نُشر تحليل بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن الاضطرابات العربية وردود الأفعال التي تلتها أسفرت عما وصفته بـ»عسكرة عميقة للعالم العربي».
وأضاف سبرنجبورج، الخبير بالكلية الحربية للدراسات العليا في كاليفورنيا والأستاذ في كلية باريس للشؤون الدولية، إن الثورات التي وقعت في الجمهوريات أعادت الحكم العسكري من جديد في مصر، ورسخت قوة الجيش الجزائري وربما يستعد الجيش التونسي لدور غير متوقع في المستقبل.
وأشار إلى أنه في جمهوريات أخرى حرضت الأنظمة الداعمة للجيش ضد ميليشيات خرجت من الحركات الاحتجاجية وكل منهما يحصل على دعم خارجي. أما في الأنظمة الملكية فقد تم تعزيز الجيوش بهدف أساسي وهو مواجهة وإخماد أي اضطرابات مستقبلية في أي مكان في العالم العربي.
وأكد أن وراء هذه «العسكرة» تظهر الولايات المتحدة الأميركية في أشكال مختلفة، فهي المورد والمدرب الرئيسي، والتي تقوم بتشغيل القواعد الذاتية، وتشرف على الحملات ضد الإرهاب.
وقال سبرنجبورج إن هذا التطور جديد وخطير في العالم العربي، ولم يعد عمل الجيوش مثل المعتاد في السابق، بينما كانت الجيوش من قبل مجرد قوات برية للعرض مثلما هي الحال في تونس، أو افتقدت الهدف من وجودها مثلما هي الحال في مصر، فإنها في الوقت الحالي يجري تجديدها ليس فقط لمكافحة التهديدات الداخلية، ولكن كقوات تدخل سريع لمواجهة «الإرهاب» وعدم الاستقرار في الدول المجاورة.
وأضاف الكاتب أن النظام في مصر بقيادة المشير السابق، الرئيس عبدالفتاح السيسي، كان قويا بما فيه الكفاية لهزيمة تبعات الربيع العربي، واستطاع هزيمة جماعة الإخوان وتهميش القوى الثورية. وبدأ النظام في ضم لاعبين جدد من رجال الدولة وغيرهم ممن سيكون لهم دور سياسي واقتصادي وإداري في بناء الدولة الجديدة، وتشمل هذه القائمة الجديدة الرأسماليين، فلول نظام حسني مبارك، الإسلاميين من خارج جماعة الإخوان، القبائل وأعضاء النقابات وغيرها، وهو الأمر الذي كشف قوة الجيش أمام ضعف القوى الأخرى على الساحة.
وأشار الكاتب إلى أن النظام يسعى لرسم صورة ينأى فيها بنفسه عن أي دعم خارجي، لاسيَّما من الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يتناقض مع الواقع، وربما تبدو هذه التناقضات أكثر وضوحا مع مرور الوقت.
وانتقل الكاتب إلى تونس، حيث قال إن الجيش قام بحراسة الساحة السياسية، حيث كان التنافس على أشده بين القوى السياسية على السلطة في الوقت الذي كان يواجه فيه العناصر الجهادية. ووصف سبرنجبورج الجيش التونسي بأنه كان مثل «القابلة التي أشرفت على ميلاد الثورة»، والذي بات يتمتع بوضع أفضل بكثير الآن مما كان عليه في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة أو زين العابدين بن علي.
أما في الجزائر فلم يكن هناك «ربيع عربي» لتحدي الحكم العسكري بصورة غير المباشرة، لذلك لم يبد دور الجيش واضحا حيث عمل النظام على تقويض المنافسين الآخرين على السلطة داخليا. وحول الوضع في الجمهوريات الأخرى فيرى سبرنجبورج أنه تم تفتيت الجيوش خصوصا في الدول والجيوش التي كانت تدار بشكل مؤسسي أقل من مصر وتونس وتجلى هذا في عودة السلطة القسرية إلى الميليشيات، مثلما هي الحال في ليبيا.
وقال سبرنجبورج إن وضع الجيوش والميليشيات في مرحلة ما قبل وبعد الربيع العربي في سوريا واليمن يتشابه إلى درجة كبيرة مع ليبيا. ورغم أن الوضع في العراق قد يكون مختلفا بالنسبة للجيش، لاسيَّما أن الولايات المتحدة أشرفت على بنيته على خلاف اليمن وسوريا إلا أن السقوط السريع أمام تنظيم الدولة الإسلامية هذا الربيع كشفت مدى هشاشة الأسس في دولة طائفية، مما اضطر القادة في العراق -مثلما كان الحال في سوريا واليمن- إلى اللجوء للميليشيات الشيعية في الصراع بدولهم.