يعتمد اقتناع الشخص بفعالية العلاج بالصلاة في شفاء المرضى على درجة تدينه، لكن لا يختلف المتدينون وغير المتدينين في آرائهم حول العلاج الطبي ومعاييره.
وفي تقريره الذي نشرته مجلة “سايكولوجي توداي” الأميركية، قال الكاتب ديفد لادن إن اقتناع المتدينين بفعالية العلاج بالصلاة والدعاء في الماضي لم يحتج سوى نجاح عدد ضئيل من محاولات تطبيق هذا العلاج، على عكس الأشخاص غير المتدينين.
للوهلة الأولى، تشير هذه النتيجة إلى أن المتدينين يتبعون معايير أدلة أقل صرامة من أولئك الذين لا يؤمنون بأي دين. مع ذلك، في حال تجربة فريق من الأطباء والممرضين لعلاج طبي جديد من شأنه أن يشفي أحد المصابين بمرض ما، يطالب كل من المتدينين وغير المتدينين بالمستوى نفسه من الأدلة.
وأوردت الدراسة أنه على الرغم من الادعاءات التي تثبت عكس ذلك، لا يُبدي المتدينون بالضرورة تحيزا ضد العلم أو التفكير العلمي الذي يبدو أنهم يفهمونه مثل الأشخاص غير المتدينين. ومع ذلك، يميل المتدينون إلى إظهار التحيز لصالح التفسيرات الخارقة للأحداث. ويُعتبر ذلك أمرا منطقيا لأن الظواهر الخارقة للطبيعة تمثل جزءا مهما من نظرتهم للعالم.
الأدلة العلمية
وأوضح الكاتب أن العلم لا يتقدم ببساطة عن طريق جمع الأدلة لدعم الفرضيات، بل يبحث أيضا عن أدلة قد تثبت أن فرضية ما كاذبة. فعلى سبيل المثال، عندما نقيَم مدى فعالية علاج جديد، لا نريد فقط معرفة عدد المرضى الذين عولجوا، وإنما نريد أيضا معرفة عدد الأشخاص الذين لم ينجح العلاج معهم.
حتى الآن، لم تحدد الأبحاث ما إذا كان المتدينون وغير المتدينين يعتمدون معايير مختلفة لاستخدام التجارب الفاشلة كدليل ضد فرضية معينة، وكان هذا هو السؤال البحثي الذي درسه العالم النفسي إيميليو لوباتو وزملاؤه في مقال نُشر أخيرا في مجلة علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية.
وأورد الكاتب أنه خلال الدراسة وقعت مقارنة استجابات المتدينين وغير المتدينين في ظل أربعة شروط. يتمحور الشرطان الأولان حول عدد تجارب العلاجات الناجحة التي أرادوا رؤيتها قبل أن يقتنعوا بأن الصلاة أو العلاج الطبي ناجح، كما هي الحال في الدراسات السابقة. أما الشرطان الثانيان فكانا بشأن عدد التجارب الفاشلة التي تحتاج المجموعتان إلى رؤيتها قبل أن يقتنعوا بأن الصلاة أو العلاج الطبي يعتبران طريقتين فاشلتين.
تماشيا مع الأبحاث السابقة، أظهرت النتائج أن المتدينين وغير المتدينين يعتمدون معايير مماثلة بشأن العلاج الطبي. بعبارة أخرى، لم يظهر المتدينون أي تحيز ضد التفكير العلمي.
في المقابل، وضع المتدينون حدا أدنى لقبول التجارب الخارقة للطبيعة مقابل العلاج الطبي، وينطبق الأمر ذاته على المشاركين غير المتدينين أيضا. بمعنى آخر، احتاجت كلتا المجموعتين لرؤية عدد أقل من تجارب العلاج بالصلاة مقارنة بالعلاج الطبي للاقتناع بأنه فعال.
ولم تتصرف المجموعتان بعطف عند تقييم التجارب الفاشلة مثلما تعاطفوا مع المزاعم الخارقة للطبيعة. واعتمد المتدينون في تقييم العلاج الطبي وعلاج الصلاة المعيار نفسه، حيث طلبوا عددا مماثلا من التجارب الفاشلة قبل رفض كليهما. في المقابل، طلب الأشخاص غير المتدينين عددا أقل من التجارب الفاشلة للعلاج بالصلاة مقابل العلاج الطبي للحكم عليه على أنه غير فعال.
تحيز
وأوضح الكاتب ديفد لادن أن التحيز ضد الادعاءات الخارقة من غير المتدينين يعرف باسم معيار ساغان، الذي سمي على اسم عالم الكونيات الشهير كارل ساغان، والذي يعتبر أن الدعاوى والادعاءات الاستثنائية تتطلب أدلة غير عادية، أو بعبارة أخرى يتطلب الادعاء الاستثنائي دليلا استثنائيا كذلك.
ومن وجهة نظر علمية عالمية، تعتبر الادعاءات الخارقة للطبيعة غير عادية، وبالتالي تُقيَّم باعتماد مستوى أعلى من الادعاءات الطبية.
باختصار، يرى الكاتب أن المتدينين وغير المتدينين يقيمون الادعاءات العلمية بطريقة مماثلة، بينما يقيمون الادعاءات الخارقة للطبيعة بشكل مختلف. وفي حين تُقيّم الادعاءات الطبيعية من منظور محايد، فإننا نميل إلى تقييم الادعاءات الخارقة للطبيعة وفقًا لوجهات نظرنا للعالم.
المصدرالجزيرة