زهيراحمد
بعد سنوات زار رئيس للنظام الايراني بلدين اوربيين. وسائل الاعلام التابعة لرفسنجاني وروحاني قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها في اعلامها عن هذه الزيارة كأن لأول مرة هبط أول انسان على كرة أخرى.
انتهت زيارة روحاني الى ايطاليا وفرنسا التي صاحبها صخب اعلامي وعاد روحاني مساء الخميس 28 يناير الى ايران.
وقالت صحيفة اعتماد يوم 30 يناير : «16 عاما قضت حتى ينزل الرئيس الفرنسي من درجات قصر الاليزه أمام أقدام رئيس بلدنا. روحاني وهولاند يلتقيان. الخطوات القصيرة الأولى على السجاد الأحمر مقابل قصر الاليزه هي باكورة العملية». أو أثنت الصحف على الزيارة بعناوين أو عبارات مثل «الصناعة الايرانية تربط باوربا» كما قارن البعض الآخر هذه الزيارة بزيارة احمدي نجاد وحقروا وصيف خامنئي بقولهم «لغرض فهم أهمية زيارة الرئيس روحاني لايطاليا وفرنسا وفهم أهمية مكانة ايران من المفيد أن نستعرض زيارات رئيس الحكومتين التاسعة والعاشرة الى ايطاليا وبعض الدول الآخرى وحتى الدول العربية. الزيارات الاقتحامية دون تلقي الدعوة والتعاملات والمواقف والتصريحات التي لا تليق شأن الشعب الايراني كانت تشكل جزءا من سمات تلك الزيارات التي أدت الى مزيد من العقوبات». (صحيفة جمهوري 30 يناير).
ولكن وسائل الاعلام التابعة لخامنئي قد شككت في المقابل في زيارة روحاني. وكتب موقع «راه دانا» الالكتروني: «يجب اعتبار زيارة روحاني زيارة في ملعب الخصم حيث سجل روحاني ثلاثة أهداف في مرمانا وأثبت أنه ليس مدربا جيدا لتسجيل نظرية لعبة ”ربح- ربح“ المشوهة… المواطن الايراني لا يتبدل بايرباصات قديمه ولفات (سندویتش) أمريكية بلحم البقر أو بوفالو» (29 يناير2016).
وكتبت صحيفة «وطن امروز» في 30 يناير: « بعد يوم من مطالبة فرنسا الاتحاد الاوربي بفرض عقوبات جديدة على ايران! لاقى روحاني ترحابا باردا وجافا من قبل فرانسوا هولاند. وخلال الاستقبال أو حفل توقيع التفاهمات لم ير أحد ابتسامة على ملامح هولاند بينما لم تكن ابتسامة روحاني تزول عن ملامح حسن روحاني».
صحيفة كيهان المحسوبة على خامنئي هي الأخرى عدت في عددها الصادر يوم 30 يناير التبديدات المليارية خلال زيارة روحاني لاقتصاد ايطاليا وفرنسا وكتبت تقول «مرة أخرى قيسوا الوعود التي أطلقها رئيس الحكومة الى الوضع الحالي لفرص العمل والاقتصاد لندرس نتائج زيارة الحكومة الى اوربا في رفع هذه المعضلات… ولحد هنا مرة تعطلت الثروة الوطنية في الطاقة النووية من أجل الالتحاق بالمجتمع الدولي(!) والآن خلال زيارة الى اوربا فان استيرادا ضخما وضع في جدول الأعمال، السؤال المطروح هو اذا كان من المقرر زيارة أخرى الى الخارج أن توضع في جدول الأعمال هل يجب أن نتاجر بجزء من ايران!؟».
بعيدا عما تكتبه وسائل الاعلام التابعة للزمرتين حول زيارة روحاني حيث تصفها واحدة بأنها كانت فتح فتوح أخرى من نتائج الاتفاق النووي وأخرى تصفها بأنها «المتاجرة بايران» من الواضح أن روحاني قد توجه الى الزيارة من الناحية السياسية بغية أن يقول ان عهد انعزال النظام قد ولى وأن أبواب العالم باتت مفتوحة على ايران ثم يستخدم ذلك في معركته الانتخابية أمام الخصم. وقال زاكاني من أعضاء زمرة خامنئي في برلمان النظام في اشارة الى هدف حسن روحاني : « اننا نواجه عنصرين قبل وصول موعد الإنتخابات وهما العرض والإنفتاح المؤقتين حيث هذه الزيارات والسفرات والدعاية حولها تشكل جانب العرض. الواقع أن الاستيعاب الحقوقي للبلد لا يكفي أن يكون لدينا اليد العليا في العقود. اننا وقعنا في لغز سينتهي الى انقراض الثورة الاسلامية واجتثاث النظام لو لا تكون الدقة والانتباه والتحول الى جزء من اللغز» (وكالة أنباء فارس الناطقة باسم قوات الحرس 29 يناير).
ولكن في هذه الزيارة ورغم الامتنان والتنازلات الاقتصادية الضخمة التي قدمها روحاني الى أطراف العقد – كما كتبت الصحف التابعة لزمرة خامنئي- لم يكسب روحاني شيئا سوى التحقير.
وأما بصرف النظر عن الحالات البروتكولية ، فقد نبه الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحفي المشترك مع روحاني له أن «فرنسا تولي الاهمية لحقوق الانسان والحريات وتعتبر هذه الحقوق لكل البلدان وكافة المناطق ذات أهمية». كما أكد هولاند أّن «محاربة الارهاب يمكن أن تتم دون انتهاك حقوق الانسان». كما أبدى صراحة بخصوص النزاع بين النظام والعربية السعودية بأن فرنسا تدعم العربية السعودية ومواقفها في المنطقة.
ومن المؤشرات الآخرى لفشل روحاني في زيارته لفرنسا هو التظاهرة التي جرت يوم الخميس في باريس حيث اعطاء الرخصة لاقامة مثل هذه التظاهرة وبهذه الأبعاد تزامنا مع حضور روحاني ينطوي على معنى ورسالتها الخاصة بينما لو كانت الحكومة الفرنسية تعتذر عن اعطاء الرخصة لمثل هذه التظاهرة لأسباب أمنية بعد الحادث في 13 نوفمبر لكان تبريرها في محله. ولكن يبدو أن الحكومة الفرنسية قد تعمدت في تفهيم روحاني ونظام الملالي بوجود بديل قوي .
ومن الناحية الاقتصادية كان الهدف الرئيسي لروحاني في هذه الزيارة هو استقطاب الاستثمار ولكن نتيجة الزيارة لم تكن أساسا استقطاب الاستثمار بل كانت تبديد الرأسمال. كما أن عددا من وسائل الاعلام التابعة لزمرة خامنئي قد ركزت على هذا الواقع وكتبت أن روحاني قد بددت جميع الأموال المفرج عنها عن العقوبات في فرنسا وايطاليا وعاد الى ايران. وكتب موقع «عمار نامه» بهذا الصدد «الظاهر أن الشيخ حسن روحاني قد ركز كل انتباهه في الوقت الحاضر على كسب الاستثمار الأجنبي … المناورة مركزة حاليا على أن الأموال الغربية ستأتي الى ايران. ولكن الأخبار كلها تقول عكس ذلك وتقول ان الأموال الايرانية هي التي ستذهب الى الغرب اثر عقود البيع النجومية!» (30 يناير).
في احد العقود هناك عقد لشراء 118 طائرة ايرباص جديدة ومستعملة من فرنسا حيث أعلنت سلطات النظام حسب دأبهم في اعلان التناقض أن العدد المبلغ بين 27 مليار و 10.5 مليار دولار. انها صفقة غريبة وأشارت صحيفة كيهان المحسوبة على خامنئي في عددها الصادر يوم 30 يناير الى هذا الموضوع وكتبت تقول «أ ليس الأمر مشابه لعائلة تعاني من البطالة والمرض.. ورب العائلة يخصص كل رأسماله لشراء الثريا (النجفة)!؟ لماذا تشترط شركة بيجو وهي لم تأت بعد أنها ستغادر ايران دون دفع أي ريال من الغرامة في حال مواجهة ايران عقوبات جديدة».