لم تمض أيام قليلة على لقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء الماضي 9 آب، في مدينة بطرسبورغ الروسية، حتى بدأت ثمار الزيارة تؤتي أكلها عبر تصريحات مسؤولين أتراك وروس، إضافة إلى التحركات السياسية التي شهدتها المنطقة عقب اللقاء.
البداية كانت مع رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، الذي وعد بتطورات “جميلة” في سوريا ودول أخرى في المنطقة، وقال إن المرحلة بدأت، “واتُخذت خطواتها، وسنشاهد معا نتائجها خلال الأشهر الستة القادمة”، لافتًا إلى أن بلاده ستعمل بشكل وثيق أكثر مع دول المنطقة لحل القضايا.
إنشاء آلية ثلاثية لحل القضية السورية
المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، كشف عن الاتفاق بين الرئيسين التركي والروسي حول “إنشاء آلية ثلاثية مؤلفة من موظفين في الاستخبارات والجيش، والسلك الدبلوماسي، تعمل مع بعضها من أجل تسوية الأزمة السورية”.
وأكد قالن أن اللقاء تركّز على “وقف الاشتباكات، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب، وتحقيق مرحلة الانتقال السياسي، والحفاظ على وحدة التراب السوري”.
تصريحات قالن تزامنت مع إعلان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن توجه وفد أمني وعسكري تركي إلى روسيا لبحث الملف السوري، وأن تركيا تعمل مع روسيا على بناء آلية عمل قوية بشأن الأزمة السورية، مشيرًا إلى أن موسكو طلبت تزويدها بالمواقع التي يجب قصفها في سوريا.
تركيا تدرس إغلاق الحدود مع سوريا
صحيفة “إيزفيستيا” الروسية ذكرت في عددها الصادر، الجمعة 12 آب، أن السلطات التركية بدأت بدراسة مقترح روسي حول إغلاق حدودها مع سوريا لمنع تدفق المقاتلين والأسلحة، بعد تقديم الدبلوماسيين والعسكريين الروس مقترحًا لنظرائهم الأتراك، أثناء مباحثاتهم، بإغلاق الحدود التركية- السورية، مشيرةً إلى أن السلطات التركية شرعت في بحث إمكانية إغلاق الحدود.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي، فيكتور فودولاتسكي، قوله إن “الهدف من الاقتراح هو وقف تهريب الأسلحة والإرهابيين من تركيا إلى سوريا”.
من جهته اعتبر عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي، إيغور موروزوف، أن “الأتراك لابد أن يستجيبوا للمطلب الروسي لأنهم مصممون على حل القضايا الخلافية”.
تحركات سياسية على مستوى دولي
وشهدت الساحة الدولية تحركات سياسية لبحث الملف السوري، كانت بدايتها مع زيارة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى تركيا، ولقائه برئيس الوزراء، بن علي يلدريم، والرئيس، رجب طيب أردوغان”.
وناقش الطرفان الملف السوري بشكل خاص، بحسب يلدريم، الذي قال إن “الدور الإيراني معروف وتنتقده تركيا منذ البداية، وعلينا أن نعمل لتحويله إلى دور إيجابي بنّاء”.
وفي الجهة المقابلة أعلنت السفارة الروسية في إيران أن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، سيتوجه إلى طهران الأسبوع الجاري، لبحث آخر التطورات في الشرق الأوسط، وخاصة ما يجري في سوريا.
وفي الرياض استقبل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، المنسق الأعلى للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، لبحث أخر التطورات السياسية التي تشهدها الساحة السورية.
مصير الأسد نقطة الخلاف
الآراء حول مصير رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كان محط خلاف بين بوتين وأردوغان، بحسب ما قاله قالن، إضافة إلى اختلاف في تحقيق عملية الانتقال السياسي وإيقاف الاشتباكات، وحماية وحدة الأراضي السورية، مؤكداً أن وفدي البلدين سيبحثان تلك المسائل بالتفصيل.
كما كان محط خلاف بين تركيا وإيران في اجتماع ظريف مع يلدريم الذي أكد أنّ “الاختلاف قائم منذ بداية التوتر في سوريا، ونعمل مع طهران بهدف التوصل إلى حل دائم للأزمة التي تشهدها البلاد”.
ولم تمض ساعات على تصريحات يلدريم حتى صرح مستشار “قائد الثورة الإسلامية في إيران” للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، بأن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستظل تواصل دعمها لحكومة بشار الأسد باعتبارها الحكومة الشرعية لسوريا”، في إشارة منه إلى عدم تخلي إيران عن الأسد.
المعارضة تعوّل على التقارب الروسي- التركي
المعارضة السورية، تباينت وجهات نظرها حول اللقاء وكيف سينعكس على الأرض، مع تخوف أن يؤدي التقارب التركي الروسي إلى إيقاف دعم أنقرة للمعارضة.
إلا أن المعارض السوري، وعضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أحمد رمضان، قال في اتصال مع عنب بلدي، في 9 آب، إن تركيا ملتزمة بدعم الشعب السوري ومقاومته لنظام الاستبداد، مردفًا أنها “تحت أي ظرف لن تتخلى عن دعمها للسوريين، ومن هنا نعتقد أنّ أي علاقات ستتشكل بين الطرفين سيكون لها انعكاس إيجابي على الانتقال السياسي في سوريا”.
واعتبر رمضان أن روسيا أدركت مؤخرًا استحالة الحل العسكري وفق ما كانت تعتقد هي والنظام السوري، مؤكدًا أنه “ينبغي على القيادة الروسية أن تراجع موقفها من دعم الديكتاتورية في سوريا، وأن تدعم خيار السوريين في تشكيل النظام السياسي وشكل نظام الحكم”.
وبين التصريحات والتحركات في أروقة السياسة بين المسؤولين يبقى الآلاف من السوريين يعانون من قصف الطيران الروسي والسوري الذي يحصد عشرات القتلى يوميًا، وخاصة في مدينة حلب التي تشهد حاليًا معارك ضارية في بين قوى المعارضة والنظام في محاولة للسيطرة عليها، لتكون ورقة رابحة قبل بدء المفاوضات المتوقع انطلاقها أواخر الشهر الجاري.
عنب بلدي – وكالات