الرئيس الذي اعتقل وسجن رياض الترك ورياض سيف ومأمون الحمصي وعارف دليلة وكمال اللبواني وميشيل كيلو وأكرم البني وفايز سارة وعلي العبد الله ووليد البني وأنور البني وغيرهم لسنوات لأن أحدهم وصف والده بالديكتاتور، وآخر تحدث علناً عن منح ابن خالته رامي مخلوف صفقة شبكتي الهاتف المحمول الوحيدتين في سورية.
وثالث لأنه ألقى كلمةً نيابة عن علي صدر الدين البيانوني في منتدى الأتاسي بدمشق، ورابع لأنه وقّع على بيان إعلان بيروت-دمشق، دمشق-بيروت، وخامس لأنه تحدث بصوت عال عن الفساد في منتدى رياض سيف، وسادس لأنه حضر اجتماعاً لإعلان دمشق.
وسادس لأنه طالب بإلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أن حزب البعث الحاكم هو قائد الدولة والمجتمع، وسابع لأنه اعتبر أن الزمن في العالم تجاوز محاكم أمن الدولة وباقي المحاكم الاستثنائية المعمول بها في سورية، وثامن لأنه طالب بالإفراج عن المساجين السياسيين.
الرئيس نفسه الذي أغلق منتدى رياض سيف وجمال الأتاسي، وسحب ترخيص جريدة الدومري، وأغلق قناة شام الفضائية، ومكاتب قناة المشرق في دمشق، ولم تترك أجهزته الأمنية صحفياً أو كاتباً أو صاحب رأي إلاّ واستدعته وهددته وقرصت له أذنه ومنعته من الكتابة ووقعته على تعهدات.
الرئيس نفسه الذي قال لرئيس وزراء لبنان الأسبق قبل اغتياله سأكسّر لبنان على رأسك وعلى رأس وليد جنبلاط، كما نقل زوار الحريري عنه قبل اغتياله.
الرئيس نفسه الذي رفض محاسبة ابن خالته عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا الذي اقتلع أظافر تلاميذ مدرسة لمجرد أنهم كتبوا على جدران مدرستهم “إجاك الدور يادكتور”، ورد على مظاهرات أهلهم بإطلاق النار عليهم، ثم إطلاق النار على مشييعي من سقطوا في المظاهرات.
ثم إطلاق النار على على مشييعي من سقطوا في التشييع، ثم ظهر في أول خطاب له في مجلس الشعب بعد هذه المجازر ودم من استشهد برصاص قواته لا يزال حاراً ولم يجف بعد، وهو يضحك وينكّت ويستفز أهالي الضحايا.
الرئيس نفسه التي لم يترك مدينة أو بلدة أو قرية قامت بمظاهرة ضده إلاّ واقتحمها بقواته، فقتل من قتل من رجالها، واغتصب من اغتصب من نسائها، واعتقل من استطاع اعتقاله من فتيانها وفتياتها، وعفّش بيوتها، وسرق ممتلكات أهلها ودمّر أرزاقهم..
الرئيس نفسه الذي بدأ باستخدام الرصاص الحي في مواجهة شعبه، ثم انتقل إلى القذائف وبعدها إلى المدافع والدبابات والطائرات، ثم صواريخ السكود والبراميل المتفجرة والألغام البحرية..الرئيس نفسه الذي استخدم السلاح الكيماوي وغاز الكلور ضد شعبه..
الرئيس الذي جنّد طائفته في مليشيات متوحشة تذبح بالسكاكين وتسرق وتعفّش وتنشأ “أسواق السنة” في مدنها، ثم استعان بمليشيا حزب الله اللبناني وأبو الفضل العباس وفاطميون وسواها من المليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، وتالياً بقوات الحرس الثوري الإيراني والطيران والصواريخ الروسية الموجهة.
الرئيس نفسه الذي حاصر البلدات والمدن الثائرة على سلطته والتي استطاع حصارها وتجويعها ولا يزال..
الرئيس نفسه الذي قتل واعتقل وجرح مايقارب من مليون سوري وسورية، ودمّر أكثر من خمسين بالمائة من الأبنية في سورية، وشرّد وهجّر نصف سكانها..
الرئيس نفسه الذي لم يتزحزح عن موقفه ولو شعرة، والذي يصف شعبه بالمندسين والجراثيم، ومعارضيه بالخونة، والثائرين عليه بالارهابيين..الرئيس نفسه صاحب الشعارين الفريدين “الأسد أو لا أحد” و”الجوع أو الركوع”..
تخيّل معي أن هذا الرجل الذي لا زال العالم يسميه في الأدبيات السياسية بالرئيس الشرعي، ويسمي مجموعة القتلة المحيطين به بالنظام السياسي، سيذهب إلى جنيف في غمرة إحساسه بكل هذه القوة، وهو يشعر أن ايران وروسيا ومليشياتهم وأسلحتهم سيقاتلون معه إلى آخر لحظة.
والعالم كلّه يبحث عن وسائل للغزل معه والضغط على خصومه، فقط لأن هذا “الرئيس الكيوت” سيذهب ليتنازل عن نصف حكمه، ويوقع بيده على وثيقة اعتزاله بعد عدة أشهر، هكذا بكل بساطة.
ويقول لرياض حجاب ورياض نعسان آغا وجهاد مقدسي وسمير التقي وأيمن أصفري ويحيى العريضي وسمير نشار ويحيى القضماني وهادي البحرة: “أنا حاربت خمس سنوات من أجل أن ألتقي بكم، وأشارككم حكم البلد، وماهي إلاّ أشهر قليلة وسأتنحى بعدها تاركاً سورية لكم لتحكموها!”
وتوته توته خلصت الحدوته..
هافينغتون بوست عربي