يرى معظم الناشطين والإعلاميين في سوريا اتفاق المدن الخمس ما هو إلا خطوات لتغيير الديموغرافي وعملية تهجير قسري من قبل النظام في ظل صمت دولي، ويؤكد ناشطون أن النظام يسعى جاهدا لتقسيم سوريا.
فقد كتب الصحفي السوري “منهل باريش” في مقالة له أن عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي قد بدأت في اللحظات الأولى من “سيطرة حزب الله على مدينة القصير حيث سعى بشكل واضح إلى تأمين الخاصرة الشرقية للبنان، وتأمين الحدود كاملة، وصولا إلى ميناء طرطوس، الذي كان ممراً للجزء الأكبر من سلاح حزب الله القادم من ايران”.
ويلفت باريش في اتصال مع موقع “الجديد” أن “العدد الأكبر من السكان في هذه المنطقة هم من الطائفة السنية”.
وتطرق باريش في مقالته عن اتفاقية المدن الأربعة التي تضايق منها حزب الله بسبب عدم تهجير كامل للأهالي في المدن والتي وقعت بين ايران وجيش الفتح في هذا الشهر قائلاً “لم تتم كما خطط لها حزب الله لأن أهالي مضايا لم يقبلوا جميعا بمغادرة المدينة، وبقي القسم الأكبر منهم هناك”. وعلى الرغم من ذلك ” قام حزب الله بتأمين الحدود الشرقية للبنان بشكل شبه كامل من وادي بردى جنوبا باتجاه الشمال إلى مضايا والزبداني مرورا بالقلمون الغربي حتى القصير”.
وحدد باريش في مقالته المكان الذي سوف يتم نقل مقاتلي كفريا والفوعة وذويهم وقال “لأنه من الصعب نقلهم إلى مضايا فالعدد الأكبر من سكانها ما زال هناك، في حين أن القصير التي كانت تسكنها الأغلبية السنية، غادرتها الأكثرية لصالح الأقلية مع سيطرة حزب الله”.
التغيير الديموغرافي بمعناه الفعلي هو عملية معقدة تحتاج إلى وقت طويل يشير باريش: “مجرد تهجير الناس لا يعني أن تغييرا ديموغرافيا قد تم، فالناس مازال لديهم أملاك وأراض من الصعب السيطرة عليها”. إلا أن التهجير يبقى أول مراحل التغيير الديموغرافي، الذي تلحقه عمليات شراء الأراضي عبر وسطاء.
ويتابع باريش “إنها العملية التي يقوم بها الإيرانيون الذين يشترون أراضٍ داخل دمشق عبر وسطاء، لكن العملية طويلة، وتتطلب وقتا لأن هناك نقاط أخرى تؤخذ بعين الاعتبار منها إمكانية بقائهم في تلك النقطة”.
وأشار باريش أن هذا ليس تهجيرا فقط بل بداية لتقسيم في سوريا ولأنه “عندما يقوم النظام بإفراغ المدن من أهاليها هو حتما يسير باتجاه التقسيم، وعندما يعرض النظام إخراج أهالي كفريا والفوعة بعد الضغط الإيراني والضغط من قبل حزب الله فهذا يعني أنه يخطط للتقسيم، وإلا لم يكن ليقبل بأي شكل من الأشكال أن يخرج سكان مدنيون إن كانوا سنة أو شيعة من مناطقهم”.
وأكد باريش أنه لا يمكن تحديد مناطق التقسيم “لأن جميع المناطق التي تم تهجير أهلها هي مشاريع مناطق متغيرة ديموغرافيا”.
وفي نهاية المقال أكد باريش أنه هناك حل وحيد للوقوف في وجه التقسيم في سورية وهو” الناس ستعود إلى مناطقها إذا كان الأميركيون جديين في عملية الانتقال السياسي، ورحيل بشار الاسد. فالناس متمسكة بأراضيها والدليل أنهم يقومون باتفاقيات وهدن كي لا يغادروا منازلهم”.
وقال الكاتب الأردني هشام الهبيشان في بداية هذا الشهر بخصوص التقسيم “سورية إلى التقُسّيم… والنظام يجري التخطيط لإسقاطه عسكرياً..أصبحنا اليوم نسمع كثيراً هذه الجملة التي يردّدها الكثير من المحللين على شاشات الإعلام”.
وفي سياق متصل كتب الكاتب رضوان زيادة في صحيفة “الحياة” في ال6 من شهر نيسان الجاري “تكثر التحليلات والاقتراحات داخل مراكز الدراسات في واشنطن حول كيف يمكن حكم سورية بعد انتهاء الصراع المسلح الدائر فيها، وتصب غالبية هذه التحليلات على فرضية تقوم على تقسيم سورية”.
وأكد خلال مقاله عن تواجد نية كبيرة لدى البعض في التقسيم ولكن كل جهة لديها مطالبها في التقسيم قائلا “البعض يذهب إلى الحد الأقصى بالمطالبة بالتقسيم الجغرافي وآخرون يقترحون تقسيماً مناطقياً على أساس حكم ذاتي، وربما كان آخر هذه الاقتراحات من معهد «بروكينغز» الشهير، إذ طلب مايكل اوهانلون مدير البحوث والسياسة الخارجية في المعهد «بأن تسعى الولايات المتحدة إلى إقامة العديد من المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال سورية وشرقها “.
وأكد الكاتب أن الولايات المتحدة سوف تمنع التقسيم كما أكد باريش في مقاله قائلاً “أن لا تقبل بأي حال من الأحوال الدول المستقلة السورية التي قد تنفصل رسمياً عن مركز البلاد”، فإنه يقر بأن “هذه المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي قد تساعد في بناء مرحلة انتقالية تضمن خروج الأسد يوماً ما من السلطة”.
وأكد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا في وقت ال17 من أذار الماضي أن وحدة أراضي سوريا أمر أساسي ويتفق عليه جميع الأطراف.
وقال دي مستورا خلال مؤتمر صحافي على هامش جولة مباحثات جنيف بين وفدي دمشق والمعارضة “إنه لم يتم التطرق إلى موضوع الفدرالية وأن وحدة الحدود السورية هي أمر اتفق عليه الجانبان”.
المركز الصحفي السوري – آلاء الياسين