مع اقتراب موعد انتخابات 24 يونيو الرئاسية والبرلمانية في تركيا، أصبحت المخاوف الاقتصادية تنفرد في صدارة هواجس الناخبين في مدينة بورصة مركز صناعة السيارات التركية.
ويقول الكثير من الناخبين في المدينة إنهم يفقدون الثقة في سجل أداء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته الإسلامية الموجودة في السلطة منذ 16 عاما.
فقد هوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية وفقدت أكثر من 20 بالمئة منذ بداية العام رغم الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة، في وقت تفاقمت فيه مخاوف المستثمرين من أن تواصل التدخلات السياسية عرقلة قدرة البنك المركزي على محاربة التضخم، الذي ظل لا يتزحزح عن خانة العشرات.
وتتزايد المخاوف في الأسواق ولدى المستثمرين في ظل استمرار النمو الاقتصادي المرتفع من دخول الاقتصاد في مرحلة النمو المحموم ثم الانهيار. وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم قد حصل على 54 بالمئة من أصوات ناخبي مدينة بورصة في الانتخابات العامة التي جرت عام 2015، وهي واحدة من أكبر المناطق الصناعية في البلاد. وتضم مصانع لشركتي فيات ورينو، فضلا عن عدد من الشركات الأخرى الأصغر المنتجة لمكونات وقطع غيار السيارات.
20 بالمئة نسبة انخفاض الليرة التركية منذ بداية العام رغم الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة
وتقول نورتين أوكوموش البالغة من العمر 45 عاما، والتي تعمل في أحد المصانع “كنت نائبة لرئيس شعبة المرأة في حزب العدالة والتنمية على مدار 3 سنوات. وقد انسحبت من الحزب عندما رأيت ما كنت عليه. أعمل الآن لكي أجني المال لأبنائي. أريد من القادة أن يقدروا المرأة حق قدرها ويرفعوا الحد الأدنى للأجور”.
وبالنسبة لنورتين وحتى للموالين للحزب، لا يزال تحسين الاقتصاد على رأس قائمة المطالب. لكن بيرم غونيش، وهو عامل نسيج يبلغ من العمر 41 عاما يقول “لن أغيّر صوتي… إذا فاز أردوغان مجددا، فإنني أودّ أن يتبنى إجراءات تحفز الاقتصاد في أسرع وقت ممكن”.
وكالمعتاد، يحتل حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة العلماني الرئيسي، المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية في استطلاعات الرأي. لكن الحزب يشعر بمزيد من الثقة. والسبب في ذلك هو التحالف الانتخابي الواسع مع عدد كبير من الأحزاب الأخرى التي تأمل في الإطاحة بأردوغان.
وترى ياسمين نامدار، وهي من أعضاء حزب الشعب الجمهوري في بورصة ومنخرطة في العمل التطوعي لصالح شعبة محلية للمرأة تابعة للحزب، أن التأييد الذي يحظى به حزب العدالة والتنمية بدأ يتآكل في بورصة.
وتضيف “لقد زرنا الليلة البارحة بعض البيوت في حي غولباهجه، الذي كان معروفا حتى وقت قريب بأنه حصن لحزب العدالة والتنمية. حاليا هناك عائلتان فقط في ذلك الحي ستصوتان لحزب العدالة والتنمية. الاقتصاد كان له أثر كبير في اختيارات الناس. معظمهم يقول جعلوني بائسا”.
ووفقا لهيئة الإحصاءات التابعة للدولة، ارتفعت معدلات البطالة إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر عند 11 بالمئة في يناير. لكن معدل البطالة بين الشباب وصل إلى ما يقارب ضعف ذلك الرقم عند 20 بالمئة.
ويؤكد باريش آيغون، وهو خريج جامعة عاطل عن العمل منذ عامين، إن “الحزب الحاكم فاشل لأن معدل البطالة بين الشباب مرتفع”. ويقول عند سؤاله عن المرشح الرئاسي الذي يبعث فيه الأمل “أيا كان الطرف الذي سيفوز، فليحلّ مشكلة البطالة أولا وبعد ذلك يمكنه دعايات حزبه المعلقة في كل مكان”.
500 ألف معلم مؤهل بلا عمل مدرجون حاليا على قوائم الانتظار للتعيين في المدارس الحكومية
وبحسب اتحاد المُعلمين، هناك نحو 500 ألف معلم مؤهل بلا عمل في الوقت الحالي. ومن بينهم سيبيل البالغة من العمر 25 عاما، والتي تنتظر التعيين في إحدى المدارس التابعة للدولة.
وتقول سيبيل إن “أكثر شيء بحاجة للتغيير هو التعليم لأنه أهم شيء لتنمية المجتمع. أعتقد أن العمل المُنجز غير كاف بالتأكيد. تعلمون أن هناك العديد من المعلمين الذين لم يحصلوا على وظيفة. البعض منهم انتحر”.
ويرى محللون إن حظوظ أردوغان لا تزال قوية في البقاء في سدة الحكم بسبب هيمنته التامة على جميع مؤسسات الدولة، لكنهم لا يستبعدون حدوث مفاجآت في الأيام الأخيرة إذا تفاقمت الأزمات الاقتصادية واستمر تراجع الليرة التركية.
ويعدّ إصرار الرئيس التركي على التدخل في السياسات المالية السبب الرئيسي في انحدار ثقة المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية العالمية. وقد فجرت تصريحاته الشهر الماضي انحدار الليرة بعد أن أكد عزمه على زيادة التدخل في السياسات الاقتصادية إذا ما فاز في انتخابات نهاية الأسبوع الحالي.
المصدر : صحيفة العرب