انطلق هذا الأسبوع آلاف الطلاب السوريين في عموم المدن التركية إلى مراكز التعليم السوري المؤقت التي تحتضن أطفالنا جميعاً في أول يوم من أيامها..
وتفتح أبوابها لتستقبلهم بكل حب وحنان وتحاول أن تزرع فيهم القيم الأخلاقية النبيلة والحب والمعرفة ووسط مخاوف الأهل وعزوف الكثيرين عن تسجيل أولادهم.
وفي ظل قرارات الحكومة التركية دمج صفوف الأول والخامس والتاسع في مدارسها التركية تشهد تلك المراكز ازدحاماً شديداً مع بدء عام دراسي جديد في الغربة فحراك الأهل يشمل تسجيل الأولاد في المراكز السورية المؤقتة وبعضهم يعمل على نقل أولادهم من مدرسة لأخرى مع تزايد مخاوف بعض الأهالي من عملية تتريك جارية للطلاب السوريين التي كانت بدايتها طلاب المرحلة الدراسية الأولى ولن تكون الأخيرة كما فسرها الكثير من الأهالي الذين يعتصرون مع ألم الغربة غضباً ورفضاً لتلك القرارات، فمعظمهم التزموا الصمت ولم يستجيبوا للنداءات التي تطالب بتسجيل طلاب الصف الأول في المدارس التركية مما حذا بوزارة التربية التركية لاستصدار تعديل يتيح للطلاب السوريين الذين أتموا دراسة المستوى الأول من برنامج تعليم اللغة التركية في مراكز التربية الشعبية أو الذين يجتازون اختبار المستوى الأول (قراءة وكتابة) الالتحاق مباشرة بثانويات الأناضول المهنية حسب المقاعد الشاغرة لديها.
كما تساهلت بموضوع دوام الطلاب في المراكز السورية المؤقتة على أن يقيدوا أسماءهم في أقرب مدرسة تركية.
وإيماناً منها بقساوة الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعيشها معظم الأسر السورية اللاجئة في تركيا وإدراكاً لأهمية إدخال البسمة على شفاه الطلاب السوريين الذين حرموا من أبسط حقوقهم ألا وهو التعليم، قامت جميع المراكز السورية المؤقتة في تركيا بتوزيع الحقائب المدرسية والقرطاسية وبعض المواد الغذائية على الطلاب المسجلين لديها.
وإن تركيا فتحت أبوابها مشرعة لتستقبل أكثر عدد من اللاجئين السوريين في دول العالم عبر سنوات خلت من عمر الأزمة السورية فبلغ عددهم خلال الربع الأول من العام الحالي ما يزيد عن مليونين وسبعمائة ألف لاجئ .
وحاولت تركيا جاهدة العمل على توفير الخدمات الرئيسية للسوريين ممن تحت الحماية المؤقتة فكان على رأس الأولويات تقديم الخدمات الطبية المجانية والتعليمية حيث شهدت الخدمات المقدمة في المجال الصحي نجاحاً كبيراً ولاقت ترحيباً من قبل اللاجئين على عكس قطاع التعليم الذي ظلت قراراته محض استهجان ورفض.
وفي العودة إلى لغة الأرقام فقد بلغ عدد الطلاب السوريين الذين انتسبوا إلى مراكز التعليم المؤقت العام الماضي 370 ألفا من جميع المراحل يتوزعون على 230 مدرسة من مرحلة الحضانة والابتدائية والإعدادية والثانوية هذا عدا عن 70 ألفا التحقوا بالمدارس الحكومية التركية وقد بلغ عدد الطلاب المنقطعين عن العملية التربوية 300 ألف طالب.
وتجزم الحكومة التركية بأنها عملت على زيادة القدرة الاستيعابية لمراكز التعليم المؤقت من 199 ألف طالب إلى 299 ألف طالب.
أما عدد طلاب الحضانة في مراكز التعليم المؤقتة داخل المدن فقد بلغ 4508 طالب وطالبة وعدد طلاب المرحلة الابتدائية 59450 طالب والمرحلة الإعدادية 32407 طالب والمرحلة الثانوية 9400 طالب وطالبة والعدد الكلي 105765 طالب وطالبة.
وطيلة خمس سنوات مضت لم تلعب وزارة التربية التركية دورها المفترض في العملية التربوية السورية في الإشراف والمتابعة والتعيين وكشف الحقائق المخفية فاكتفت بتعيين مشرف تركي على كل مدرسة إلا أنها استفاقت اليوم معلنة أنها الوصية على تعليم اللاجئين السوريين على أراضيها فأصدرت القرارات التي تجبر طلاب الصف الأول والخامس والتاسع على التسجيل في مدارسها وتؤكد أنها مهتمة بقطاع التعليم السوري والواجب يدعوها لذلك فهل يتغير شيء حيال استقلالية المراكز المؤقتة وعدم قدرة صاحب المراكز أو داعمه على اختيار الكادر بما يتناسب وغاياته أو أهدافه وطموحاته بعد نية التربية التركية القيام بجولة اختبارية على كافة المراكز السورية المؤقتة للكشف عن قدرات المعلمين وأهليتهم للعملية التربوية.
وعن دورة التأهيل التربوي والفائدة المكتسبة منها تحدث المدرس محمد شريف بدوي فقال :” الدورة بمثابة قداحة الشرارة الأولى لإزاحة الصدأ الموجود بالمفاهيم التقليدية للتربية والتعليم والتدريس والتي عملت على رفع المستوى والأسلوب التدريسي بما يتماشى مع الظرف الراهن ولواقع الجيل في هذا الوقت وكان لاستمرار العملية التربوية بنجاح بوسط الحالة الراهنة للمنطقة والحيلولة دون تعثرها، وكانت بمثابة مرآة للمدرسيين حيث تم الكشف عن نقاط الضعف لدى المدرس التي لم يكن منتبها لها فكانت الدورة بالنسبة له كالنقد الذاتي لأسلوبه في رسالة التعليم لكي يرتقي إلى مرحلة النجاح المثمر مع الطلاب.
أما حمزة الدالي وهو مدرس في أنطاكيا فيقول :” مع بداية العام الدراسي الجديد لمسنا وجود معاناة كبيرة لا توصف على أهالي الأطفال نتيجة صدمتهم بعدم متابعة طلاب الصف الأول بالمدارس السورية المؤقتة مع أبناء بلدهم فالأهالي يخافون على أولادهم من الدمج مع الأتراك مما يسبب المشاكل وعدم القدرة على التعامل معهم من جميع النواحي وفي مجمع رجب طيب أردوغان في نارلجا بانطاكيا وهو أكبر تجمع في المنطقة ويضم مدرستين نموذجيتين فأعداد الطلاب كبيرة لكثرة انتشار السوريين في تلك المنطقة وقسم كبير من الأهالي لا يرغبون بذهاب أطفالهم إلى المدارس التركية لعدة أسباب مثل فقدان اللغة العربية والعادات الاجتماعية للشعب التركي المختلفة ومعاناة بعد المدرسة عن المنزل وتخوف الأهالي من الدمج والنقل المأجور ولذلك يفضل الأهل إبقاء أولادهم بدون مدرسة ويلجؤون لتعليمهم في البيت على أن يرسلوهم إلى المدارس التركية.”
مازن حسون مدير مركز التعليم السوري المؤقت في العثمانية قال :” حتى الآن لم تظهر أي نتيجة ولكن أظن بعد فترة سنرى هل استطاع طلاب الأول في المدارس التركية تجاوز الصعوبة والاندماج مع أقرانهم الأتراك وفهم دروسهم كما يجب ونلاحظ هذا العام وجود نقص واضح في عدد الطلاب في المدارس السورية وفائض معلمين أما بالنسبة للأهالي وباستمرار يطالبون بتسجيل أولادهم بالمدارس السورية والعدول عن القرار والبعض امتنع عن إرسال أولاده للمدارس التركية وبقي الأولاد في المنزل تعبيراً عن عدم الرضى أو القبول بتلك القرارات التي اعتبرها الأهالي مجحفة.”
وفي لقائنا مع الأستاذ عامر النمر رئيس جمعية النهضة العلمية في تركيا وعضو هيئة الاهتمام والمتابعة مع وزارة التربية التركية تحدث قائلاً :” شهدنا هذه السنة إقبالاً ملحوظاً من قبل الطلاب على مراكز التعليم المؤقت وعلى المدارس التركية وكان الإقبال على مراكز التعليم السوري المؤقت أكثر ورغم وجود قرار بنقل طلاب الصفوف الأول والخامس والتاسع إلى المدارس التركية أما بقية الصفوف الانتقالية فشهدت حضورها الفاعل وتوقعت وزارة التربية والتعليم التركية أن يصل عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز المؤقتة والتركية هذا العام إلى 600 ألف طالب والآن يتم عمل إحصائية حسب عنوان البيت لكل طالب فالطلاب الذين يبعدون عن المدرسة مسافة تزيد عن 1.5 كم سيتم تأمين سرافيس نقل مجاني لهم وطلاب الخامس والتاسع سيتم إنشاء شعب خاصة بهم في مدارس إمام وخطيب ليتم تدريسهم اللغة والتركية على حد سواء والعمل على تأمين نقلهم من منازلهم بشكل مجاني أو تأمين سكن إن لزم الأمر أي إن كانت بيوتهم بعيدة يمكن تأمينهم في السكن المخصص للمدرسة إن وجد مع وجبة طعام.”
صهيب مفوض الابراهيم – المركز الصحفي السوري