مع تصعيد الغارات وتضيق الخناق على الأهالي في حلب بسياسة “العصى ” التي لجأ إليها نظام همجي وحليف سقطت الإنسانية على أبواب مخططاته الهمجية سياسة العنف حتى الموت وحرب الإبادة الجماعية لكل مظاهر الحياة على أرض محررة رفض أهلها الظلم والطغيان ووعى فيها الأهالي للخطر المحدق بهم، فهم على كل الأحوال لا يعنون للنظام شيئاَ.
موتهم الجماعي هدف أول، وركام منازلهم لا تمنع المواليين والحلفاء من الاحتفال عليها رغم أنها جبلت بدماء الأبرياء، فقد أصبحت أرض حلب “مسرحاَ للحزن” بإخراج روسيي وسيناريو إيراني.. أيام مرت على أهالي حلب تشابه نهارها بلون ليلها الأسود من هول الأوجاع.
طبعاَ بعد سياسة العنف سيلجأ الأهالي للنزوح من المناطق المستهدفة، للنجاة بأرواحهم وسلامة ذويهم وسيحقق النظام ما سعى وخطط إليه وليكتمل السيناريو الجديد لسياسة التهجير مهدت روسيا ومن خلفها نظام الأسد سياسياَ وإعلامياَ لخروج آلاف المدنيين والعسكريين من أحياء حلب الشرقية المحاصرة، وجاء ذلك بتخصيص وزارة الحرب الروسية 6 “معابر إنسانية آمنة” ومعبرين مخصصين لخروج “المسلحين” مع الحرص على الرصد الإعلامي لخروج “السيول البشرية”.
جاءت المفاجئة التي سجلت لأبناء حلب يشهد لهم التاريخ بالعظمة والصمود، فقد أفشل أهالي أحياء حلب الشرقية الخطة الروسية التي تقتضي بتفريغ أهلها طوعاً، إذ بعد أن ألقت طائرات النظام الحربية صباح يوم الخميس مناشير ورقية تظهر خارطة توزع المعابر الإنسانية الآمنة، كما تضمنت تعليمات الخروج وعبارات تدعو كل من تورط بحمل السلاح إلى عدم إضاعة الفرصة والمبادرة إلى التسوية أو المغادرة، مع دعوة إلى اغتنام الفرصة قبل فوات الأوان عن طريق “حافلات خضراء”.
خرج أهالي حلب للتظاهر مستغلين الهدنة في الشوارع يرفضون سياسة التهجير ويطالبون بوقف الأعمال القتالية متخذين عنوان “الثورة مستمرة” شعاراَ لتحركاتهم.
بالطبع تلك المظاهر تعبير وفرصة لتثبت للعالم أجمع أن المدنيين في حلب ليسوا عصابات مسلحة بل هم شعب يطالب بالحرية وإسقاط النظام.
ومع إصرار وصبر وعزيمة الأهل في المدينة المحاصرة؛ رفضوا الذل والهوان وتمسكوا بأرض كانت لهم بمثابة الأم الحنون، سقطت أسطورة روسيا وجبروتها وأسلحتها الثقيلة تحت كلمة أبي أحمد (40 عاماَ) من أحياء حلب المنكوبة لدى حديثنا معه حين كشف لنا قائلاَ بصوت عالٍ “الموت ولا المذلة.. أموت تحت ركام منزلي وتكون آخر أنفاسي هنا بشرف وكبرياء لترسم لأبنائي استمرار طريق الحرية، ولا أخضع لقوة زائفة وخداع نظام عرف عنه المراوغة والغدر، مهما كانت القوة ومهما رافقها صمت شجعها على المزيد من القتل والدمار، أو تستر عنها.. متناسين أن إرادة الشعب فوق كل شيء، ها أنا وأولادي وكل أهل الحي لم نتزحزح ولن نترك هذه البيوت حتى وإن هدمها هذا النظام الفاجر فوق رؤوسنا”.
لم ينفع تحذير دي مستورا “في وقت سابق من يوم الخميس من أن الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل الثورية في مدينة حلب قد يلحقها دمار تام خلال شهرين أو شهرين ونصف كحد أقصى إذا ما استمر الهجوم العنيف الذي ينفذه نظام الأسد وروسيا”.
يعود أبو أحمد قائلا من جديد “سنموت، لكن لن نركع… سنموت لكن لن نركب حافلاتهم الخضراء.. وليوفروا حافلاتهم لتقل قتلاهم من أراضينا الحلبية”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد