أبرم حي الوعر مع قوات نظام الأسد هدنة تم الاتفاق عليها وبدء تنفيذها في الأول من ديسمبر 2015م من قبل وفد النظام ووفد ممثل عن حي الوعر من مدنيين وعسكريين، والهدنة التي تم الاتفاق عليها تأتي على 3 مراحل يأتي وقف إطلاق النار في مقدمة تلك المراحل بما يشمل مناطق الجبهات واستهداف المارة في الطرقات المدنية، بالإضافة لإخراج المقاتلين الرافضين لتوقيع الهدنة خارج الحي برعاية أممية، وبالطبع فتح المعابر الإنسانية والسماح للجان الدولية والمنظمات العالمية بممارسة عملها، وفتح الطرقات وإدخال وإخراج المدنيين من وإلى الحي بعد حصار منذ أكثر من عامين، وأخيراً إفراج تام للمعتقلين من أبناء محافظة حمص وإعادة تفعيل عمل القصر العدلي داخل الحي
والهدنة الصعبة التي تم الاتفاق عليها بعد 3 سنين من الحصار التام، لم تلبث أن بدأت الخروقات تعكير صفوها، والخروقات أتت من جانب النظام سريعة، إذ سجل مركز حمص الإعلامي إصابة 6 مدنيين تم تسجيل أسمائهم بقنص مباشر أو رش عشوائي وبعض الإصابات لبعض الأبنية والمنازل المدنية، وإطلاق نار على الجبهات في أكثر من مكان تجاوز ذلك 20 مرة واصابة أحد العسكريين، وبالإضافة إلى بناء وتدعيم السواتر والحواجز العسكرية، وتحليق الطيران على علو منخفض مع فتح لجدار الصوت.
ووصل الأمر بالخروقات إلى اعتقال أحد أعضاء لجنة التفاوض على أحد الحواجز وسوقه لأحد الأفرع ومن ثم إطلاق سراحه، وأخيراً في 30-12-2015 استشهاد شابين عسكريين ولا يحملون سلاحاً واصابة ثالث في منطقة داخل المناطق المخصصة للثوار في حي الوعر تشرف عليها المليشيات الشيعية وهذا الخرق يعد من أكبر الخروقات التي قام بها نظام الأسد ومليشياته ضد حي الوعر، الأمر الذي دفع لجنة التفاوض بإصدار بيان بتاريخ 31-12-2015 يبين حقيقة تصرفات النظام واستغلاله للأدوات التي يملكها وعدم جديته في تنفيذ البنود ورغبة الحي الشديدة في العيش الكريم واغلاق معبر الحي إلا للحالات الإنسانية معبرين عن امتعاضهم من تصرفات النظام.
هدنة غامضة
يلف هذه الهدنة شيء من الغموض وعدم الوضوح من قبل النظام حيث سرعان ما بدأ يروج النظام إعلامياً على لسان محافظ حمص طلال البرازي لأمور غير متفق عليها بين الطرفين وهي خروج جميع المقاتلين من الحي على دفعات منوهاً لإفراغ الحي تماماً من الثوار.
كما وقام النظام بترويج إعلامي كبير لفتح المعابر الإنسانية لداخل الحي والسماح للمنظمات بالدخول والوقوف على الوضع الإنساني السيء للحي وتم إدخال بعض القوافل الإنسانية ما يقارب 7200 حصة غذائية أي ما يكفي 7000 عائلة من أصل 12000 ليس هذا وحسب بل تم سحب العديد من المواد الأساسية المكونة لتلك الحصة من ملح وفول ومعلبات وغيرها من المواد.
جاء ذلك بعد الكثير من الوعود والآمال التي تم بنائها بعد زيارة السيد ستيفان أوبراين المنسق العام الأول للأمم المتحدة في مجال الإغاثة والمستشار البريطاني لأكثر من ثلاث أعوام برفقة ورشات عمل ورقي سجلوا كل ما رأوه وأخذ كل ما عرض لهم من حلول لم ينفذ أي شيء منها حتى الأن وعدم قدرتهم على ادخال المواد الأساسية التي كانت تدخل للحي قبل شهور ليست بطويلة ليتبع تلك الزيارة وفد رفيع من اللجنة الدولية للصليب الأحمر مكون من فرق تقييم طبية واغاثية وخدمية وفريق حماية ترأسه دانكا كرئيسة للفريق وصابرينا رحال منسقة الفريق وماجدة فليحان مديرة مكتب حمص للصليب الأحمر.
هدنة مشلولة
رغم التقارير التي تم رفعها للمنظمات عن حاجة الحي الماسة لأدوية الإسعاف وغرف العمليات وأكياس الدم والسيرومات التي تعلق للمصابين داخل الحي منتهية الصلاحية منذ أعوام … لم تستطع تلك المنظمات دعم الحي وانتشاله من الكارثة الطبية التي من المحتمل أن يقع بها في الأيام القادمة وقد تم منعهم من إدخالها للحي رغم وصولها لحواجز الحي برفقة اللجان المرافقة لها.
تحدث هذه الأمور دون أي تعليق من الأمم متحدة والصليب الأحمر الدولي حيث لم يقتصر الأمر على هذا بل تم التضييق على كمية حليب الأطفال وكذلك علب الأدوية المزمنة وسواها من المواد التي كانت تدخل بشكل طبيعي في فترات ما قبل قبول الهدنة وبدء تنفيذها من حيث الدخول والكميات حيث أن النظام لا يسمح بدخول أي مواد قابلة للتخزين.
ومؤخراً تم فتح معبر الحي للمدنيين من أجل الدخول والخروج بعد حصار دام لأكثر من عامين على أن لا يتم التعرض لأحد من المدنيين على هذا المعبر وأن يتم السماح للناس الدخول والخروج بأريحية تامة جعلت الناس تتشجع من أجل زيارة أهلهم وأقربائهم وتقديم الطلبات وبأعداد كبيرة لم يعطى منهم الموافقة سوى المئات ورفض الكثيرين لطلباتهم بسبب قرابتهم لأحد الشخصيات الثورية أو عدم السماح لأكثر من 100 شخص بالخروج يومياً لنجد أن الناس لم تخرج من الحي إلا بعد شهور كثيرة إضافة للتحقيق الطويل مع الناس المدنيين على حاجز المهندسين من قبل عناصر النظام وعدم السماح لهم بالتحرك بأريحية.
يقدم النظام ضمانات بعدم الاعتقال والسوق للجيش والاحتياط لمن يخرج من حي الوعر في حين أن شباب مدينة حمص الواقعة تحت إدارته يتعرضون للاعتقال اليومي والسوق للجيش والاحتياط ووضعهم على جبهات القتال بعد أقل من شهر من سوقهم في مطار دير الزور العسكري وحقل شاعر بتدمر فكيف يضمن عدم الاعتقال لشباب حي الوعر كما وجب التنويه لاعتقال أحد الأشخاص المفاوضين عن حي الوعر ضمن لجنة الحي ثم الافراج عنه.
توظيف سياسي
يروج النظام الأمر على أنه مثال واضح يستطيع تقديمه للعالم في طريقة قدرته بالتعاطي مع المعارضة أو المناطق المعارضة ونحن اذ صنفنا حي الوعر سابقاً في جميع تقاريرنا بأنه حي مدني بامتياز تحيط به قوات من أبناء هؤلاء المدنيين من أجل منع ارتكاب المجازر وأن هذا الحي لم يخض أي معركة مع قوات النظام أبداً.
وتحاول مؤسسات دولية أن تروج لحلول على غرار ما يتم في الوعر دون ليجاد افق في المستقبل القريب لتطبيق مطالب الشعب السوري التي ثار من أجلها.
وان التوظيف السياسي الذي يقوم به النظام هو محاولة لفت أنظار العالم الى هذا النموذج الذي تم اخضاعه بالحصار والحديد والنار، أما المعارضة داخل الحي فترى التوظيف السياسي للأمر هو أن الحي مدني لم يقاتل سابقاً حاصره النظام أكثر من عامين وقصفه بشتى أنواع الأسلحة بما فيها الطائرات وكان هدف هذه الهدنة هو الحفاظ على البعد المدني الذي كان سابقاً يقارب 400000 مدني ولا تزيد نسبة النزوح أكثر منه.
أما موقف الأمم المتحدة فهم يعتبرون أنفسهم على الحياد في حين وعلى بعد واحد بين القاتل والمقتول والمعارضة بالداخل الى هذه اللحظة تعتبرهم شريك للقاتل بل أداة في تنفيذ جرائمه طالما هي عاجزة عن تنفيذ قرارتها الدولية 2165 – 2139 القاضيان بإدخال المساعدات لمناطق المدنيين المحاصرين في حين يسمح لهم النظام بإخراج المقاتلين من المناطق ونقلهم الى أخرى مما يشكل رابط سلبي لفشلهم في عملهم الحقيقي ونجاحهم في أخر قد يحدث تغيير ديمغرافي في أيام قادمة.
مظاهرات
ينظر نحو 5000 مقاتل داخل الحي إلى هذه الهدنة على أنها هدنة إنسانية بحته ومن واجبهم تحمل مسؤوليتهم أمام مصير 100000 مدني من عوائل ونساء وأطفال بل مصير حي بأكمله بعد وقوع الحي بكارثة إنسانية جعلت من بداخله يبحث عن قطعة خبز صغيرة يطعمها لأطفاله ويشردون من منازلهم ويذوقون سياسة الجوع أو الركوع التي يماسها النظام بالحصار والحديد وبالمقابل حي الوعر ومن خلال مقاتليه لم يقم بأي عمل عسكري ضد قوات النظام إلا أن النظام لم يتوانى عن قتلهم في أي وقت شاء أو تدمير منازلهم بشتى أنواع الأسلحة بل وارتكاب الكثير من المجازر من خلال القنص والقصف الصاروخي والهاون والمدفعية والاسطوانات وعشرات غارات الطيران الحربي والمروحي في يوم واحد إلى أن أنهى مجازره بقتل أكثر من 20 طفل في ثالث أيام عيد الأضحى باستهداف حديقة للألعاب بصاروخ استهدف مكانها.
بينما ما يحدث من خروقات وتوظيف سياسي للهدنة من قبل النظام وغموض في النوايا وعدم تنفيذ البنود بشكل واضح أجبرت أهالي الحي من مدنيين وعسكريين بالخروج بعدة مظاهرات ووقفات احتجاجية كان أخرها وقفة للحرائر أمام الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية التي تزور الحي لتوصل رسالة أن ثوار الحي سيبقون فيه وهم أبناء هذا الحي وان توقيع الهدنة لا يعني الاستسلام بل هو حقن للدماء وإيقاف للقتل المستمر.
شكوك
وأخيراً يرى ناشطون ومحللون بأن الترويج الإعلامي من قبل النظام الذي يركز على الخروج للثوار وسيطرة النظام القريبة على هذا الحي وتقصير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في ممارسة دورها والاشراف الحقيقي على هذا الاتفاق ولعب الدور الذي بات يقتصر على اخراج السكان من الحي وتعنت النظام وتمسكه بعدم ادخال المواد الطبية الغذائية وعدم وضوح النوايا الحقيقة من هذا الاتفاق إضافة لخروقات النظام المستمرة وعدم تنفيذ بنوده بالشكل المطلوب …. يجعل شكوك وعلامات استفهام حول جدوى هذا الاتفاق والأسلوب الذي يتجه اليه لا يمكن أن يشكل بديل عن حل سياسي شامل لمجمل الملف السوري فحي الوعر جزء من مدينة حمص الواقعة في وسط سوريا.
وهذا ولازال الحي محاصراً ويمنع من ادخال أي مواد غذائية أطبية أو صحية ورفوف المحلات خالية تماماً من المبيعات حتى من الألبسة الشتوية الأمر الذي دهو الوضع الاقتصادي داخل الحي وجعل ظروف الناس تزداد سوءاً فليس هناك أي باب للرزق من أجل العيش حتى وصل حال الكثير من العوائل بعدم استطاعتهم شراء سلة الخضار الأسبوعية المخصصة لهم الأمر الذي جعل احتقاناً وغليانا في صفوف الناس داخل الحي الذي ما زال محاصراً حتى هذه اللحظة.
العربية نت