سلطت فضيحة سوء المعاملة التي يتلقاها اللاجئون في أستراليا الأضواء على معاناة الآلاف الذين يغامرون بحياتهم للوصول إلى الدول الغنية. لكنها أثارت، بالتوازي، قضية أخرى في غاية من الأهمية، وهي لجوء المهاجرين إلى الكذب واختلاق قصص التعذيب والاغتصاب للتأثير على الرأي العام المحلي والدولي وعلى منظمات حقوق الإنسان لتحول دون إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.
ولعل قصة الاختلاق الأبرز هي إنكار اللاجئين لجنسياتهم الأصلية وتدليس جنسيات الدول التي يهرب مواطنوها من الحروب والفوضى الأمنية مثل سوريا والعراق الذي فر منه الآلاف بعد سيطرة داعش على مناطق بالشمال.
وتسرب أفغان وإيرانيون وجنسيات أخرى بدعوى أنهم عراقيون في تسعينات القرن الماضي، وقبلوا كلاجئين بوصفهم عراقيين مضطهدين في بلادهم.
ويلجأ الكثير من اللاجئين إلى الكذب لأنه الملجأ الوحيد. ويقول مراقبون إنه عند مقارنة الكذب مع الموت الذي يواجهونه في العبور من شمال أفريقيا إلى أوروبا أو من جنوب آسيا إلى أستراليا بحرا، يصبح الكذب معصية خفيفة.
واتهم وزير الهجرة الأسترالي، بيتر دوتون، اللاجئين الموقوفين في مركز احتجاز بجزيرة ناورو، بتلفيق الأكاذيب من أجل نقلهم إلى أستراليا، عقب تسرب وثائق حول تعرضهم لاعتداءات مختلفة في مركز الاحتجاز.
وفي تصريح لإذاعة “2GB”، وصف دوتون الأخبار المستندة على الوثائق المسربة، التي توثق الانتهاكات في ناورو بـ”الملفقة”، متهما اللاجئين الموقوفين في مركز الاحتجاز، باختلاق الأكاذيب من أجل القدوم إلى أستراليا.
وقالت جيليان تريجس، العضو في مفوضية حقوق الإنسان الأسترالية، لقناة “أي بي سي”، إن توقيف اللاجئين في مركز احتجاز ناورو “يعد أمرا غير شرعي وغير أخلاقي، ولا يمكن مواصلته”.
وكانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، دعت سابقا السلطات الأسترالية، إلى نقل اللاجئين الموقوفين بجزيرتي ناورو ومانوس، إلى مكان آخر، تتوفر فيه ظروف معيشية أفضل.
ونشرت صحيفة الغارديان في طبعتها الأسترالية، الأربعاء، وثائق مسربة، تكشف عن حدوث أكثر من ألفي واقعة تشمل الاعتداء الجنسي والتهجم ومحاولة الإيذاء، خلال عامين في مركز أسترالي لاحتجاز طالبي اللجوء في جزيرة ناورو.
ومن بين التجاوزات التي نقلتها الصحيفة تهديد طفل بالموت وعدم السماح لشابة بالاستحمام إلا مقابل خدمات جنسية.
ودفع الوضع اليائس في مركز إيواء المهاجرين امرأة إلى محاولة الانتحار في حين قامت فتاة بخياطة شفتيها احتجاجا على سوء المعاملة.
وتعمل البحرية الأسترالية على صد القوارب التي تنقل المهاجرين لمنعهم من الوصول إلى أراضيها. أما الذين يصلون إلى الشواطئ فيوضعون في معسكرات احتجاز بانتظار درس طلباتهم للجوء.
وحتى ولو اعتبر طلبهم للجوء مشروعا فإن السلطات لا تسمح لهم بالاستقرار في أستراليا.
وتحتجز كانبيرا، بموجب سياسة الهجرة الخاصة بها، المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئها، في مراكز بالجزر النائية في “مانوس”، و“ناورو”، الأمر الذي وُصف بأنه “انتهاك لحقوق الإنسان”.
وانتقدت أكثر من 100 دولة، التقت في وقت سابق، بمنتدى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في جنيف بسويسرا، سياسة أستراليا بشأن المهاجرين، ووصفت معاملتها لهم بـ”غير الإنسانية”.
ويقول مراقبون إن الأعداد الكبيرة من اللاجئين تقابلها إجراءات محدودة في الدول الغنية، رغم الضجة التي تحيط بها، والتي تبدو وكأنها تهدف إلى التغطية على التقصير، مثلما يجري مع الاتفاق مع تركيا الذي غطت الأحداث الإرهابية على ضعفه.
وأضافوا أن الاتفاق أعطى صناع السياسة انطباعا كاذبا بأن مشكلة الهجرة في أوروبا قد انقشعت بينما يعيش الآلاف من المهاجرين معاناة مضاعفة في تركيا أو في الطريق إليها.
العرب