من حسن حظ الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري أن الانتخابات التمهيدية الجارية حاليا في الولايات المتحدة لاختيار المرشحين الذين سيتبارون على رئاسة البلاد تستحوذ على اهتمامات واشنطن وإلا للفتت الأزمة الإنسانية والإستراتيجية في سوريا انتباه كثير من الناس.
بهذه المقدمة استهلت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا تحت عنوان “سلام القبور السوري”، مشيرة إلى أنه بينما كان كيري يراقب محادثات السلام السورية في جنيف الأسبوع الماضي كان الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون يطبقون حصارهم “الدموي” على مدينة حلب وريفها التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
فلا غرو أن محادثات السلام لم تدم طويلا فطالها التأجيل، على حد تعبير الصحيفة، ومن عجب أن كيري تكرم على النظام السوري بأن لم يشدد على ضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار كشرط للمحادثات، مما حدا بالأسد لأن يستغل هذا “الغطاء الدبلوماسي” في تكثيف هجومه على “المعارضة السنية المعتدلة المناوئة لنظامه العلوي“.
وبدعم من قوة جوية روسية ومقاتلين من حزب الله اللبناني وقوات نخبة إيرانية يحاول الجيش الحكومي إبادة ما تبقى من المعارضة “غير المتحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية أو مجاهدي جبهة النصرة“.
ورأت الصحيفة أن الهدف الرئيسي من هذا الهجوم هو “استرداد المدينة التي كانت يوما العاصمة التجارية لسوريا”، وإقامة ملاذ آمن في غرب البلاد يسيطر عليه العلويون، كما أن الأسد يريد أن يحرم المعارضة منفذا إلى البحر الأبيض المتوسط وإلى المناطق الحدودية مع تركيا، وقد ظل الجيش السوري الحر يستخدم تلك المناطق مدخلا لإمداداته وملاذا لأفراده.
وبعد تحصين مواقعه سيكون الأسد سعيدا بالعودة إلى طاولة المفاوضات في وقت لاحق من الشهر الحالي وهو في وضع أكثر قوة.
ومضت الصحيفة إلى القول إن هجوم الأسد على حلب وما جاورها يفاقم المأساة الإنسانية في سوريا، حيث تجمع ما يقارب سبعين ألف نازح على طول الحدود التركية فرارا من القصف الذي لا يميز بين المقاتلين والمدنيين.
وباتت ما تسميها الصحيفة “المأساة السورية” واضحة بحيث بدأ حتى أعضاء مؤسسة الأمن القومي الأميركية الموالين لأوباما يطالبونه بالتخلي عن سياسة “دعها تحترق” التي يتبناها.
وكان الدبلوماسيان المخضرمان نيكولاس بيرنز وجيمس جيفري كتبا مقالا في صحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي جاء فيه أن فيض الحرب السورية “طال دول الجوار وقلب أوروبا، وقد تزعزع استقرار الشرق الأوسط لجيل بحاله“.
غير أن وول ستريت جورنال استخفت بالدبلوماسيين لمطالبتهما الولايات المتحدة بتقديم مزيد من العون “للفصائل السنية والكردية المعتدلة”، و”إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا لحماية المدنيين إلى جانب منطقة حظر طيران”، وقالت “أين كان هذان الزميلان قبل خمس سنوات عندما نادى عضوا مجلس الشيوخ جون ماكين وليندسي غراهام بنفس الخطوات؟“.