإحداث الشلل التام للطفل في غضون ساعات من الزمن، علماً بأنه لا يوجد علاج لهذا المرض ولكن يمكن الوقاية منهُ بأخذ اللقاح”.
في ظل المشاكل التي تعاني منها المنظومة الصحية في إدلب، وفي ظل سوء الوضع الطبي المتمثل ببنى تحتية مدمّرة وكوادر ينقصها الكثير من العتاد البشري والمادي، تُعتبر مراكز اللقاح نصراً كبيراً لمنح الأطفال حقهم في تحصين أنفسهم من الأمراض، وإصراراً على استمرار ثورة الكرامة.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد