فاز الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2016 الرئاسية على الرغم من تفوق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون من حيث عدد أصوات المصوتين لها بما يقارب ثلاثة ملايين صوت.
وحصل ترامب على 63 مليون صوت أو 46.1% من أصوات الناخبين، في حين حصدت كلينتون أصوات 65.8 مليون صوت أو 48.1% من أصوات الناخبين.
وفاز ترامب بسبب طبيعة نظام المجمع الانتخابي والتي تفتت انتخابات أميركا الرئاسية لتصبح 51 عملية انتخابية مستقلة (الولايات الخمسون + العاصمة واشنطن)، وكان لترامب التفوق طبقا لحسابات المجمع الانتخابي، حيث حصل على 306 أصوات مقابل 232 لكلينتون.
ويترك ذلك دورا كبيرا للأقليات في حسم المعركة الانتخابية من خلال القدرة على حسم معارك الولايات المتأرجحة والتي يعود إليها الفضل في ترجيح كفة مرشح على أخر.
انتماء السود الحزبي
للسود الأميركيين تاريخ طويل من الانتماء والاقتراب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وعقب انتهاء الحرب الأهلية عام 1865 اعتبر السود أنفسهم جمهوريين، فقد كان حزب الرئيس إبراهام لينكولن الجمهوري هو من بادر بالإعلان عن إلغاء العبودية وبداية الحرب الأهلية لتحرير العبيد.
وعارض الديمقراطيون منح أي حرية أو حقوق سياسية للسود لمئة عام عقب انتهاء الحرب الأهلية، ولم يسمح لأي أسود بالمشاركة في المؤتمر العام للحزب حتى عام 1924.
ولولا ارتباط تشريعات الحقوق المدنية بداية بالرئيس جون كيندي ومن بعده الرئيس ليندون جونسون الديمقراطيين لما اقترب السود من الحزب الديمقراطي في منتصف ستينيات القرن الماضي.
ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي يصوت السود للديمقراطيين، وحصل الرئيس جونسون على أصوات 94% من السود في انتخابات 1964، وخلال انتخابات عام 2016 لم يصوت لترامب سوى 8% من السود، في حين صوت 88% منهم لصالح هيلاري كلينتون.
خريطة انتشار الناخبين السود 2020
بلغ عدد السكان السود العام الماضي 43.8 مليون شخص، أي 13.4% من عدد سكان الولايات المتحدة البالغ 328 مليونا في نفس العام.
وينتشر السود في كل الولايات الأميركية، لكن تختلف نسبة انتشارهم من ولاية لأخرى بصورة كبيرة.
وفي الوقت الذي لا تتخطى فيه نسبة السكان السود في عدة ولايات 1% مثل مونتانا وأيداهو، بلغت النسبة ذاتها 48% في العاصمة واشنطن، و39% في ولاية ميسيسيبي، و34% في ولايتي جورجيا ولويزيانا و33% بولاية ميريلاند.
ولا يعني وجود نسبة كبيرة من السكان السود أن تصوت الولاية للديمقراطيين بالضرورة، إذ تلعب طبيعة التركيبة الإثنية العرقية لبقية السكان دورا مهما في تحديد هوية الولاية الانتخابية.
وتصوت ولايات الجنوب المعروفة باسم “الحزام الإنجيلي” للجمهوريين بأغلبية مريحة، وذلك على الرغم من وجود أغلبية كبيرة من السود كما هو الحال في ولايات مثل جورجيا وميسيسبي ولويزيانا.
وينطبق نفس الحال على ولاية تكساس التي تعد الولاية الأولى من حيث عدد السكان السود البالغ عددهم 4 ملايين نسمة أو 14% من إجمالي عدد السكان، وحصل ترامب على أصوات ولاية تكساس بنسبة بلغت 52.3% من الأصوات.
أصوات السود قد تحسم الولايات المتأرجحة
لكن يظل للصوت الأسود دور كبير في ترجيح كفة الفائز في عدد من الولايات التي تتقارب فيها أصوات الجمهوريين والديمقراطيين، وتتأرجح نتائجها بين الحزبين.
ويمكن رصد أربع ولايات هي فلوريدا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا، حيث لا يمكن لأي مرشح جمهوري الفوز في الانتخابات الرئاسية دون الفوز بولايتين على الأقل منهما.
ويبلغ عدد السكان السود في ولاية فلوريدا 3.8 ملايين أو 18% من نسبة السكان، وذهبت أصوات الولاية لدونالد ترامب في عام 2016، إذ حصل على 49.2% من الأصوات مقابل 47.8% لهيلاري كلينتون.
وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى تقدم الديمقراطي جو بايدن بنسبة 48% مقابل 44% لترامب، وحال حدوث تعبئة للمصوتين السود بنسب تفوق نسب مشاركتهم في انتخابات 2016 دون فرض فوز الديمقراطيين بفلوريدا.
أما ولاية كارولينا الشمالية فيبلغ عدد السود فيها 2.4 مليون نسمة أو 24% من إجمالي سكانها، وصوتت الولاية لترامب عام 2016 بنسبة 49.8% مقابل 46.2% لكلينتون.
وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى تساوي حظوظ ترامب وبايدن، ويحقق كلاهما نسبة 45% من الأصوات.
أما ولاية ميشيغان -التي فاز فيها ترامب بفارق ضئيل وصل إلى 0.02% أو أقل من 11 ألف صوت- فيبلغ عدد السود فيها 1.6 مليون شخص أو 15% من إجمالي سكانها، وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى تفوق بايدن بـ50% مقابل 42% لصالح ترامب.
وينطبق نفس الشيء على ولاية بنسلفانيا، إذ ظفر بها ترامب عام 2016 بنسبة 48.1% مقابل 47.5% لكلينتون.
ويبلغ عدد السود في الولاية 1.7 مليون شخص أو 13% من إجمالي سكانها، وتشير آخر استطلاعات الرأي إلى تقدم بايدن، محققا 48% مقابل 47% لترامب.
من ناحية أخرى، دفعت حادثة مقتل جورج فلويد الديمقراطيين لمضاعفة جهودهم لتسجيل الناخبين السود كي يكون لهم دور أكبر في انتخابات 2020، وتدعم آلة الحزب الديمقراطي بشدة جهود تسجيل المواطنين السود في السجلات الانتخابية، خاصة في الولايات المتأرجحة.
ويتوقع أن يضاعف السود جهودهم في حال اختار جو بايدن امرأة سوداء لمنصب نائب الرئيس كما يتوقع على نطاق واسع.
نقلا عن الجزيرة