تم الكشف عن آفاق جديدة لاستهتار الرئيس السابق جيمي كارتر من خلال رفع السرية عن برقيات وزارة الخارجية المتعلقة بسقوط شاه إيران.
وحسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية، سعى آية الله الخميني سرا في شهر يناير عام 1979 إلى الحصول على مساعدة كارتر في التغلب على معارضة الجيش الإيراني الذي كان مواليا لنظام الشاه. وقد وعد الخميني بأنه إذا كان بإمكانه أن يعود الى ايران من منفاه في فرنسا، وهو الأمر الذي يمكن للولايات المتحدة أن تسهله، فإنه سوف يمنع اندلاع حرب أهلية، وأن نظامه لن يكون معاديا لواشنطن.
وبالتأكيد، كان الخميني الذي سيصبح المرشد الأعلى في وقت قريب لاحق يخادع كارتر. ولا توضح الرسائل التي تم رفع السرية عنها حديثا ما فعله كارتر ردا على تعهد الخميني، ولكن الخميني عاد إلى إيران دون أن يمانع الجيش أو يطرده بلا شفقة. وتحولت إيران تحولا جذريا من كونها حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة إلى كونها أحد الخصوم الأكثر عندا للولايات المتحدة.
وقد كانت رغبة كارتر في عدم دعم الشاه، الحليف القوي لواشنطن، معروفة منذ فترة طويلة على الرغم من الاحتجاجات المستمرة في ذلك الوقت. ومع ذلك، لم يعتمد الخميني على ذلك بالتأكيد. وكان عداء الشاه بسبب سجله السيء في مجال حقوق الإنسان ، وهو حجر الزاوية في سياسة كارتر، مستشريا في إدارة كارتر بالتأكيد على نطاق واسع.
وبالتالي شكلت إيران أحد الاختبارات الأولى الواضحة لمدى التزام الإدارة الأمريكية بالمصالح العسكرية والسياسية الأمريكية الملموسة.
لم يكن نظام الشاه ديمقراطيا ولكن هل يمكن لأي شخص أن يجادل بجدية بأن 35 عاما من الحكم الاستبدادي من جانب المتطرفين الدينيين قد أصبح أفضل بالنسبة لحقوق الإنسان في إيران؟ وهل يمكن أن يشكك أحد في أن تحول إيران الكبير من كونها حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة إلى كونها راعية للإرهاب وناشرة للسلاح النووي قد شكل تهديدا أكثر خطورة للشرق الأوسط وللعالم الأوسع؟
وللأسف، توضح الوثائق الجديدة كيف يمكن لرئيس أمريكي أن يكون ساذجا، وكيف يمكن أن تؤثر عواقب قراراته على بقية العالم. وعلى ما يبدو، لم نتعلم إلا القليل جدا من الإطاحة بنظام الشاه. حيث تعتبر صفقة باراك أوباما في العام 2015 مع خليفة الخميني حول برنامج الأسلحة النووية الإيرانية نموذج مكرر. لقد علم آية الله خامنئي كيف يستغل أوباما تماما كما تلاعب آية الله الخميني بكارتر. ويمكن أن تكون العواقب أسوأ من سقوط الشاه.
فشل الاتفاق النووي الإيراني واضح بالفعل للجميع. حيث تواصل إيران برنامج انتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية بلا هوادة (وهي المركبات التي يمكنها حمل الأسلحة النووية، كما تعمل طهران بالفعل على إعادة التفاوض على الصفقة لصالحها. ويواصل النفوذ الإيراني الخبيث انتشاره في الشرق الأوسط.
ومن غير المفاجئ أن يندد الزعيم الايراني الحالي بالفعل بالوثائق التي نشرت مؤخرا على أنها وثائق مزورة. وعلى كل حال، تقوض جهود آية الله الخميني التي بذلها في العام 1979 من أجل تأمين المساعدات الأمريكية بشكل كبير الأسطورة التي تم الترويج لها بأن الخميني كان دائما معاديا للولايات المتحدة، وأن هذا هو الموقف الوحيد المناسب عندما يتعلق الأمر بـ “الشيطان الأكبر”.
وبطبيعة الحال، من الصعب إخفاء ازدواجية الخميني المطلقة عن كل ذي عينين. وبالنسبة لرجل من المفترض أنه رجل دين، أضاف الخميني معنى جديدا لمقولة “الغاية تبرر الوسيلة”.
وينبغي أن نقف بكل جدية لدراسة أوجه الشبه بين الفشل الصارخ لكل من إدارة كارتر وأوباما. فقد فشلت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا، في إيران وغيرها من الدول، في فهم خصومها وأهدافهم.
حيث تنظر الحكومات الأجنبية على مختلف توجهاتها إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة ليس كوسيلة لحل المشاكل المشتركة وفقط، ولكن أيضا باعتبارها وسيلة لتحقيق ميزة على أمريكا. ومثلما فعل كارتر، سقط أوباما فريسة لأوهامه التي من شأنها أن تؤذي بلادنا لعقود قادمة.
والآن في مرحلة الانتخابات الرئاسية، من المهم بالنسبة للناخبين الأمريكيين أن يسألوا أنفسهم عن الشخص الذي يودون رؤيته وهو يتفاوض مع أمثال آيات الله. فهذا نقاش يستحق أن تفرد له مساحة.
نيويورك بوست – إيوان24