يحاول إعلام أسد وبتوجيه من المخابرات التركيز على جرائم القتل والاغتصاب لا سيما جريمة بيت سحم التي راح ضحيتها أم وأطفالها الثلاثة، وذلك من أجل صرف أنظار السوريين عن أوضاعهم المعيشية المتردية وعن جرائم النظام وتحديدا صور قيصر المسربة، حيث أصبحت حديث الشارع السوري بعد انتشارها الواسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولعل الاهتمام الكبير بجريمة بيت سحم المروعة، من قبل وزارة داخلية أسد وبعض أزلام النظام كمفتي أسد أحمد حسون الذي حضر الجنازة، يؤكد أن هناك توجها واضحا بأن نظام أسد يسعى لاستغلال هذه الجرائم وغيرها لصالحه وخدمة أهدافه.
وقال الدكتور محمود الحمزة الأكاديمي والباحث السياسي لـ”أورينت نت”، إن نظام أسد خبيث ويعرف كيف يستغل الأحداث، مضيفا أن الإعلام التابع للنظام ليس قويا وهو إعلام كاذب لايثق به السوريين حتى الموالين منهم، ولكن أجهزة المخابرات هي من تقوم بالتوجيه وبث الشائعات والعمل على تسخرها لصالح نظام أسد من أجل تلميع صورته.
وتابع الحمزة: أنه على ضوء الأوضاع المعيشية المتدهورة للسوريين والوضع الاقتصادي الكارثي أصبح نسمع بارتكاب جرائم عديدة كالسرقة والقتل والاغتصاب وطبعا الدوافع لها اقتصادية اجتماعية.
وأوضح أن إعلام نظام أسد له مصدر واحد وموجه مركزي على عكس إعلام المعارضة المشتت، مبينا أن الكثير من السوريين في مناطق سيطرة ميليشيا أسد لا يتابعون الإعلام بسبب حالة الفقر والأوضاع المعيشية الصعبة التي يمرون بها، ولكن النظام لا يكترث لكل ما يحدث فالمهم عنده هو بقاء بشار الأسد على الكرسي وبقاء عائلته التي تعتبر مصدر الفساد والجريمة في سوريا.وضع أخلاقي منهار
أما بالنسبة لجريمة بيت سحم، فأشار الحمزة إلى أن نظام أسد يحاول أن يظهرها أنها نزوة شاب أراد الحصول على المال ولكن الحقيقة هي ناتجة عن وضع اقتصادي واجتماعي وأخلاقي منهار في سوريا، فهل يمكن أن نتصور أن شخصا يقتل عائلة كاملة من أجل 300 ألف ليرة أي ما يعادل 100 دولار؟.
وأكد أن نظام أسد يحاول من خلال جريمة بيت سحم أن يُظهر للعالم بأنه شريف وأن شرطته التي اعتقلت المجرمين تلاحق القتلة والفسادين المغتصبين، علما أن النظام هو مصدر القتل والفساد فهو يذبح ويقتل السوريين في المعتقلات ويقوم باغتصاب النساء في السجون.
ولفت الدكتور الحمزة إلى أن جريمة بيت سحم بشعة ولكن نظام أسد ارتكب ملايين الجرائم التي تقل بشاعة عن حادثة بيت سحم، وجاء قانون قيصر ليفضح هذه الجرائم لذلك أراد النظام التقليل من أهميته والتشويش عليه ولكن العقوبات ستؤثر حتما على النظام وحلفائه.من جانبه، قال أخصائي علم النفس رشيد حوراني لـ”أورينت نت”، إن السلوك الاجرامي الذي اتبعه نظام أسد في مناطق سيطرته، انتقل لأفراد الشعب ليكون سلوك ممارس من قبل أفراد المجتمع السوري وهذا الأمر يسمى في علم النفس بـ”الإزاحة”.
وأضاف أن “الإزاحة” هي أن يتعامل فيها الفرد مع الضغوط الداخلية والخارجية بتحويل المشاعر والأفعال التي لا يستطيع مواجهتها أو إعادة توجيهها إلى من يستحقها بتحويلها نحو شخص آخر بديل يكون أقل تهديدا للشخص، وأضعف من الجهة الضاغطة صاحبة التهديد القوي، فعلى سبيل المثال من يهينه رئيسه في العمل ولا يستطيع الرد عليه فيغضب في وجه زوجته وأطفاله؛ وقد يعي ويدرك أن غضبه الأصلي هو من رئيسه وليس من أفراد عائلته، وقد لا يعي ذلك لأن النفس البشرية أيضا تلجأ إلى الكبت والتي تعمل من خلاله على نسيان كل ما يشعرها بألم نفسي، وعليه فإن المواطن في مناطق سيطرة ميليشيا أسد تنطبق عليه هذه الحالة.
وأردف أنه يضاف إلى الحالة السابقة أيضا الظروف المعيشية الضاغطة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، وترهل المؤسسات المسؤولة عن تطبيق القانون وانتشار الميليشيات والمحسوبيات، والمستوى الثقافي والاجتماعي وتأثيره على السلوك.
يذكر أن الجرائم التي ارتكبها نظام أسد بحق المعتقلين في سجونه كشف بعضها مصور منشق عن النظام لقب باسم “قيصر”، حيث سرب مطلع 2014 حوالي 55 ألف صورة، توثق 11 ألف ضحية قضت في معتقلات نظام أسد.
وفور انتشار صور جثث المعتقلين، فجعت آلاف الأسر السورية بأولادها وطرق التنكيل الإجرامية واللاإنسانية التي جرى فيها تعذيب المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية التابعة لميليشيا أسد.
نقلا عن اورينت نت