تحت عنوان “كيف تحول موقف الديمقراطيين من إسرائيل” نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لمعلقها إيشان ثارور، قال فيه إن الرئيس دونالد ترامب أدخل إسرائيل في الحملة الانتخابية.
ففي يوم الإثنين، لوّح أمام أنصاره من الإنجيليين الذين يهمهم سيادة إسرائيل على الأرض المقدسة باعتبارها قدرا إلهيا، بقراره الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وفي الوقت نفسه قام حلفاؤه بتقديم الاتفاقية التي رعاها البيت الأبيض بين إسرائيل والإمارات لفتح العلاقات الدبلوماسية بينهما على أنها فعل تاريخي في صناعة السلام.
وفي تغريدة يوم الثلاثاء، أعلن وزير الخارجية، مايك بومبيو أن الاتفاقية “الخطوة الأهم باتجاه السلام في الشرق الأوسط تمت خلال العقدين ونصف العقد الماضيين”.
ما قام به حاكم الإمارات محمد بن زايد بإعلانه عن العلاقة مع إسرائيل هو فصل النزاع العربي- الإسرائيلي عن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي
في المقابل يشك النقاد في الولايات المتحدة وخارجها بمزايا هذا الاختراق الدبلوماسي، ويقولون إن المبادرة العربية التي قدمتها السعودية عام 2002 عرضت تطبيع العلاقات مع الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في عام 1967.
إلا أن هذا بات مستحيلا في ضوء المستوطنات التي أقيمت داخل الضفة الغربية، فيما باتت الملكيات في الخليج تعبّر عن مخاوفها من إيران أكثر من الاهتمام بمعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال.
ونقل ثارور ما كتبه أنشل فيفر في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “في الوقت الذي أكدت فيه الجامعة العربية مرتين دعمها للمبادرة، إلا أن عددا من أعضائها كانوا يطبعون مع إسرائيل بدون اهتمام بالقضية الفلسطينية التي لم تتحرك منذ 18عاما.
ويضيف: “ما قام به حاكم الإمارات محمد بن زايد بإعلانه عن العلاقة مع إسرائيل هو فصل النزاع العربي- الإسرائيلي عن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي”.
وبدا هذا في مقال الرأي الذي نشره مستشار ترامب وصهره جارد كوشنر في “واشنطن بوست” الذي لم يذكر الفلسطينيين ولو مرة واحدة في مقال كان من المفترض أنه يتحدث عن السلام.
وقال الزميل في معهد الشرق الأوسط، خالد الجندي: “لا يطبّع الاتفاق فقط العلاقات الثنائية بين البلدين والتي كانت تحت الطاولة منذ سنين… فهو بالنسبة للفلسطينيين يطبّع (إن لم يكن يكافئ) الاحتلال الإسرائيلي”.
ويقول ثارور إن الديمقراطيين بزعامة جوزيف بايدن يريدون تغيير المسار لو وصلوا إلى السلطة. وهم منفتحون على النقاشات ضمن دوائرهم الانتخابية من ناحية ربط المساعدات المالية لإسرائيل بتصرفاتها.
فبايدن وكل ديمقراطي في الكونغرس، كانوا واضحين في معارضتهم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وخطة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية.
ورفضت أجندة الحزب الديمقراطي الجديدة خطة الضم، وعبّرت عن دعمها لحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين. ولكن الحزب وبعد ضغط من الجماعات المؤيدة لإسرائيل حذف أي إشارة لإسرائيل كقوة محتلة.
رفضت أجندة الحزب الديمقراطي الجديدة خطة الضم، وعبّرت عن دعمها لحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين
وقال يوسف مناير، الباحث والناشط الأمريكي- الفلسطيني الشهر الماضي لـ”جويش كارنتس”: “إننا في عام 2020 ومضت 53 عاما على الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية” و”حقيقة أنهم لا يستطيعون استخدام كلمة “احتلال” وأنهم يرفضون بشدة عمل هذا، تجعلك تفكر أنك تتحدث إلى جمعية الأرض المسطحة وليس إلى الحزب الديمقراطي”.
ويرى محللون أن الأجندة الجديدة لا تزال أفضل بيان تقدمي من الحزب الديمقراطي عن النزاع، ويعكس المخاطر السياسية والأخلاقية التي تبناها ترامب ونتنياهو، ووصفها جيرمي بن عامي، مؤسس جماعة “جي ستريت” المؤيدة لإسرائيل بقوله: “هناك موقف متوازن من القضايا المتعلقة بإسرائيل أكثر مما كان في الماضي” و”هناك استعداد للحديث والوقوف مع الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم”. وقبل عقد كانت “جي ستريت” التي تمثل اليهود الليبراليين في أمريكا، جماعة على هامش السياسة الأمريكية، وهي الآن في المركز وتتبنى مواقف عن إسرائيل، مثل دعم حل الدولتين والذي تدعمه غالبية اليهود الأمريكيين، في وقت ينحرف فيه الحزب الجمهوري نحو اليمين.
ويقول جويل نويل، مستشار باراك أوباما، والذي قام بحملة لحشد الدعم لجوزيف بايدن والسناتور بيرني ساندرز، في تصريحات لوورلد فيو: “الفضاء السياسي الآن أوسع” في داخل الولايات المتحدة “لنهج أمريكي قوي” يدفع إسرائيل بشكل أكبر مما كان عليه الوضع قبل وصول ترامب إلى السلطة. لكن النافذة قد تكون أغلقت “فهناك حس بين دوائر الديمقراطيين أنه لم يتبق شيء” كما يقول النائب الديمقراطي عن ميتشغان أندي ليفين، مشيرا إلى التوسع الاستيطاني وعدم إمكانية ولادة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
وقال ليفين إنه في حالة انتخاب بايدن، فيجب عليه القيام بحملة دبلوماسية قوية على مدار 3 سنوات من أجل إحياء العملية السلمية الهامدة وجلب الطرفين إلى حل ذي معنى. وهذه مهمة صعبة تحتاج لعمل شاق من واشنطن.
وقال الناشط اليهودي الأمريكي روبن: “الفشل في توفير حل يعطي الفلسطينيين دولتهم موضوع لصيق بالجيل المقبل لليهود الأمريكيين الذين يهتمون بهذه القضايا”.
وعلى اليسار، هناك تصميم متزايد على إيمان الأمريكيين بوهم دولة فلسطينية يخفي وراءه الحقائق ومظاهر القلق التي تهم الفلسطينيين تحت الاحتلال.
ففي مقال نُشر بداية الصيف ودعا فيه بيتر بينارت إلى حل الدولة الواحدة بحقوق متساوية للجميع. وحتى الآن لم يتبن أي ديمقراطي هذا الحل، إلا أن بينارت أشار لحادثة في عام 2018 قال فيها خمسة ديمقراطيين بخجل إنهم سيحاولون دعم حقوق متساوية مقارنة مع القانون المثير للجدل الذي أقرته حكومة نتنياهو وهو الدولة القومية.
وجاء في مقاله: “لو زاد زخم حركة الحقوق المتساوية، فسيختفي خجل الديمقراطيين وسيقومون بالوقوف مع رؤية إسرائيل- فلسطين وضمها لرؤيتهم عن المساواة الأمريكية”.
واعترف بينارت بعدم وجود دعم لحل الدولة الواحدة وسط الساسة الأمريكيين، إلا أن استطلاعا أجرته جامعة ميريلاند عام 2018، وجد أن الأمريكيين في سن 18- 24 مع فكرة البحث عن بديل، وبتقدم بـ9 نقاط، لكن السيناريو هذا بعيد وأبعد من الدولة الفلسطينية.
وقال ليفين: “يجب عدم ربط حقوق إنسان أي شخص بالدولة ولكنني لست مستعدا للحديث عن حقوق الفلسطينيين خارج إطار الدولة… ونحتاج لدولة فلسطينية”.
نقلا عن القدس العربي