إسطنبول: قال رئيس هيئة التفاوض، التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، إن مساعي روسيا لسحب رعاية الأمم المتحدة لعمل اللجنة الدستورية هي السبب في فشل تشكيل اللجنة حتى الآن.
وأضاف الحريري أن “التذرع بأسماء الثلث الثالث (قائمة الأمم المتحدة) هو الاعتراض الشكلي، لكن الاعتراض الأساسي هو على الرعاية الأممية”.
وقدم النظام والمعارضة قائمتين لممثليها المقترحين في اللجنة الدستورية المقترحة لصياغة دستور جديد لسوريا.
وأوضح أن “الثلث الثالث يناقش بين الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران، والأمم المتحدة، ولحد ما المجموعة المصغرة.. هذه الأطراف وافقت على قائمة الأمم المتحدة، باستثاء روسيا وإيران”.
وتضم المجموعة المصغرة بشأن سوريا كلًا من: الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الأردن، مصر والسعودية.
وتابع: “خلال النقاشات طُرحت طرق عديدة للانتهاء من تشكيل هذا الثلث، على أن تبقى المعايير محققة بها، بأن تكون شاملة متوازنة تحتوي مكونات الشعب وفيها كفاءات بهذا الملف الهام، ورغم كل الطرق المطروحة لم يتم الاتفاق”.
وشدد على أن “الموضوع ليس موضوع العدد، وليس موضوع توزيع الأسماء وتوازناتها، وإنما تريد روسيا (حليفة النظام السوري) تغييب دور ورعاية الأمم المتحدة لهذه العملية”.
ورأى أن “النظام وحلفاءه يرغبون في “تشويه العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة”.
والهدف من ذلك، بحسب الحريري، هو “الذهاب إلى شكل من الحوار تحت مظلة النظام، والانتهاء بعملية مصالحة وطنية، وغض الطرف عن جرائم النظام”.
لكنه استدرك مشدداً على أن المعارضة “مُصرة على حل سياسي، تحت مظلة الأمم المتحدة، وتطبيق قراراتها، وغير مقبول بالنسبة لنا أي حرف لهذا المسار”.
التركيز الدولي
شارك الحريري، قبل أيام، في لقاء مع المجموعة المصغرة، في العاصمة الأمريكية واشنطن، ناقش عدداً من ملفات الشأن السوري.
وقال المعارض السوري إن “التركيز الدولي والسوري الآن هو على إدلب (شمال) ومآلات الوضع فيها، وضرورة الحفاظ على خفض التصعيد”.
وأعلنت أنقرة وموسكو، في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، اتفاقاً لإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق النظام ومناطق المعارضة في إدلب ومحيطها.
كما ينصب التركيز على “تطورات العملية السياسية، واللجنة الدستورية، إضافة إلى إيران (حليف النظام) وانتشارها وتغلغلها المتسارع في المجتمع السوري، وملف المعتقلين”، بحسب الحريري.
وأوضح أن “أكثر النقاشات الدولية حالياً هي عن اللجنة الدستورية.. من الواضح وجود تعطيل من جانب النظام وحلفائه مقابل التزام روسي بإنهاء الملف قبل نهاية العام”.
ومضى قائلاً: “لذا فإن المساعي الدولية والأممية، اليوم، هي مع تشجيع تشكيل اللجنة الدستورية، والدعوة إلى اجتماعها قبل نهاية العام”.
اجتماعها قبل نهاية العام”.
الحريري المساعي الدولية والأممية، اليوم، هي مع تشجيع تشكيل اللجنة الدستورية، والدعوة إلى اجتماعها قبل نهاية العام
وأردف الحريري أن “العملية الدستورية شهدت عراقيل، أهمها رفض النظام أن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة، ما يعني أنه لا يريد الحديث عن مرحلة انتقالية يتم خلالها إجراء انتخابات”.
وتابع: “لا توجد أجواء توافقية على أن يأتي الطرف المعرقل إلى طاولة المفاوضات، ولا يمتلك الطرف الآخر أدوات نفوذ تمكنه من إحضار الطرف الأول إلى الطاولة”.
أدوات ضغط
قبل أيام، قال المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا، جيمس جيفري، إن مساري آستانة وسوتشي، اللذان تضمنهما روسيا وتركيا وإيران، لم ينجحا في تشكيل اللجنة الدستورية.
ودعا جيفري إلى إنهاء هذين المسارين، والعودة إلى مسار جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة مباشرةً.
وهو ما علق عليه الحريري بقوله: “لم يدّعِ أحد أن مسار أستانة هو بديل للعملية السياسية في جنيف، بل هو دعم لمحاولة إيجاد حلول لبعض القضايا بما يساعد جنيف”.
وأردف: “لا ينبغي النظر إلى أي مسار خارج العملية الأممية على أنه بديل، بل يجب أن يكون داعماً”.
وتابع أن “أطراف تضغط على النظام وحلفائه لجلبه لطاولة المفاوضات.. ويمثل الاتفاق حول إدلب بجهود تركية صادقة، بالتعاون مع الجيش السوري الحر، خطوة مهمة ضمن أدوات الضغط”.
وأوضح أن الاتفاق “منع الروس والنظام والإيرانيين من استمرار مسلسلهم العسكري للسيطرة على كامل الجغرافية السورية، والابتعاد عن الحل السياسي الحقيقي، وشكلت إدلب نقطة تحول بين الحل العسكري والرضوخ للحل السياسي”.
الاتفاق حول إدلب منع الروس والنظام والإيرانيين من استمرار مسلسلهم العسكري للسيطرة على كامل الجغرافية السورية
وأردف أن “المجتمع الدولي لديه أدوات للضغط على روسيا، ولكن السؤال هو: هل لدى المجتمع الدولي نية حقيقية لاستخدام أدوات ضغط على النظام وحلفائه للحضور إلى طاولة المفاوضات”.
وأضاف أنه “توجد مناطق في سوريا يُحرم على روسيا دخولها، لماذا؟ لأن المجتمع الدولي استخدم هذه الورقة ومنع الروس”.
واعتبر أنه “لو توافرت إرادة دولية صادقة لما سمح المجتمع الدولي لروسيا والنظام بالتقدم في مناطق خفض التصعيد السابقة”.
وأبدى خشيته من أن “يؤدي طول أمد الأزمة إلى جراحات وتقسيم في البلاد.. على الأطراف الدولية العمل بأسرع وقت لتطبيق القرارات الدولية”.
وتتردد مخاوف بشأن مصير اتفاق سوشتي حول إدلب في حال فشلت العملية السياسية.
وقال الحريري: “قبل أيام عمل النظام تمثيلية في مناطق سيطرته بحي الخالدية بحلب (شمال)، عبر استخدامه غاز مسيل للدموع والكلور على الناس، وهو مستعد للمغامرة بأرواحهم، ليعطي ذريعة بأن فصائل المعارضة استخدمت أسلحة كيمائية، ثم يبدأ بعملية عسكرية ضدها في إدلب”.
وأضاف أن “الاتفاق صامد، بالتعاون مع الأشقاء في تركيا، الذين يقومون بما عليهم في هذه العملية لحماية المدنيين، وإيمانهم بإعطاء الفرصة للعملية السياسية ومحاربة التنظيمات الإرهابية الموجودة سواء في شمال سوريا أو في باقي المناطق”.
مسار جنيف
ثمة تساؤلات بشأن مصير مسار جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة، مع تعيينها الدبلوماسي النرويجي، جير بيدرسن، في منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، محل استيفان دي ميستورا.
وقال الحريري: “للأسف ثلاثة مبعوثين دوليين يخرجون بخفي حنين.. تعاونّا مع كافة المبعوثين الدوليين، وسنواصل التعاون مع المبعوث الجديد بيدرسون”.
وزاد: “المسألة ليست في تغيير المبعوثين، بل هي بتوفر النوايا الصادقة من كل الأطراف لبلوغ الحل السياسي، وإذا لم يحصل تفاهم أمريكي روسي على الحل في سوريا، لن يحدث تقدم في هذه المسارات، وسنتواصل مع المبعوث الجديد”.
ورأى الحريري أن “البداية المنطقية للمبعوث الجديد هي تطبيق القرار 2254، ولا بد أن يحظى بدعم وتوافق دولي كافٍ لبلوغ إلى نتائج حقيقية ذات مصداقية للشعب السوري”.
ويطالب قرار مجلس الأمن الدولي، الصادر في ديسمبر/ كانون أول 2015، بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية.
ونفى وجود جولة قريبة من المفاوضات في جنيف، “بل سيتم متابعة موضوع تشكيل اللجنة الدستورية، في ظل توقف للعملية السياسية لمدة عام”.
مليشيا “بي ي د”
الحريري تطرق في حواره إلى منطقة شرق الفرات (شمال شرقي سوريا)، وممارسات تنظيم “ب ي د/بي كا كا” المسلح.
وقال إن “من أهم مبادئ المعارضة هي الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها، لذا فإن أية ممارسات سياسية أو ميدانية تتنافى مع هذه المبادئ مرفوضة من المعارضة”.
وتابع أن منطقة “شمال شرق سوريا معقدة.. تتضمن خلافات على ثلاث طبقات، الأولى بين (ب ي د) والمكونات التي تعيش في المنطقة، (حيث تقوم) بتهجيرها”.
والطبقة الثانية “بين (ب ي د) وعموم الشعب السوري، والثالثة بين (ب ي د) والقوى الإقليمية والدولية”.
وشدد على أن “تركيا محقة بموقفها من (ب ي د)، لأنها مرتبط مع (بي كا كا)، ولها قيادات ومدعومة من جانب أمريكا”.
وأوضح أن “اتجاه القوى المحلية وعموم السوريين هو أن (ب ي د) ارتكب انتهاكات كثيرة، فهي ميليشيا مدعومة بالسلاح تريد فرض أجندتها بالقوة”.
وأردف أن “لها أجندة غير وطنية، ومرتبطة بتنظيمات إرهابية، وفيها مقاتلون أجانب، وقتلت وعذبت وحرقت محاصيل، وهجرت الناس ومنعت الممارسات السياسية”.
وأوضح “لا نقبل بوجود قوى أجنبية في هذه المناطق، ما يشكل تهديداً لسوريا ودول الجوار، ومنها تركيا”.
وتابع أنه “سيتم طرح كل شيء على طاولة الحوار الوطني بعد الحل السياسي.. لا بد من مفاوضات جدية بين أمريكا وتركيا وبمشاركة الأطراف السورية لدراسة صيغ تبقي هذه المناطق داخل سوريا”.
لكن ثمة مخاوف من فرض أمر واقع في هذه المنطقة، عبر دعم واشنطن لهذه الميليشيات بالسلاح، ما علق عليه الحريري قائلاً: “أمريكا تقول إن هؤلاء (المليشيات) حلفاء حاربوا الإرهاب وإنها لا تدعم مشروعهم السياسي كما يطلبون، لذا مطلوب تفاهم تركي أمريكي سوري لحل هذه المعضلة”.
نقلا عن(الأناضول)