المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 1/6/2015
تتألق حبات القمح تحت أشعة الشمس بعد أن نزعت عنها قشورها، لتلقى في أكياس ضخمة، مشهد رائع يحمل في طياته عبق الطبيعة، ويدخل الفرحة والسرور إلى قلب الفلاح، الذي انتظر موسم الحصاد موسم الخير والبركة بفارغ الصبر، بعد أن حرص على زراعة أرضه رغم الظروف الصعبة، لتأمين مستلزمات الحياة، في الوقت الذي ينتشر فيه انعدام الأمن الغذائي والنزوح الداخلي، والأوضاع العصيبة والاستثنائية التي تمر بها البلاد.
خلال سنوات الثورة المنقضية, لم تلقى زراعة القمح والشعير وغيرها من الحبوب على اختلافها، أي اهتمام أو رعاية تذكر, لكن الموسم الحالي يبدو مبشراً بخيرات وافرة, وهناك مؤشرات تفيد أن حصاد هذا العام 2015 في سوريا، قد يتجاوز حصاد العامين السابقين، فمن المهم للغاية ألا نفقد تلك المحاصيل وأن يبقى الغذاء داخل البلد، ويحاول المزارعون الحفاظ على محاصيلهم بكل ما أوتوا من قوة ووسائل.
ما أن تصفر السنابل ويبدأ إستحصاد الحبوب و على رأسها القمح، حتى يبدأ “الحاج حسن” بالبحث عن حصادة ( وهي آلة متكاملة تقوم بعمليات الحصاد، والدراس والغربلة والتعبئة للقمح والتبن، كلٌ على حدة وبشكل آلي وهي لا تحتاج إلى أيدٍ عاملة كبيرة كما هو الحال في الحصاد اليدوي ) يستعجل “الحاج حسن” بحصاد حقله، خوفاً من أن يلاقي مصير الاحتراق، الأمر الذي جعل المزارعين يستعجلون باستحصاد مواسمهم.
“الحاج حسن” من ريف إدلب الجنوبي، وهو فلاح ومزارع كبير على مستوى منطقته، أفادنا “الحاج حسن” قائلا: الأمطار في هذا العام كانت وفيرة ما جعلنا نعتني بشكل كبير في المزروعات, كونها المصدر الوحيد للدخل، ويضيف “الحاج حسن”: في هذا العام قمنا بحصاد الحقول قبل أوانها، الأمر الذي قلل من جودة و كمية المحصول, وكان هذا العمل هو الأنسب في هذه الظروف التي تمر بها البلاد.
وقال: لقد كان تركيز المزارعين في هذا العام على القمح، لتأمين قوتهم اليومي وخصوصاً الطحين أو الدقيق من أجل الخبز، فالحياة ستستمر رغم الموت, وسيستمر نبض قلوبنا رغم التوقف, وتستمر البسمة رغم الحزن, وتستمر المآذن بالتكبير والكنائس بقرع الأجراس رغم هدمها, وتستمر الحياة رغم انف النظام السوري والدول الداعمة له، فلقد أصبح الموت هو مولد للحياة.
ويتقصد نظام الأسد بافتعال الحرائق في حقول القمح, بفعل القصف المدفعي عليها، ولقد تزامن هذا القصف مع بداية استحصاد الحبوب وعلى رأسها القمح, حيث استهدف مناطق مختلفة من ريف إدلب وريف حماه, ما تسبب بحرق مساحات كبيرة من حقول القمح، خصوصاً في في مدينة خان شيخون وبلدات كفرزيتا واللطامنة وقرى سهل الغاب، الأمر الذي جعل المزارعين يستعجلون باستحصاد مواسمهم خوفاً من الاحتراق.
كان قد طالب “برنامج الأغذية العالمي” قبل أيام بوقف إطلاق النار في سورية للسماح للمزارعين بالحصاد ونقل الأغذية الى جميع سكان هذا البلد، لكن النظام السوري لم يلتفت إلى هذا الكلام، واستمر باستهداف الحقول وافتعال الحرائق، لمحاربة الثائرين ضده بلقمة عيشهم.
وتشكل الزراعة في سوريا 17.6% من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا، ويعمل في القطاع الزراعي نحو 17% من مجموع قوة العمل أي قرابة 900 ألف عامل، وتبلغ مساحة سوريا 18,5 مليون هكتار وتشكل المساحة القابلة للزراعة ومساحة الغابات حوالي 6.5 مليون هكتار,أما القسم المتبقي فهو عبارة عن مراع (البادية) ويسود المناخ المتوسطي الذي يتميز بالشتاء الماطر والصيف المعتدل والجاف.