دماغ صغير جدا
للوصول إلى تلك النتائج، التي نشرت في دورية “نيتشر فيزيكس” في 11 مارس/آذار الجاري، لجأ الباحثون لإحدى الديدان المفلطحة من طائفة المهتزات تدعى “بلاناريان”، طول الواحدة منها ميلليمتر واحد، لأنها تمتلك قدرات استثنائية على إعادة إنماء دماغها بعد قطعه.
في أثناء نمو دماغ البلاناريان، استخدم العلماء تقنية الميكروسكوبيا عالية الدقة لتتبع نمو الخلايا شيئا فشيئا، مع استخدام بعض الأنواع من الصبغات لوسم الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية.
وحسب الدراسة الجديدة، اتضح للفريق البحثي أن هناك نمطا واضحا لنمو تلك الخلايا، فرغم تنوعها وتداخلها، ظهر أن الأمر –بشكل قريب– يشبه نمو بتلات الأزهار أو نمو الريش على جسم الطائر مع العمر.
بمعنى أن الخلايا العصبية من النوع الواحد تنمو معا بالترتيب وليس مرة واحدة، ثم تنمو المجموعة التي تتداخل معها بعد ذلك وهكذا، وأمكن للفريق الخاص بجامعة ستانفورد بناء نموذج حسابي يشرح تلك الآلية، ويتكرر في الحالات المشابهة.
الرياضيات والطب
ليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها الباحثون إلى النمذجة الحسابية، سعيا لفهم الجسم وأمراضه.
على سبيل المثال، كان فريق من باحثي معهد ماساتشوستس العالي للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، استخدم آلية قادمة من عالم الرياضيات لتفسير استجابة الأنسولين لمعدلات الغلوكوز في أجسام المرضى، والتنبؤ به، الأمر الذي يمكن أن يساعد في ضبط المرض.
من جهة أخرى، كان باحثون من كلية العلوم في جامعة كوبنهاغن الدانماركية توصلوا إلى نموذج يشرح كيفية تموضع الخلايا بالنسبة لبعضها البعض في الورم السرطاني، وهو ما قد يساعد في تطوير علاجات أفضل للسرطان.
مستقبل واعد
ويأمل فريق ستانفورد البحثي أن يسهم إنجازهم الجديد في نطاق بحثي واعد وحديث يحاول تنشئة أعضاء شبيهة بالأعضاء البشرية في المعامل لأجل الاستخدام المستقبلي في عمليات نقل الأعضاء، عن طريق الخلايا الجذعية، وهي خلايا ذات غرض عام يمكن أن تنمو لتصبح أي نوع آخر من الخلايا.
حيث اتضح أن هذه الآلية الحسابية يمكن تطبيقها على الخلايا الجذعية، في محاولة “لتخليق” قلب شبيه بقلب البشر على سبيل المثال، ليست المشكلة في عملية النمو ولكن في آليات تداخل الأنسجة المختلفة أثناء النمو للوصول لقلب يمكنه النبض مستقبلا.
نقلا عن الجزيرة