نظرات المهرب لياسمين لم تكن تريحها أبداً، منذ أن التقته للمرة الأولى في تركيا لتسهيل عبورها إلى أوربا، مع طفلها ذي الثلاثة عشر ربيعاً والذي لم يكن ليفهم خبث نوايا المهرب وتقربه من أمه، بعد أن فقد أباه بقصف الطيران السوري في منطقة الشعار في حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة العام الماضي، فلم يكن لها سبيل سوى اللحاق بإخوتها الذين سبقوها إلى أوربا.
“تحرشه لم يكن ينتهي بالنظرات فقد صرح لي أنه سيخصم لي من أجرة الرحلة في حال موافقتي على قضاء ليلة واحدة معه، ويقدم لي تسهيلات كتأميني وطفلي في قارب عدد ركابه أقل من غيره ” كل تلك العروض من قبل المهرب لم ترضخ لها ياسمين خوفاً على طفلها، فقد كانت تمسك به طول الوقت بعد أن هددها المهرب بقذفه بالبحر في حال رفضها لعرضه .
أذكر كلمات ابنه خالي :”انتبهي من الحمامات فهي مشتركة ويمكنهم اقتحامها ولا أحد يعترضهم ” بقيت ليومين دون طعام وماء بسبب خوفي من استخدامها، خوفي لم يقف هنا، ففي كل ليلة أظل متيقظة خوفاً من أي شيء ممكن أن يحصل لي أو من سرقة المال الذي أملكه لإكمال رحلة الوصول إلى أوربا .
تعتبر ياسمين واحدة من بين 40 امرأة وفتاة لاجئة من ضمن الذين أجرت لهم منظمة العفو الدولية مقابلة لمعرفة تفاصيل ما حدث معهم ونشرته منتصف الشهر الجاري، تصف ياسمين أن معظم البلدان التي مرت بها شهدت تعرض النساء اللاجئات لحالات اعتداء جنسي أو استغلال مالي من قبل المهربين أو موظفي الأمن أو حتى من اللاجئين أنفسهم.
تتحدث ياسمين بغضب من المجتمع الدولي الذي سلط الضوء على حادثة تحرش في ليلة رأس السنة “بكولونيا” الألمانية والتي اتهم فيها لاجئين سوريين، في حين أن كثير من السوريات يتعرضن لتحرش من قبل أجانب دون تسليط الضوء عليهن، أو حتى تأمين الحماية لهن وخاصة للنساء اللواتي فقدت أزوجهن في الحرب .
“لا تخرجوا من بلدكم لأنه يرد ذلك” هربت ياسمين من حلب فلم يبق لها معيل يؤمن لها مستلزمات الحياة، ورغبة منها لتأمين حياة كريمة لطفلها ومدرسة يستطيع إكمال دراسته بها، فقد وفرت الحكومة الألمانية مسكناً وتعويضاً من المال وطبيباً نفسياً يعنى بهم للقاصرين، وتأمين مدرسة تعلمهم اللغة الألمانية لكي تدمجهم سريعا في المجتمع.
تتنهد ياسمين وتعتبر أن ما مرت به مخجل جداً، وأنها تحدثت ليصل صوتها للعالم الذي يسلط الضوء على أخطاء فردية للسوريين متناسياً أخطاء دول فاليونان قامت منتصف السنة الماضية بإغراق لاجئين سوريين ولم يكترث أحدا لذلك، فأين العدل في ذلك؟
المركز الصحفي السوري ـ أماني العلي