دمشق- «القدس العربي»: تعرضت مدن وبلدات عدة في الشمال السوري خلال الساعات الماضية إلى قصف مدفعي عنيف من قبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، ورغم أن القصف لم يسجل وقوع ضحايا بين المدنيين، إلا أنه سجل خرقاً واضحاً للاتفاق الموقع بين الضامنين تركيا وروسيا حول التهدئة شمالي سوريا الذي يعاني بدوره من أزمات إنسانية حادة وغياب الدعم الدولي الكافي، وسط مخاوف جمة من انتشار فيروس كورونا المستجد في المناطق التي تعاني بالأصل من فقدان أدنى مقومات الحياة.
القصف الذي أصاب بلدات الشمال السوري، أدى إلى دمار في المنازل والأحياء السكنية، كما واكبه في فترات لاحقة اشتباكات بين النظام والمعارضة في ريف إدلب الجنوبي، في حين أن طائرات الجيش الروسي لا تغادر السماء السوري شمال البلاد، وفق ما أكدته مصادر المعارضة السورية.
بيدرسون يدعو لوقف فوري للنار وإطلاق السجناء لمواجهة كورونا
وقال مصدر عسكري رفيع في المعارضة السورية لـ «القدس العربي»، إن عمليات القصف وخرق الاتفاق الموقع بين الرئيسين التركي والروسي، تقف وراءها إيران، وعلى وجه التحديد الحرس الثوري، وميليشيات فاطميون وميليشيات عراقية.
تعكير الأجواء
كما استطرد: إيران تحاول تعكير الأجواء، لعلمها المسبق بأن طردها من سوريا، هي خطوة وافقت عليها روسيا قبل سنوات أمام الجهات الفاعلة في الملف السوري، وعلى رأسهم إسرائيل، مشيراً إلى أن الخروقات الأخيرة التي تعرضت لها مناطق خفض التصعيد في الشمال السوري تأتي في ذات الإطار، وأن الحرس الثوري الإيراني والميليشيات العراقية والأفغانية هم من قصفوا تلك المواقع من مناطق تمركزهم في ريفي حماة وإدلب، وخاصة من المناطق التي انتشروا فيها على أطراف سراقب وكفرنبل ومعرة النعمان.
وأضاف المصدر- الذي فضل حجب اسمه، «إيران هي الجهة التي قصف عدة مواقع وبلدات في ريف إدلب خلال الساعات الماضية، وذلك بعد الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الروسي «سيرغي شويغو» مصطحباً وفداً أمنياً روسياً إلى العاصمة السورية – دمشق، والتقى خلالها بشار الأسد ووزير دفاع إضافة إلى علي مملوك الذي يشغل منصب مستشار الأسد للشؤون الأمنية.
المصدر المسؤول، ووفق بعض التسريبات الأمنية التي نقلها لـ «القدس العربي»، أكد أن موسكو منعت النظام السوري ومن أعلى مستوياته الأمنية من اتخاذ أي إجراءات أمنية خلال زيارة شويغو إلى دمشق التي قام بها يوم الإثنين، وأن الاستخبارات الروسية هي التي أمنت الزيارة وتحركات وزير الدفاع الروسي، في حين وجهت موسكو أوامر لجيش النظام السوري بمنع تحريك أي طائرة حربية أو مروحية أو إقلاعها من أي مطار خلال الزيارة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، أشار إلى أن الميليشيات الموالية والمدعومة من قبل إيران من جنسيات سورية وغيرها بدأت بتعزيز مواقعها في محيط مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي ومحيط مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي ومواقع أُخرى في جبل الزاوية.
وقف النار… وكورونا
ووفق المصدر، تنتشر في محيط كفرنبل ما يعرف بقوات (313)، وهي قوات ممولة ومدعومة من قبل إيران وتحوي مقاتلين سوريين وغير سوريين، وفي محيط سراقب تنتشر قوات تسمى بـ»قوات الرضوان» وهي تابعة بشكل كامل لـ»حزب الله» اللبناني، بالإضافة لانتشار قوات من الميليشيات العراقية الموالية لإيران في محيط سراقب. وسجل أمس جرح عنصرين وإعطاب آلية عسكرية للقوات التركية جراء دخولهم في حقل ألغام يقع في خط التماس الفاصل بين نقاط تمركز الفصائل، ونقاط تمركز قوات النظام في بلدة سفوهن في ريف إدلب الجنوبي، وفق المرصد.
على الصعيد الدولي، طالب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، بوقف فوري وكامل لإطلاق النار لمواجهة فيروس كورونا، كما طالب المبعوث الأممي بالإفراج عن المعتقلين والمختطفين على نطاق واسع، منعا لتفشي فيروس كورونا «كوفيد-19»
وأكد ضرورة وصول المنظمات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أماكن الاحتجاز، واتخاذ خطوات عاجلة لضمان الرعاية الطبية الكافية وتدابير الحماية في جميع السجون.
أما الشبكة السورية لحقوق الإنسان- منظمة غير حكومة، فأشارت عبر تقرير لها، الى أن النظام السوري في حاجة إلى 325 عاماً للإفراج عن 130000 معتقل لديه وفقاً لمراسيم العفو التي يُصدرها إن أوقف عمليات الاعتقال، مُشيرة إلى تسجيل قرابة 665 حالة اعتقال تعسفي و116 حالة وفاة بسبب التعذيب، و232 حالة إفراج منذ صدور مرسوم العفو السابق في أيلول/ 2019.
محلياً، يكاد لا يغادر البؤس المخيمات السورية العشوائية والمنظمة منها على الحدود السورية- التركية، في الشمال السوري، فحياتهم منذ سنوات لم تعرف الاستقرار، من هجمات عسكرية عنيفة إلى تهجير ونزوحا قسري، فالجميع هناك سمع وعلم بمخاطر فيروس كورونا وآثاره، في حين تبذل منظمة الدفاع السوري جهودا لتحقيق أكبر قدر من التوعية بين العامة الذين لم يلتزموا المنازل كما يجب، وفق شهادات حصلت عليها القدس العربي من الداخل السوري.
وقال مدير الدفاع السوري رائد الصالح لـ «القدس العربي»: الاستعدادات لمواجهة فيروس كورونا، لا ترقى إلى مستوى الاستعدادات المطلوبة، وإنما هناك أخذ للاحتياطات، ولا أحد يملك أي مقومات لتفعيل الإجراءات الخاصة بمواجهة الوباء في سوريا، خاصة بعد تدمير 70% من المنشأت الطبية في البلاد.
المعدات الموجودة من الأسرة وغرفة الإنعاش عددها قليل جداً حسب وزارة الصحة في الشمال السوري، وهي لا ترقى لاستقبال حالات كوباء كورونا. وأوضاع النازحين، هي بحالة كارثية، هناك عشرات التجمعات المكتظة بالسكان بدون أي مأوى، وكل ما نفعله في الشمال السوري يقتصر على الاحتياطات، لا الاستعداد للمواجهة، فالأنظمة الصحية المتطورة في العالم لم تستطع حتى الآن بمكافحة الفيروس، والاحتياطات تتم عبر عمليات التعقيم والتوعية، وللآن لا يوجد أي تمويل دولي لأي عمليات مخصصة للاستجابة الخاصة بمواجهة كورونا في سوريا.
نقلا عن القدس العربي