يسود الترقب الساحة اللبنانية في ذروة الخلافات والاختلافات بين مؤيدي حزب الله بسياساته وتوجهاته المختلفة، وبين معارضيه الذين يجدون فيه مشروعا خطيرا يهدد لبنان بكيانه ومكوناته، لا بل يهدد من وجهة نظرهم الأمن العربي بأيديولجية الحزب القائمة على “المشروع الإيراني في المنطقة”.
وتبقى ذكرى 7 أيار/ مايو 2008 محفورة في أذهان اللبنانيين، كحدث حاسم ومفترق طرق لتحول محوري في المشهد السياسي والميداني اللبناني، حيث اهتزت صورة التحالفات حينها، على ضوء ما أفرزته من نتائج سيطرة حزب الله على البلاد بطولها وعرضها، باستثناء الشمال الذي بقي خارج سرب الحزب ونفوذه ولو جزئيا.
وكان مجلس الوزراء اللبناني أصدر قرارا في 7 أيار/ مايو 2008، تمثل بالإعلان عن مصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بـ “حزب الله”، وإقالة قائد جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي، العميد وفيق شقير، إلا أن “الحزب” لجأ إلى القوة واستخدام السلاح، لردع الحكومة وإرغامها على العدول عن قرارها، فقامت الحكومة بدورها بسحب القرارين.
وفي نتائجها السياسية المباشرة، خرج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، من عباءة قوى 14 آذار، واتخذ لنفسه مكانا وسطيا في المسائل التي لا تثير حفيظة الحزب، وتتمثل في جوهرها بالابتعاد عن استفزازه بالحديث عن سلاحه “غير الشرعي”.
وليس بعيدا عن 7 أيار/مايو وارتداداتها، فإن انتشار عناصر حزب الله في مدينة بيروت بـ “القمصان السود” عشية الاستشارات النيابية عام 2011 كان لها وقعها، فوليد جنبلاط آثر عدم تكرار تجربة 7 أيار/مايو وصوت لمرشح الحزب حينها، نجيب ميقاتي، بدلا من سعد الحريري مرشح قوى 14 آذار.
المشهدية اليوم في الساحة اللبنانية توحي بأن الانقسام بلغ أشده، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ليطرح السؤال من جديد، هل يحسم حزب الله خلافاته تحت العنوان نفسه “الحفاظ على المقاومة” باستخدام عضلاته العسكرية؟ وبالتالي احتلال بيروت، وإجبار معارضيه على الاستكانة في مربعهم بعيدا عن محاولة تعطيل أو عرقلة خياراته الداخلية والخارجية، لاسيما تدخله العسكري في سوريا.
مواقف شيعية تحذر من مخطط 7 أيار جديد لحزب الله
قال رئيس التيار الشيعي الحر المعارض لحزب الله، محمد الحاج حسن، محذرا فيه من السيناريوهات التي قد يلجأ إليها “الحزب”: “إن حزب الله يعد العدة ويوظّف أبواقه كالمعتاد لتوجيه سهام الحقد الفارسي ضد العرب، لأنه لا يؤمن بمشروع الدولة ولا بعروبة لبنان، وهو يمهد لـ7 أيار جديد، لهدم عروبة لبنان”.
وأشار في تصريحات رد فيها على مواقف حزب الله من سحب الهبة السعودية بأن ظروف نجاح الحزب “متوفرة لأن خصومه يفتقدون لخطط وطنية قابلة للتنفيذ”.
سلام: الحزب مسيطر على الحكومة فلماذا يشهر سلاحه؟
وحول احتمالية لجوء حزب الله إلى القوة العسكرية مجددا، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد سلام في تصريحات خاصة لـ “عربي 21“: “إن حزب الله هو في أفضل إنجازاته، لأنه يحكم البلد بسيطرته على الحكومة، ولا أعتقد بأنه سيكون مضطرا لاستخدام سلاحه في الداخل مجددا، لأن ذلك يرتد سلبا على ما حققه وعمل طويلا للوصول إليه”.
وتابع: “الحكومة الحالية يقودها حزب الله من ناحية السيطرة على توجهاتها ومقرراتها، وهي لا تستطيع أن تتخذ قرارا ضد سيدها (يقصد حزب الله)”.
ورأى بأن كل من “يعارضون سياسة الحزب بجدية يخرجون من الحكومة لقناعتهم بعدم قدرتهم على صنع الفرق، كما حصل مع الوزير أشرف ريفي”.
وأضاف: “كل من في الحكومة الآن يقبل بما يريده الحزب بشكل أو بآخر، وهم على حوارات معه إن كان بشكل ثنائي أو جماعي”.
وانتقد سلام ضعف الطرف المقابل لحزب الله قائلا: “عندما بدأت الهجمة على السعودية قبل أسابيع، مهدت المملكة لردها بمواقف خرجت من قيادات وإعلاميين، وفيما بعد اتخذت القرار الذي يتلاءم وحجم ما تعرضت له، فانتقلت بذلك من القول إلى الفعل، مشيرا إلى أن قوى 14 آذار تفتقد إلى مجاراة الفعل السعودي بفعل مواز بل تكتفي فقط بالتعبير قولا”.
حنا: لا يوجد فريق مستعد لمواجهة حزب الله
من جهته، أكد المحلل والخبير الاستراتيجي والعسكري، إلياس حنا، في تصريحات خاصة لـ “عربي 21” أن الحديث عن استخدام السلاح في لبنان يجب مقاربته بالمعطيات، وقال: “عند الحديث عن لغة السلاح يتوجب التوقف عند المراحل الميدانية في لبنان والجوار”، وأوضح: “عندما بدأت الأحداث في سوريا كان الاحتمال العسكري قائما، لكن الاحتمال تراجع إثر معارك القصير والقلمون، وكذلك عند تدخل الجيش اللبناني ضد قوى عسكرية في طرابلس وعبرا حيث تقلص بشكل كبير”.
ولفت إلى أن ما يعنيه تحديدا “هو أن أي مواجهة عسكرية تتطلب حكما وجود فريقين، والمراحل التي تحدثت عنها توضح بأنه لا وجود لفريق يقابل حزب الله في لبنان عسكريا، لا أعني تيار المستقبل فقط”.
وأشار إلى أن من يمتلك السلاح في لبنان هم “الجيش والقوى العسكرية الرسمية وحزب الله”، متسائلا: “من باستطاعته فتح مواجهة مع حزب الله وهو الفريق الوحيد خارج الدولة الذي يمتلك سلاحا؟”.
وختم بالقول: “7 أيار كانت حالة خاصة، فحينها كان السنة يستعدون عسكريا لخلق توازن عسكري مع حزب الله، أما اليوم فالواقع مختلف تماما”.
عربي 21