بعد فترة هدوء نسبي شهدتها أرجاء محافظة إدلب، واستقرار للمجتمع الأهلي الذي بدأ يعمل بجد وإخلاص وكأن الحياة استقرت وأصبحت إدلب دولته الخاصة.
ليعود الآن شبح الخوف والرعب من عودة التوتر والحرب وأصوات الطائرات مجددا ليقض مضاجع سكانها، وهذه المرة ليست ككل مرة؛ فهناك توافق وإجماع دولي كذلك الذي شهدته الحرب في الموصل ومن ثم الرقة ضد تنظيم الدولة.
وإذا استثنينا الكلام والمهاترات التي تقذفها صفحات موالية للنظام عن المصير الأسود الذي ينتظر إدلب، وكذلك تحاليل وإنذارات وسائل إعلام موالية من قبيل صحيفة الديار، فإننا لن نستطيع التغافل عن المواقف الصادرة مؤخرا من دول الحل والربط فالعالم.
المواقف بدأتها الولايات المتحدة والتي حددت موقفها بصراحة من تمدد هيئة تحرير الشام”جبهة النصرة سابقا”وحملت تركيا جزء كبيرا من مسؤولية تمدد هكذا منظمات إرهابية -على حد تعبيرها- لتصل إلى الحدود التركية، وكان هذا الموقف في غير محل وموضع، وأكد فيه المتحدثون الأمريكيون بأن موقف بلادهم لم يتغير من الهيئة على الرغم من تغيير الاسم أوحتى نمط التعامل والاندماجات لفصائل أقل تطرفا فيها.
وبدورها روسيا الحليف الأزلي للأسرة الأسدية لم تتوقف يوما عن التهديد بضرب أماكن مسلحي تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام، وها هي بعد أن أنشأت منطقة خفض تصعيد في الغوطة؛ تنتقل اليوم لإنشاء أخرى في ريف حمص الشمالي ويرحل كل من هو غير مرغوب فيه إلى إدلب والتي باتت وفق المواقف الروسية ومن قبلها الأمريكية خطرا يتهدد المجتمع الدولي.
حتى تركيا أخذت بالتماهي مع مواقف القطبين العالميين ووضعت يدها بيدهم للقيام بعمل عسكري ضخم ومنتظر ضد ادلب على غرار معارك التحالف في الرقة وهذا ما أكدته صحيفة “قرار”التركية؛ وماتؤكده أرض الواقع من الممارسات اللا إنسانية التي بات الأتراك يقومون بها تجاه المدنيين العزل من قنص متكرر ويومي للراغبين بقطع الحدود بشكل غير شرعي أو ماأظهرته مقاطع فيديو مسربة عن قيام جنود أتراك بانتهاكات وحشية ضد مدنيين سوريين يقعون بأيدهم، وأخيرا إعلاق المعبر الوحيد الذي يعتبر شريان الحياة لادلب والذرائع واهية.
حتى فرنسا المحتل القديم أبدت رغبتها في المشاركة بالعمل المزعوم، إدلب تلك المحافظة الوادعة الخضراء ذات أشجار السلام “الزيتون” وقعت فريسة مخطط قذر لحشد أكبر قدر من البشر غير المرغوب فيهم من قبل نظام الأسد وأعوانه الإيرانيين وحلفائه العالميين.
ويبقى السؤال الذي يرن صداه عميقا في النفس، هل اقتربت ساعة الصفر؟؟! هل حان الموعد لتصفية الحسابات مع أناس كان مطلبهم العيش بقدر من الكرامة والحرية ؟ بل لأناس آخرين لم” يمشو إلا الحيط الحيط ويارب سترك”، أيام تفصلنا عن معرفة المصير الذي ينتظرنا ويجيب عن كل أسألتنا وتكهناتنا ومن يدري لربما لعبة دولية جديدة أو مقايضة دسمة تنهي المسألة دون إراقة دماء!
المركز الصحفي السوري _ شاديا الراعي