أخيراً سينعم الفرنسيون بليلة هادئة وراحة تنعش الذهن بعد مواجهة حملة ساخنة من الانتخابات الفرنسية وفوزهم برئيس شاب وسيم، ليحظوا بقوة فرنسية جديدة وعالم قادر على كل التحديات في القرن العشرين.
“ماكرون “الذي حظي بثلثي أصوات المجتمع الفرنسي مقابل الثلث لمنافسته من الجبهة الوطنية من أقصى اليمنين “مارين لوبان” طرح سؤال محير أمام مجتمع الفرنسيين، لماذا الثلث ل “مارين” ونحن في عالم العمولة وتحولات عميقة في مجتمع العلاقات الإنسانية والتكنلوجيات الجديدة؟
ذاك ما يوضح استغلال الشاب الذي لم يبلغ الأربعين بعد من الترهل الذي أصاب الحياة السياسية الفرنسية، وسلك الطريق الأوسط بين طريقيّ: اليمين واليسار رغم مروره على الحزب الاشتراكي فيما بين عاميّ 2006 و2009 فقد تجنب الطامح نحو السلطة الانخراط في الحزب وظل ممسكاً بالعصى من المنتصف، حتى يصل أكثر فأكثر من الحكم.
ناهيك عن قدرته في الأشهر الأخيرة أن يثبت حركته السياسية (سيراً للأمام) التي عمرها تقريباً عام وشهر مستغلاً اللحظة التاريخية لوصوله لحكم فرنسا.
تداعيات عشرين سنة أخيرة ملّ الفرنسيون فيها من سياسيين يمينين ويساريين، تدهورت الثقة بينهم والتي أظهرت عن طريق استطلاعات للرأي في عدد من المركز الفرنسية، فمع نسبة للانتخابات هي الأدنى منذ عام 1969 إشارة دالة على حالة الغضب والقرف السياسي الذي انتاب الناس تجاه العملية السياسية برمتها.
لتكن النتيجة في النهاية عدم وصول أحد لا من اليمين ولا من اليسار إلى الدور الثاني كما أن إشارة أخرى لا تقل في الأهمية و الدلالة على أن هناك قسم من الفرنسيين لم يجدوا أنفسهم في العرض السياسي الذي قدم لهم في الدور الثاني، أولئك لا يريدون أن يصوتوا إلى أقسى اليمين وفي نفس الوقت لم يجدوا أنفسهم فيما قدمه الشاب المنتخب “ماكرون” مما صوتوا بما يسمى (التصويت المفيد).. صوتوا من أجل قطع الطريق على أقصى اليمين، وذاك أيضاً ما أشبه بتصويت (النكاية).
الفوز تحقق لكن هناك تحديات كبيرة تنتظر “إيمانويل” ليمسك بكلابيب الحكم بشكل سلس وهو من كان مغموراً لا يعرفه الجمهور قبل ثلاث سنوات استطاع تدريجياً اعتلاء المنصب الأول في البلاد وبات أمامه بناء أغلبية برلمانية قوية تسنده وتكون ظهره في الحكم، بعد أن كشفت له الأيام أن المنطقة الرمادية بين اليسار واليمين هي الأقوى ومنها الانطلاق نحو مصيره ومساره الجديد، فوزه أكد مقولة أن من له مهارات سياسية وعميقة هو من يأتي من النظام ويرّث المؤهلات.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد